اعتبر صدور الترجمة العربية لرسائل «فان جوج» بعنوان «المخلص دوما.. فنسنت: جواهر من رسائل فان جوخ» عن دار الكتب خان حدثا ثقافيا كبيرا. هذا العمل الكلاسيكى الذى يعد من أهم الأعمال فى تاريخ الأدب الفنى على الإطلاق، وقع فيما يقرب من 1300 صفحة، بترجمة ياسر عبداللطيف، ومحمد مجدى، وتحرير ياسر عبداللطيف. الكتاب ضم مجموعة مختارة من 265 خطابًا من أصل 903 كتبها فان جوخ مصحوبا ب 108 من الإسكتشات الأصلية والصور. الكتاب يلقى الضوء على محاولات فان جوخ فى البحث عن مصيره، وهو البحث الذى قاده إلى أن يصبح فنانًا عظيمًا. كما يتطرق إلى رابطة الأخوة التى جمعته بشقيقه تيو، وعلاقته المتوترة مع والده، ورغبته الدائمة فى تقدير فنه، وشغفه الشديد بالفن والأدب. لا تعرض المراسلات فقط جزءًا من حياة فان جوخ الشخصية المعقدة، ولكنها أيضًا تأريخ للفن والأدب فى عصره، خصوصًا الحركة الفنية فى باريس فى ذلك الوقت. يكتب فان جوخ عن الحياة من وجهة نظره ويبحث عن المعرفة والموسيقى والأدب، يكتب عن بيوت الدعارة وقصص الحب الحزينة، عن الصراعات العائلية، وبالطبع عن اللوحات التى يرسمها. ثم بالنهاية يكتب عن الشجن والمرض والاضطراب النفسيّ، وهو مدفوع فى كل الأحوال بأحلامه والرغبة فى صنع شيء خالد للتاريخ. خطابات فان جوخ عمل مهم، سواء كنت مهتمًا بالفن، أو النفس البشرية أو حتى الأدب. ولد فنسنت فان جوخ فى الثلاثين من مارس 1853 بشرق هولندا لكاهن بروتستانتى. حصل على وظيفته الأولى عام 1869 فى فرع لمؤسسة فنيّة دولية فى لاهاى. بدأ الكتابة لأخيه الأصغر مراسلات لم تنته حتى وفاته، اضطرته وظيفته للتنقل بين لندنوباريس، لكنه لم يكن مهتمًا بالعمل وتم فصله عام 1876. وفى عمر السابعة والعشرين، قرر أن يصبح رسامًا، انتقل كثيرًا ليدرس الرسم والألوان، حاصلًا على الدعم الماليّ من أخيه تيو. عام 1886، التحق فنسنت بأخيه تيو فى باريس، وقابل العديد من الفنانين منهم ديجاس، وبيسارو، وجوجان الذى نمت بينهم علاقة صداقة. وفى عام 1888، انتقل فان جوخ إلى بروفانس فى جنوبفرنسا حيث رسم سلسلة لوحات زهور الشمس الشهيرة. عرض على جوجان الانتقال معه، لكنهما بدءا فى الشجار، وذات ليلة هدد فان جوخ جوجان بموسى الحلاقة، ومن شدة ندمه على تلك الحادثة، قطع فان جوخ جزءا من أذنه بنفس الموسى، وكانت تلك بداية مشكلات فان جوخ الذهنية التى صاحبته بقية حياته، قضى الكثير من الوقت فى المصحات النفسية، وفى السابع والعشرين من يوليو سنة 1890، أثناء نوبة اكتئاب أخرى، أطلق فنسنت النار على نفسه ومات بعد يومين.