ترأس البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، القداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا في الأحد الرابع من زمن الفصح، أحد الراعي الصالح واليوم العالمي للصلاة من أجل الدعوات رفع فيه الصلاة على نيّة الكهنة والأطباء. وقال البابا: "بعد ثلاثة أسابيع من قيامة الرب تحتفل الكنيسة اليوم في الأحد الرابع من الفصح بأحد الراعي الصالح، يسوع الراعي الصالح. هذا الأمر يجعلني أفكّر بالعديد من الرعاة في العالم الذين يضحّون بحياتهم في سبيل المؤمنين. أفكر أيضًا برعاة آخرين يعتنون جيّدًا بالناس وهم الأطباء. نحن نتحدّث عن الأطباء وعن الذي يقومون به ولكن علينا أن نتنبّه أنّه وفي إيطاليا فقط توفي مائة وأربع وخمسون طبيبًا خلال قيامهم بخدمتهم. ليساعدنا مثال هؤلاء الرعاة الكهنة والأطباء لكي نعتني بشعب الله المقدّس". استهل البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، عظته انطلاقًا من القراءة الأولى التي تقدمها الليتورجية (نظام العبادة والطقس داخل الكنيسة الكاثوليكية)، اليوم من رسالة القديس بطرس الأولى التي يكتب فيها القديس بطرس أننا قد شُفينا بجراح يسوع ويقول: "كُنتُم كالغَنَمِ ضالِّين، أَمَّا الآن فقَد رَجَعتُم إِلى راعي نُفوسِكم وحارِسِها". يسوع هو الراعي الذي يأتي ليخلّص الخراف الضالة. ويتحدّث إنجيل اليوم عن الباب الذي تخل منه الخراف ويقول إنَّ مَن لا يَدخُلُ حَظيرَةَ الخِرافِ مِنَ الباب بل يَتَسَلَّقُ إِلَيها مِن مَكانٍ آخَر فهُو لِصٌّ سارِق وراع مُزيَّف. ونجد في تاريخ الكنيسة العديد من الرعاة المزيّفين الذين يستغلّون القطيع ويريدون المال والمناصب. لكنّ القطيع يعرفهم ويبحث عن الله على دروبه. إن الراعي الصالح يُصغي إلى القطيع ويقوده ويعتني به والقطيع يعرف كيف يميّز بين الرعاة وهو لا يُخطئ؛ إن القطيع يثق بالراعي الصالح، يثق بيسوع؛ ووحده الراعي الذي يُشبه يسوع يمنح الثقة للقطيع. على أسلوب الراعي أن يكون أسلوب يسوع؛ والراعي الصالح وديع وحنون ولا يدافع عن نفسه، يتحلى بحنان القرب ويعرف الخراف بأسمائها ويعتني بكل خروف كما ولو كان الوحيد. إن الراعي الصالح يسوع يرافقنا دائمًا في مسيرة الحياة. ويسوع قد أراد الكنيسة وهو يحفظها. هذا الأحد هو أحد جميل، أحد سلام وحنان لأنَّ الراعي الصالح يعتني بكل فرد منا كما يقول المزمور الثاني والعشرين: "الرب راعي فلا يعوزني شيء". قال البابا فرنسيس، إن القراءة الأولى التي سمعناها من رسالة القديس بطرس الأولى هي نص سلام وسكينة ويتحدّث عن يسوع ويكتب فيه بطرس الرسول: "هو الَّذي حَمَلَ خَطايانا في جَسَدِه على الخَشَبة لِكَي نَموتَ عن خَطايانا فنَحْيا لِلبِرّ. وهو الَّذي بِجراحِه شُفيتم. فقَد كُنتُم كالغَنَمِ ضالِّين، أَمَّا الآن فقَد رَجَعتُم إِلى راعي نُفوسِكم وحارِسِها". يسوع هو الراعي – هكذا يراه بطرس – وهو يأتي ليخلِّص الخراف الضالة، وقد رنّمنا في المزمور الثاني والعشرين: "الرب راعي فلا يعوزني شيء". إنه حضور الرب كراعٍ للقطيع. ويسوع في الفصل العاشر من إنجيل القديس يوحنا، والذي قرأناه في الإنجيل، يقدّم نفسه كالراعي، وليس كراع وحسب وإنما الباب الذي يدخل منه القطيع أيضًا وجميع الذين لم يدخلوا من ذلك الباب هم لصوص أو سارقون أو يريدون أن يستغلّوا القطيع: إنهم الرعاة المزيّفون. ونجد في تاريخ الكنيسة العديد منهم وكانوا يستغلّون القطيع. لم يكن يهمّهم القطيع بل كانوا يهتمّون فقط بالمناصب أو السياسة أو المال. لكنّ القطيع يعرفهم وعرفهم على الدوام وكان يسير بحثًا عن الله على دروبه. تابع بابا الفاتيكان: ولكن عندما يكون هناك راع صالح، نجد أيضًا قطيعًا يسير قدمًا، لأن الراعي الصالح يصغي إلى القطيع ويقوده ويعتني به. والقطيع يعرف كيف يميّز بين الرعاة وهو لا يخطئ: القطيع يثق بالراعي الصالح ويثق بيسوع، وحده الراعي الذي يشبه يسوع يمنح الثقة للقطيع لأنّه هو الباب. على أسلوب الراعي أن يكون أسلوب يسوع وليس هناك من أسلوب آخر. ولكنّ يسوع الراعي الصالح، كما قال القديس بطرس في رسالته: "لقد تأَلَّمَ المسيحُ أَيضًا مِن أَجلِكم وترَكَ لَكم مِثالًا لِتقتَفوا آثارَه. إنَّه لم يَرتكِبْ خَطيئَةً ولَم يُوجَدْ في فَمِه غِشّ. شُتِمَ ولَم يَرُدَّ على الشَّتيمَةِ بِمِثلِها. تأَلَّمَ ولم يُهَدِّدْ أَحَدًا، بل أَسلَمَ أَمْرَه إِلى مَن يَحكُمُ بِالعَدْل". لقد كان وديعًا. إن إحدى علامات الراعي الصالح هو الوداعة. الراعي الصالح وديع. إن لم يكن الراعي وديعًا فهو ليس راعيًا صالحًا. ويملك شيئًا يخفيه لأنَّ التواضع يظهر كما هو بدون أقنعة. لا بل الراعي هو حنون ويتحلّى بحنان القرب، ويعرف الخراف كلها ويعرفها بأسمائها ويعتني بكل خروف كما ولو كان الوحيد، لدرجة أنّه إن عاد يومًا إلى البيت بعد تعب نهار عمل طويل وتنبّه لغياب خروف يخرج مرّة أخرى للبحث عنه، وإذا وجده حمله على كتفه وعاد به إلى البيت. هذا هو الراعي الصالح، هذا هو يسوع الذي يرافقنا جميعًا في مسيرة الحياة. وفكرة الراعي والقطيع والخراف هذه هي صورة فصحيّة، والكنيسة ترنّم في الأسبوع الأول من زمن الصوم نشيدًا جميلًا من أجل المعمّدين الجدد وتصفحه بالحملان... هذه هي فكرة الجماعة ويسوع قد أراد الكنيسة وهو يحفظها. وختم البابا فرنسيس عظته بالقول هذا الأحد هو أحد جميل! إنه أحد السلام والحنان والوداعة لأنّ راعينا يعتني بنا: "الرب راعي فلا يعوزني شيء". وفي ختام الذبيحة الإلهية وبعد أن منح البركة بالقربان المقدّس دعا البابا فرنسيس المؤمنين ليقوموا بالمناولة الروحية رافعًا هذه الصلاة: يا يسوعي أنا أؤمن بأنّك حاضر حقًّا في سرّ القربان المقدس. أحبُّك فوق كلِّ شيء وأرغب في أن تسكن في نفسي. وإذ لا يمكنني أن أتناولك بشكل أسراري تعال إلى قلبي بشكل روحي؛ ومتى أتيت سأعانقك وأتّحد بك بكلِّيَتي، فلا تسمح أبدًا لشيء بأن يفصلني عنك.