إعداد : سهيل عبده · دمشق آخر من يعلم باختراق طائرات إسرائيل لأجوائها · إدانة روسية وعربية وإيرانية.. ترحيب غربي وصمت خليجي برعاية قطر والسعودية بعيد كشف شبكة “,”س ي إن إن“,” الأمريكية، النقاب عن قيام الطائرات الإسرائيلية بغارات داخل الأراضي السورية، استهدفت من خلالها شحنة صواريخ إيرانية موجهة إلى حزب ال ل ه اللبناني، وبعض المواقع الكيماوية المشبوهة، اكتشف النظام السوري- فجأة - أن أراضيه تعرضت للقصف من قبل المقاتلات الإسرائيلية الغاشمة. وبعد أن زالت آثار الصدمة، خرج علينا وزير الإعلام “,”عمران الزغبي“,” كعادة النظام السوري، ليعلن شجب وإدانة حكومته لهذا الخرق الإسرائيلي المخالف للقانون والمعاهدات الدولية، ويتوعد بالرد الماحق والساحق لأذناب إسرائيل في الداخل والخارج، ويؤكد أن الخيارات كلها أصبحت مفتوحة للرد على العدو الصهيوني الجائر، تمامًا مثلما اخترقت الطائرات الإسرائيلية المجال الجوي السوري قبل سنوات، وحامت حول القصر الرئاسي بدمشق، وضربت مشروعها النووي السري، وتوعد أيضًا النظام السوري بالرد في الوقت والزمان المناسبين - وكلاهما لم يحن وقته إلى الآن. وعلى الفور، توالت ردود الأفعال الدولية والعربية على التدخل الإسرائيلي الثاني خلال يومين، وعبرت العديد من الأطراف عن مخاوفها وطالبت باتخاذ مواقف حاسمة وسريعة لتجنب تدهور الأوضاع أكثر في سوريا بشكل كارثي، ومن أهم تلك الأطراف موقف الولاياتالمتحدة التي أعطت الضوء الأخضر لإسرائيل لاتخاذ كل ما يلزمها من تدابير لحفظ أمنها واستقرارها في المنطقة، فحسب تصريحات الرئيس أوباما، أن من حق إسرائيل أن تأخذ حذرها من نقل أسلحة متقدمة إلى حزب الله، وذلك بعد يوم من استهداف إسرائيل شحنة صواريخ في سوريا كانت متجهة إلى حزب الله، ولنفس المبرر ترى إنجلترا على لسان وزير خارجيتها “,”وليام هيج“,” أن إسرائيل تتحرك على الأرض لحماية أمنها القومي وعلينا احترام ذلك. بينما عبرت الخارجية الروسية عن بالغ قلقها من قيام إسرائيل بشن ضربات جوية على سوريا، معتبرةً أنها “,”تهدد بتصعيد التوتر في الدول المجاورة لسوريا“,”. ومن جانبها، اعتبرت إيران أن العدوان الإسرائيلي على سوريا يهدف إلى “,”إضعاف محور المقاومة“,”، ونقلت وكالة فارس الإيرانية عن المتحدث باسم الخارجية “,”رامين مهمانبرست“,” قوله إن “,”الكيان الصهيوني وحماته يسعون إلى إثارة الخلافات القومية والطائفية بين الدول الإسلامية“,”، داعيًا دول المنطقة إلى “,”الوحدة والتضامن في مواجهة تهديدات الكيان الإسرائيلي“,”. وأدانت كل من مصر والجزائر ولبنان والجامعة العربية والأمم المتحدة هذا الاعتداء السافر ودعت المجتمع الدولي الى الوقوف في وجه إسرائيل لوقف انتهاكاتها المستمرة على الأراضي العربية حتى لا تندفع المنطقة كلها الى أتون أزمات ومشاكل لا نهائية. ومن جهة أخرى، رأت كل من حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينيتين وحزب الله اللبناني، أن إسرائيل قد تجاوزت كل الخطوط الحمراء، وطالبت الدول العربية والمجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم وموحد لمنع هذا العدوان الإسرائيلي المتكرر ووضع حد له . أما تركيا والائتلاف الوطني السوري المعارض، فحملا الرئيس الأسد مسئولية ما يحدث على الأرض السورية، ووصفه “,”رجب أردوغان“,”-رئيس وزراء تركيا- بالجزار، وقال إنه سيدفع ثمنًا غاليًا على قتله الأطفال. و أخيرًا يبدو جليًا، أن مجلس التعاون الخليجي لم يقدم على إدانة العدوان الإسرائيلي بشكل واضح على الأراضي السورية، حيث تحلم كل من قطر والسعودية بشكل خاص، بإسقاط النظام الحالي في سوريا بأي شكل ووسيلة في أسرع وقت، وإن كان ذلك من خلال إضعافه بأيدي إسرائيلية، لذلك يعتبر إحجام المجلس الخليجي عن الإدانة بمثابة موافقة ضمنية على استهداف النظام السوري، وإضعاف الموالين له في لبنان “,”حزب الله“,” وحليفته الاستراتيجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية من قبل أي قوى دولية وحتى إن كانت إسرائيل. السيناريوهات القادمة ويرى العميد صفوت الزيات - الخبير الاستراتيجي- أن الغارة الإسرائيلية قد غيرت قواعد اللعبة في سوريا، وقد تساهم في تخفيف كثافة الصواريخ التي تتعرض لها المدن والبلدات السورية، وأوضح أن كل ما تفعله إسرائيل هو تمهيد لخيار عسكري يبحث فيه أوباما والغرب حاليًا، وتحديدًا قصف بعض الأهداف لتقليص القدرات العسكرية للجيش النظامي. ورأى في “,”هذه المرحلة التمهيدية جس نبض“,” لاحتمال تغيير حلفاء النظام السوري لموقفهم ودعمهم له، وأشار إلى أن هذه الضربات المدعومة من واشنطن تصحح “,”الخلل في التوازن العسكري، الذي هو في مصلحة النظام“,” وتأتي في سياق محسوب ومنظم ومقدر من واشنطن، لأن هذه الضربات قد تؤدي لردود أفعال يقوم بها حلفاء النظام لا تستطيع إسرائيل وحدها التعامل معها، حسب تعبيره. ومن جهتها، اعتبرت صحيفة “,” لوس أنجلوس تايمز “,” الأمريكية، الغارات الإسرائيلية الجديدة، نقطة تحول مفصلية في الأزمة السورية التي راح ضحيتها أكثر من70 ألف قتيل حتى الآن. ورأت صحيفة “,”الإندبندنت“,” البريطانية، أنه إذا كان الغرب يعرب عن قلقه إزاء احتمال استخدام دمشق لترسانتها من الأسلحة الكيميائية ضد المتمردين، فإن تل أبيب تخشى من أن يقوم نظام بشار الأسد بنقل منظومة الأسلحة المتطورة إلى حزب الله، وهو ما قد “,”يؤدي إلى تغيير موازين القوى مع حزب الله اللبناني الذي يعد الجناح العسكري لطهران على الحدود الشمالية لإسرائيل“,”. ومن جهة أخرى، يستبعد “,”منذر ماخوس“,” - سفير الائتلاف الوطني المعارض بباريس- أن تكون هذه الغارة تمهيدًا للتدخل الخارجي في البلاد، وأكد أن المجتمع الدولي لا يريد تغيير موازين القوى على الأرض عبر إسرائيل، التي نفى أن تكون غارتها الأخيرة من أجل تخفيف الضغط عن المعارضة المسلحة، وإنما كان لمصلحة أمن واستقرار إسرائيل.