صدر حديثًا عن دار منشورات المتوسط ترجمة عربية من رواية "القارئ الأخير" للنَّاقد والرِّوائي والقاصّ للأرجنتيني ريكاردو بيجليا، ترجمة أحمد عبد اللطيف ريكاردو بيجليا، الذي يُعدُّ واحدًا من أهمِّ كتاب أمريكا اللاتينية، هو أيضًا أشهر من اشتغل في مجال النقد الثقافي والإبداعي وعلاقة الأدب بالتلقي، بل إن (مجلّة سوديتش زيتونج الألمانية) تعتبره: "من بين كُتّاب أمريكا اللاتينية كلّهم الذين نهضوا على أكتاف بورخيس الرائد، وأفضل مَنْ تمتّع برؤى مناخات الأدب العالمي وأراضيه". في هذا الكتاب يناقشُ بيجليا سؤالَ: ما هو القارئ؟ مَنْ هو؟ ماذا يحدث له عندما يقرأ؟ الأدب، بحسب بيجليا، يمنح اسمًا وحكايةً للقارئ. من دون كيخوتيه إلى هاملت، من بارتلبي إلى قارئ بورخس المخترَع، من إيما بوفاري إلى فيليب مارلو، نتصادف مع تنويعة لا نهائية من القرّاء: الرّائي، المريض، المُوسوَس، الميلانكولي، المترجم، الناقد، الكاتب، الفيلسوف، ولِمَ لا؟!: المؤلّف نفسه، بيجليا ك بيجليا أو بيجليا ك رينزي (الشخصية التي يتخفّى وراءها في أدبه). من الكتاب: «القارئ، مثل مَنْ يفكّ الشفرة، مثل المترجم، كان، في أحيان كثيرة، محض استعارة وأليجورية للمثقّف. فصورة مَنْ يقرأ تمثّل جزءًا من بنية صورة المثقّف بالمعنى الحديث. ليس كأديب فحسب، إنما كشخص يواجه العالم في علاقة تواسط مبدئية، في نوع محدّد من المعرفة. القراءة تتوظّف كنموذج عامّ لبنية المعنى. وتردُّد المثقّف يمثّل دومًا عدم اليقين في التأويل، في القراءات الكثيرة الممكنة للنّصّ. ثمّة توتّر بين فعل القراءة وفعل السياسة. ثمّة تعارض ضمني بين القراءة والقرار، بين القراءة والحياة العملية. هذا التّوتّر بين القراءة والتجربة، بين القراءة والحياة، نجده شديد الحضور في الحكاية التي نحاول تشييدها. وأحيانًا كثيرة يكون ما قرأناه هو الفلتر الذي يسمح بمنح معنى للتجربة. القراءة هي مرآة التجربة، هي التي تُعرّفها، وتصيغها".