«وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم»، فبعد حصولها على 98٪ في الثانوية العامة، اضطرت «نجوى إبراهيم» للتحويل من القسم العلمى. يبدو أنه كان يجب أن تذهب إلى بعيد، لتنتزع الحلم من أطراف الصعيد، وتعود به لتهديه إلى أبيها ذلك الرجل الشديد، الذى كان قد أودعها إرادة من حديد، ورغم ما مرت به فما زال لديها من هذه الإرادة رصيد ورصيد. - كانت تحلم منذ طفولتها أن تكون طبيبة مثل معظم فتيات جيلها، لكن سرعان ما تغيرت الظروف بتغيير وجهتها إلى القسم الأدبى. وبدأت رحلتها دون الحصول على دروس خصوصية في مراحل دراستها،فالظروف الأسرية لم تكن تسمح بمزيد من النفقات،ساعدها والدها كثيرا رغم أنه عامل بسيط، لكنه كان قدوتها فاعتمدت على الله ووثقت بنفسها. وبدأت رحلتها... - فتاة المستحيل. تقول ( نجوى ) عن مشوارها الدراسي: "كنت باخد من الطلبة اللى بتاخد دروس الكتب بتاعتهم وانقل الأسئلة اللى مدرس الدرس مديهالهم في كتابى وأذاكر زيهم وكنت باخد الأسئلة وأنقلها في كشكول عشان أقدر أذاكر زيهم والحمد لله تلت سنين الإعدادى عديتهم بتفوق وطلعت من العشرة الأوائل على المدرسة "... - تستمر في المرحلة الثانوية بنفس المستوى بل أعلى، محافظة على مبدأ الاعتماد على النفس، والاستغناء عن الدرس، وانتصار الأمل على اليأس، حتى حصلت على مجموع 98 ٪،ليكن أمامها الكثير مما تختاره، ولكن الله كان قد اختار لها،والخير فيما اختاره الله، لتنقل إلى محافظة الفيوم لأول مرة في حياتها. وفى ذاكرتها من وقفوا معها في بداية مشوارها ( العم ناجح والأستاذ رضا شعيشع والأستاذة سناء والأستاذة منال ) فضلا عن والدها ووالدتها وأسرتها الذين زرعوا فيها بذور الكفاح حتى أثمرت شجرة وارفة من النجاح... - الإصرار.. منها يَغار ! تروى لنا بطلة الحكاية جزءا من الرواية في مرحلة الكلية فتقول: "كنت باقعد اذاكر طول الليل اللى أخدناه في الكلية وأيام الامتحانات كنت مش بنام غير ساعة أو اتنين والباقي بذاكر وكنت بفضل قاعدة في الفيوم بالشهر منزلش عشان أذاكر ومضيعش وقت، ولا كنت بخرج ولا أروح رحلات، كنت بستغل كل دقيقة في وقتى وبقيت أسأل اللى أكبر منى أعمل ايه عشان أبقى متميزة وأقفل كل المواد وبقيت آخد نصايح من كل اللى أكبر مني وأعمل بيها وأطلع المكتبة كل يوم اقرأ الكتب في المواد اللى بدرسها وأجمع مادة علمية أكتر وأكتر عشان أبقى متميزة" -إذا كان الصبر مُرًّا فعاقبته حلوة... الغربة بلا صحبة عذاب،لكن الله كان رحيما بها،فرزقها صحبة طيبة من الفتيات هونت عليها صعوبة الطريق... لا خروج،لا رحلات،لا إجازات، لا وقت يضيع.الحلم فقط هو ما كانت تراه وتسعى إليه،إلى أن حصلت على المركز الخامس في السنة الأولى من الكلية لكن المركز الخامس على الكلية في السنة الأولى لا يكفى لمواصلة المشوار، فكان المركز الأول في الانتظار. الأولى في السنوات الثلاثة التالية، والتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف العالية، ليتم تعيينها كمعيدة، وتسعى أن تحقق نجاحات عديدة وعديدة. فتاة المستحيل،ومفاجأة الجيل، اقتنعت بالقليل، ووثقت في رب جليل،فكافأها الله بعد الصبر الجميل ؛ لذا استحقت أن تُكتب مع الأصيلة والأصيل. وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا وما استعصى على قومِ منالٌ إذا الإقدام كان لهم ركابا الحلوة بلادى.انتظرونا وحكاية جديدة