مرت منذ أيام قليلة الذكري الأولي لرحيل الشاعر الكبير محمد عفيفي مطر دون الاحتفاء به بما يتناسب وقامته كشاعر، أبدع قصائد ودواوين في حب وعشق مصر. اعتبره النقاد ظاهرة كبيرة أثرت في مسار الشعر الحديث، وأحد أهم الشعراء المجددين في الوطن العربي. لقب بشاعر الضعفاء والمهمشين ووصفته زوجته "بحصان الحرية الجامح". محمد عفيفي مطر من ابرز شعراء جيل الستينات في مصر، امتلك تجربة ثرية حمل خلالها ثقافة موسوعية وقد اتصف بالوقوف ضد النظام السابق الذي قامت أجهزته بسجنه بسبب معارضته للسياسة والحكومة السابقة وحجبت الجوائز عنه، لكنه نال تقدير الشارع الشعبي والثقافي المصري والعربي.وكانت الحرية هي قضية حياته. وقد كانت الهيئة العامة لقصور الثقافة أصدرت أعماله الكاملة ضمن إصدارات سلسلة الأعمال الكاملة ولقبه الكثيرون من المبدعين والنقاد بالشاعر المنسي أو المغيب. تضم الأعمال الشعرية لعفيفي مطر التي صدرت في أربعة أجزاء 19 ديوانا هي مجموع ما قدمه للمكتبة الشعرية العربية من بين قصائده " كنا معا " يقول: كنا معا.. بيني وبينك خطوتان كنت صراخ اللحم تحت السوط حينما يقطع ما توصله الأرحام وشهقة الرفض إذا انقطعت مسافة الكلام بالسيف أو شعائر الإعدام كنت أحتاج الضوء والظلام وثغرة تنفذ منها الريح لليائسين من أرغفة الولاة والقضاة والخائفين من ملاحقات العسس الليلي أو وشاية الآذان في الجدران !! ويقول في قصيدة " هذا الليل يبدأ" دهر من الظلمات أم هي ليلة جمعت سواد الكحل والقطران من رهج الفواجع في الدهور! عيناك تحت عصابة عقدت وساخت في عظام الرأس عقدتها، وأنت مجندل، يا آخر الأسري... ولست بمفتدي.. فبلادك انعصفت وسيق هواؤها وترابها سبياً، وهذا الليل يبدأ، تحت جفنيك البلاد تكومت كرتين من ملح الصديد الليل يبدأ والشموس شظية البرق الذي يهوي إلي عينيك من ملكوته العالي، فتصرخ، لا تغاث بغير أن ينحل وجهك جيفة تعلو روائحها فتعرف أن هذا الليل يبدأ، لست تحصي من دقائقه سوي عشر استغاثات لفجر ضائع تعلو بهن الريح جلجلة لدمع الله في الآفاق.. هذا الليل يبدأ فابتدئ موتا لحلمك وابتدع حلما لموتك أيها الجسد الصبور الخوف أقسي ما تخاف.. ألم تقل؟! فابدأ مقام الكشف للرهبوت وانخل من رمادك، وانكشف عنك، اصطف الآفاق مما يبدع الرخ الجسور .. من داخل سجن طرة "1991