يجري حاليًا دراسة ومناقشة مسودة أولية طرح بها مجموعة من الاشتراطات البنائية والعمرانية لمدينة القاهرة والإسكندرية وذلك لاعتمادها وتطبيقها قبل نهاية نوفمبر بهدف التحكم في العمران بناء على عدة معايير أهمها القدرة الاستيعابية للمرافق والخدمات، وسيتم تطبيق الدراسة لاحقًا على الكثير من مدن المحافظات خاصة المدن الكبرى ومدن عواصمالمحافظات ثم يليها باقي التجمعات الصغرى التي قد تصل إلى مستوى القرى والعزب والنجوع. ومن المتوقع أن تكون مجموعة العمل التي تضم خبراء واستشاريين من إحدي الجامعات المصرية بالشراكة مع بعض الجهات المسئولة عن التخطيط العمراني قامت بدراسة الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والتأثير الخاص باقتصاد العمران الذي يعتبر قاطرة الاقتصاد في العديد من المدن خاصة وأن أغلب المستفيدين يكونون من الأفراد والقطاع الخاص في المدن القائمة ويضاف إليهم المستثمرون والمطورون العقاريون في المدن الجديدة أو على أطراف المدن القائمة والتي بها أراض فضاء كبيرة. واعتمدت الاشتراطات على التحكم في ارتفاعات المباني ونسب البناء مع ارتدادات خلفية وأمامية وجانبية بهدف الاستفادة منها في الإنارة والتهوية والتحكم في مساحة المنشأ نسبة إلى مساحة الأرض. وفي هذا الصدد مثلًا ذكرت الاشتراطات العامة ان يكون نسبة البناء 60% بعد أن كانت في بعض أحياء القاهرة 100% خاصة الأراضي ذات المساحات الصغيرة، كما ذكرت أن الارتفاعات في المدن القائمة هى مرة ونصف عرض الشارع على أن لا تزيد عن 5 أدوار على بعض الشوارع و6 على بعض الشوارع الأعرض من 20 مترًا أو تساويها وهو ما يقلل من الارتفاع الاقصى الذي كان معمولًا به طبقًا للقانون 119 حيث كان الحد الأقصى للارتفاع 36 مترًا باستثناء بعض المناطق التي سيطبق عليها اشتراطات الحجوم الذي يعتمد على كثافة تنمية الأرضي (2 ونص مرة مسطح الأرض مثلًا). الايجابيات والسلبيات والكوارث: وعلى الرغم أن هناك العديد من الايجابيات عند تطبيق هذه الاشتراطات والتي تنحصر في توفير بعض التكاليف على الدولة لتنفيذ المرافق أو لعمل بعض الخدمات، إلا أنها أيضًا سيكون لها سلبيات كبيرة حيث ستحمل فئات معينة أحمالًا إضافية كفرق أسعار شقق أو ستقلل من سعر الأرض نتيجة لتقليل كثافة التنمية. فهذه الاشتراطات بالفعل ستكون كارثة على بعض ملاك الأراضي خصوصًا من اشتروها على أساس أنها تصلح لبناء أبراج بارتفاع 12 دورًا (36 مترًا) وستكون أيضًا كارثة حقيقية على أسعار الشقق التى يتوقع ان تزيد بنسب لا تقل عن 20 أو 25%، فالمطورون عندما يقومون بتحديد سعر للمتر المسطح من الشقق السكنية يكون سعر متر الأرض موزعًا على عدد الامتار التي فوقه، فلو كان سعر المتر من الأرض موزعًا على 10 أدوار يتحمل كل متر مباني 10% من الأراضي أما لو 5 أدوار فقط فتتحمل 20%، هذا بالإضافة إلى أن البناء على 60% بدلًا من كل الأرض يزيد من تكلفة متر المباني أيضًا. وبالفعل هناك تصريحات لمجلس الوزراء وبعض المتضررين من الاشتراطات لكنها لا تشمل فقط الأراضي التي سيمنع البناء عليها أو تحويلها إلى نشاط خدمي، والتعويضات لن تشمل أصحاب الأراضي التي قلت قيمتها نتيجة تلك الاشتراطات في حين انهم سيعانون من زيادة التكاليف. والجدير بالذكر أن ارتفاع أسعار الشقق نتيجة لتحملها جزءا أكبر من سعر الأرض سيجعل هناك عزوف من شريحة كبرى من المجتمع (خاصة المتوسطة الدخل) عن شراء تلك الشقق (الأغلى ثمنًا) وستبحث عن شقق في المباني التي تم التصالح عليها والتي كافأتها الدولة بقانون التصالح وعاقبت بتلك الاشتراطات من لم يطور اراضيه بالمخالفة. ولن تقف المشكلة عند هذا الحد، خاصة إذا كان المنهج المتبع هو تقليل الارتفاعات داخل الأحوزة العمرانية في المدن والقرى الملاصقة للزراعة، فسيسعى الكثير من الفئات غير المستطيعة إلى المناطق الطرفية لشراء وحداتهم، وأن لم يكن هناك تحكم صارم في تعمير تلك المناطق الطرفية ستحدث الكارثة الأكبر وهى أننا سنجد مناطق كثيرة جدًا تتحول إلى عمران عشوائي مثل الخصوص أو عزبة الوالدة وستستفحل مشكلة العشوائيات مرة اخرى. وسيكون ذلك على حساب الاراضي الزراعية التى تعتبر أقل ثمنا حتى مع المجازفة الكبرى التي يقوم بها الأفراد والمطورون. التوصيات السبعة لعمل وتطبيق الاشتراطات على عمران المدن والقرى: أولًا: لا بد أن يكون تطبيق الاشتراطات محدودًا على بعض المناطق في المدن خاصة بما يتماشى مع اشتراطات التنسيق الحضاري (المعادي ومصر الجديدة كمثال في القاهرة)، أما باقي المناطق فيطبق عليها القانون 119 والاشتراطات التي يقترحها الاستشاريون القائمون أو الذين سيقومون بتخطيط تلك المناطق. ثانيًا: أن تساهم الاشتراطات في تكثيف التنمية داخل المدن والقرى القريبة من الزراعة أو الملاصقة لها، وعلى الدولة أن تطور خدماتها ومرافقها لتستوعب اقصى كثافة سكنية ممكنة، ويمكن أخذ بدل تحسين من طالبي التراخيص في حال الحاجة إلى ذلك. ثالثًا: يتم تسهيل استصدار التراخيص واختصار خطواتها ومدة الإصدار، على أن تعطي الجهة المسئولة تصريحا بالبناء فقط وليس رخصة، ويكون المهندسون النقابيون هم فقط المسئولون القانون 119 أو أي اشتراطات وليس الملاك ولا يسمح للملاك بالتعامل مع الاحياء أو الأجهزة أو الوحدات المحلية إلا عن طريق مهندسون، وأن يقتصر دور الأجهزة المحلية فقط على مراجعة تطبيق القانون والاشتراطات. رابعًا: توصيل المرافق للمباني فور اقرار المهندس النقابي المسئول اكتمال المبنى للحد الذي يسمح باستخدامه ومراجعة المهندسين بالحى للأعمال المنفذة واعتماد ذلك منهم، على أن تزاول الجهات الرقابية وأجهزة التفتيش مهامهم في هذا الصدد. خامسًا: في حالة تضرر أحدهم من تقليل ارتفاع المباني وتقليل نسب البناء يمكن وضع آليات لتعويضه أو بتبديل الأرض إلى ارض اخرى في مناطق ومدن جديدة. سادسًا: الإزالة الفورية لأي مخالفات تحدث مع عمل قانون وآليات لنزع ملكية الأرض أو جزء من المبنى في حالات معينة يجب دراستها جيدًا خاصة الأراضي الزراعية أو غير المملوكة للمطور المخالف. سابعًا: توجيه الآلة الإعلامية وأدواتها المختلفة في نشر التوعية لكافة فئات المجتمع وفي كافة ربوع الدولة، مع التركيز على أن يفهم الجمهور الأهداف من الاشتراطات وكيفية تطبيقها، وما هى الحوافز حال تطبيقها وما هى العقوبات إذا لم يتم تطبيقها وتوضيح الضرر من عدم التطبيق.