الأدب بصور فنونه المتنوعة يحاول أسر التجارب الإنسانية المنفتحة واللامتناهية لثراء التجربة البشرية، ولا شك أن الشعر أحد هذه الفنون التي تحاول التحليق في فضاء الخيال، وربما هو الوسيلة الأكثر فاعلية في التعبير عن الأحلام والانفعالات والهواجس في وعي الإنسان وفي اللاوعي أيضا، وتتنوع روافد القصيدة من حيث الموضوع والشكل ليستمر العطاء الفني متجددا ودائما كما النهر.. تنشر "البوابة نيوز" عددا من القصائد الشعرية لمجموعة من الشعراء يوميا. واليوم ننشر قصيدة بعنوان "هذا الليل" للشاعر الراحل محمد عفيفي مطر. "هذا الليل" هذا الليل يبدأ دهر من الظلمات أم هي ليلة جمعت سواد الكحل والقطران من رهج الفواجع في الدهور! عيناك تحت عصابة عقدت وساخت في عظام الرأس عقدتها، وأنت مجندل يا آخر الأسرى.. ولست بمفتدى.. فبلادك انعصفت وسيق هواؤها وترابها سبيًا وهذا الليل يبدأ تحت جفنيك البلاد تكومت كرتين من ملح الصديد الليل يبدأ والشموس شظية البرق الذي يهوي إلى عينيك من ملكوته العالي فتصرخ، لا تغاث بغير أن ينحل وجهك جيفة تعلو روائحها فتعرف أن هذا الليل يبدأ لست تحصي من دقائقه سوى عشر استغاثات لفجر ضائع تعلو بهن الريح جلجلة لدمع الله في الآفاق.. هذا الليل يبدأ فابتدئ موتا لحلمك وابتدع حلما لموتك أيها الجسد الصبور الخوف أقسى ما تخاف.. ألم تقل؟! فابدأ مقام الكشف للرهبوت وانخل من رمادك، وانكشف عنك اصطف الآفاق مما يبدع الرخ الجسور.