«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القس عيد صلاح يكتب: قوة القيامة والمعرفة المغيرة للحياة
نشر في البوابة يوم 19 - 04 - 2020

الاحتفال بهذا العيد احتفال مختلف، حيث يمر العالم بظروف صعبة، ونصلي أنْ تتحول الأزمة إلى فرصة نرى فيها وجه يسوع أكثر، ونعرفه أكثر، وفي نفس الوقت نعرف نفوسنا أكثر، فتغير. في الأعوام السابقة كان البعض ينشغل كثيرًا بالبعد الاجتماعيّ-مع أهميته- للعيد الذي كان يأخذ حيزًا كبيرًا من التفكير. ولكن هذا العام خلا الاحتفال من المظاهر الاجتماعيّة نتيجة للعزلة المفروضة علينا صحيًا بسبب فيروس كورونا.
وفي ظل الاحتفال هذا العام، والظروف الصعبة التي نمر بها، نتذكر أنَّ الصليب والموت والقيامة والصعود ليست هي أحداث تاريخيّة مضت وأنتهت بل هي حدث روحيّ متجدّد ومستمر في حياة الكنيسة والمؤمنين عبر الزمان، وهي أسلوب حياة ومنهاج تفكير.
أدرك الرسول بولس هذا الأمر، فقال: "لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِه" (فيلبي 3: 10)، وهو يحقّق صلاة المسيح "وَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ" (يوحنا 17: 3). الفعل المميز هنا في كلام المسيح وكلام بولس خاص بالمعرفة، وهي ليست مجرد حشو معلومات أو أفكار، ولكن فعل مغير للحياة ومجرياتها. ومن خلال هذه المعرفة تقود إلى موقف واعٍ، فيقول الرسول بولس: "لأَنَّنِي عَالِمٌ بِمَنْ آمَنْتُ، وَمُوقِنٌ أَنَّهُ قَادِرٌ أَنْ يَحْفَظَ وَدِيعَتِي إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ." (2 تي 1: 12). وفي مقابل ما يعدده من امتيازات في فيلبي 3، يصل إلى نتيجة هامة أنها يحسبها نفاية، بلا قيمة من أجل فضل معرفة المسيح، فيقول: "بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضًا خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ،" (في 3: 8)
السؤال: لماذا أهتم الرسول بولس بالمعرفة، في قوله لأعرفه؟ تكون الإجابة، لأنَّه أدرك أنَّ المعرفة-أي معرفة الله من خلال المسيح-هي قوة مغيرة للإنسان وللحياة، فهو أختبر هذا في حياته، فيحكي عن اختباره، كنت وأصبحت،وهو اختبار كل من يعرف المسيح، بالقول: "أَنَا الَّذِي كُنْتُ قَبْلًا مُجَدِّفًا وَمُضْطَهِدًا وَمُفْتَرِيًا. وَلكِنَّنِي رُحِمْتُ، لأَنِّي فَعَلْتُ بِجَهْل فِي عَدَمِ إِيمَانٍ." (1 تي 1: 13)، ليصبح المسيح بعد ذلك محورًا لحياته، فيقول: "لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ." (في 1: 21)، ويقول أيضًا: "فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ" (غلاطية 2: 10).
فمنذ معرفته بالمسيح وهو في الطريق إلى دمشق، في بداية لقائه مع المسيح "يَا رَبُّ، مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ؟ (أعمال الرسل 9: 6)، حتى قوله: "لأَعْرِفَهُ" (فيلبي 3: 10)، رحلة حياة طويلة يكون المسيح محورها وهدفها وأساسها وقاعدتها، وقد أدرك أنَّ المعرفة مدخلٌ حقيقيٌّ لتغيير الحياة بجملتها.
يستخدم الرسول بولس عبارات دالة في وصف هذه العلاقة المغيرة، في ثلاثة مواقف هامة: في المسيح، مع المسيح، عن المسيح. فهو في المسيح يعبر عن الهوية أي الحالة التي عليها في المسيح، ومع المسيح يتحدث عن الخبرة الروحيّة التي يعيشها ويحياها، وعن المسيح يتحدث عن الدور والرسالة المطلوبة منه نحو الآخرين. الهوية والخبرة والرسالة معًا في ترابط وانسجام وتناغم، تعبر عن وعي روحيّ قويّ ومغير. في المسيح نكتشف ذواتنا، ورحلتنا الإيمانيّة، ورسالتنا ودورنا للعالم المحيط بنا.
أولاً: هويتنا في المسيح
يعبر الرسول بولس عن أنَّ هويته من خلال استخدامه للتعبير الذي يستخدمه كثيرًا في كتاباته،وهو "في المسيح"، ونعرض فقط القليل من كثير لاستخدامه لهذا المصطلح الذي من خلاله يعبر عن هويته ومكانته، في اتحاد وعلاقة وثيقة مع المسيح، فيقول أنه في المسيح نال الحياة الجديدة: "إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا." (2كورنثوس 5: 17)، وفي المسيح حياة، إذ يقول "لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ هَكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ (1 كو 15: 22)، وفي المسيح أيضًا لا دينونة "إذًا لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ (رومية 8: 1)،
وفي المسيح يختبر وحدة الجسد "هكَذَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ: جَسَدٌ وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ، وَأَعْضَاءٌ بَعْضًا لِبَعْضٍ، كُلُّ وَاحِدٍ لِلآخَرِ." (رو 12: 5). هذا الجسد فيه وحدة في تنوع وتنوع في وحدة، وضد اي شكل من اشكال العنصرية والتمييز "لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ." (غل 3: 28).
وفي المسيح يختبر الانتصار، فينشد هذه الأنشودة، "وَلكِنْ شُكْرًا للهِ الَّذِي يَقُودُنَا فِي مَوْكِبِ نُصْرَتِهِ فِي الْمَسِيحِ كُلَّ حِينٍ، وَيُظْهِرُ بِنَا رَائِحَةَ مَعْرِفَتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ." (2 كو 2: 14)، ويختبر البركة الحقيقية "مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ (أفسس 1: 3).
الهوية التي هي في المسيح، ومن خلاله هي حياة الخليقة الجديدة في مقابل الأشياء العتيقة التي مضت، ومن خلالها-أي الخليقة الجديدة- ومن خلال المسيح لا دينونة، وحياة في مقابل الموت، جسد واحد في مقابل التشرذم والعنصرية، ونصرة في مقابل الهزيمة والإنكسار، وانطلاقة وبركة حقيقية.
يوضِّح الرسول بولس أيضًا العلاقة بين المسيح والروح والكنيسة، فوجود المؤمن في المسيح أشرنا إليها، ولكن هذاالمؤمن في شركة الروح "إِنْ كَانَتْ شَرِكَةٌ مَا فِي الرُّوحِ" (فيلبي 3: 1)، وفي الكنيسة أيصَا "فَوَضَعَ اللهُ أُنَاسًا فِي الْكَنِيسَةِ (1 كورثوس 12: 28).
الوجود في المسيح مرتبط بالوجود في الروح ومرتبط أيضًا بالوجود في الكنيسة، لا غنى للواحدة عن الأخرى. فالذين هم في المسيح هم في الكنيسة هم في الروح، والذين هم في الروح هم في الكنيسة وهم في المسيح، والذين هم في الكنيسة هم في الروح وفي المسيح.
في المسيح نعرف هويتنا، وقيمتنا، ومكانتنا، وولائنا الحقيقي، وفيه أيضًا نسترد هويتنا الضائعة، وإنسانيتنا المفقودة لننعود إلى الصورة المثلى التي خلقنا عليها، وهي أننا مخلوقين على صورة الله، "فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ" (تكوين 1: 27) "وَتَلْبَسُوا الإِنْسَانَ الْجَدِيدَ الْمَخْلُوقَ بِحَسَبِ اللهِ فِي الْبِرِّ وَقَدَاسَةِ الْحَقِّ.(أفسس 24:4).
ثانيًا: الخبرة الروحيّة
الرسول بولس استخدم الأحداث الرئيسية الخاصة بشخص المسيح، وهو يعلن عن الاتحاد به من خلال هذه الأحداث، فهو مع المسيح في رحلة الآلم والصليب والموت والدفن والقيامة والصعود،ويستخدم هنا عبارة "مع المسيح". فيقول "مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي." (غلاطية 2: 20). والصليب هو مركز تفكير بولس الرسول " "وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ." (غلاطية 6: 14)، "الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ" (غلاطية 5: 24)، ومع المسيح دفن وقيامة "مَدْفُونِينَ مَعَهُ فِي الْمَعْمُودِيَّةِ، الَّتِي فِيهَا أُقِمْتُمْ أَيْضًا مَعَهُ بِإِيمَانِ عَمَلِ اللهِ، الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ" (كولوسي 2: 12)، وفي المسيح قيامة وصعود "وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ،" (أفسس 2: 6).
في هذه الرحلة، مع المسيح، هي رحلة واقعية، بين الألم والمجد، بين الموت والقيامة، تعالج أي إنكسار أو هزيمة، أو يأس، أو إحباط في الحياة، وهذه الرحلة تقود إلى الأخلاقيّات المرتبطة بالموت والقيامة،كخبرة عملية في الحياة "إِذًا إِنْ كُنْتُمْ قَدْ مُتُّمْ مَعَ الْمَسِيحِ عَنْ أَرْكَانِ الْعَالَمِ، فَلِمَاذَا كَأَنَّكُمْ عَائِشُونَ فِي الْعَالَمِ؟ تُفْرَضُ عَلَيْكُمْ فَرَائِضُ" (كولوسي 2: 20)، "فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِيحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَيْثُ الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ، اهْتَمُّوا بِمَا فَوْقُ لاَ بِمَا عَلَى الأَرْضِ، أَنَّكُمْ قَدْ مُتُّمْ وَحَيَاتُكُمْ مُسْتَتِرَةٌ مَعَ الْمَسِيحِ فِي اللهِ...فَأَمِيتُوا أَعْضَاءَكُمُ الَّتِي عَلَى الأَرْضِ: الزِّنَا، النَّجَاسَةَ، الْهَوَى، الشَّهْوَةَ الرَّدِيَّةَ، الطَّمَعَ الَّذِي هُوَ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ" (كولوسي 3: 1- 5).
ثالثًا: الرسالة والدور
الذين هم في المسيح، وهويتهم فيه، وولائهمم وانتمائهم له، والذي يعيشون في رحلة روحية مع المسيح، وخبرتهم معه، هم بالطبع يعيشون لرسالة سامية وفريدة عن المسيح. فبعد إعلان الوجود الحقيقي من الخليقة الجديدة في المسيح يعلن عن الرسالة والدور "إِذًا نَسْعَى كَسُفَرَاءَ عَنِ الْمَسِيحِ، كَأَنَّ اللهَ يَعِظُ بِنَا. نَطْلُبُ عَنِ الْمَسِيحِ: تَصَالَحُوا مَعَ اللهِ." (2 كو 5: 20). رسالة المصالحة هي الرسالة والدور الذي يُقدَّم للعالم في كل عصر وفي كل مكان، وهو احتياج حقيقي لا غنى عنه.
يقدّم الرسول بولس ثلاث أمور مرتبطة بالمصالحة: خدمة المصالحة"وَلكِنَّ الْكُلَّ مِنَ اللهِ، الَّذِي صَالَحَنَا لِنَفْسِهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَأَعْطَانَا خِدْمَةَ الْمُصَالَحَةِ،" (2 كو 5: 18). وكلمة المصالحة "أَيْ إِنَّ اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحًا الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ، وَوَاضِعًا فِينَا كَلِمَةَ الْمُصَالَحَةِ." (2 كو 5: 19)، ورسالة المصالحة "تَصَالَحُوا مَعَ اللهِ." (2 كو 5: 20). ففي الداخل كلمة المصالحة، والرسالة والخدمة هي المصالحة، فالمصالحة تشمل داخل وخارج الإنسان، فهو يتحدث وينادي بخبرة معاشة وليست فكرة نظرية.
المصالحة نتيجة عمل المسيح ونتيجة وجودنا في المسيح، وخبرتنا الرروحية مع المسيح، هذا الوجود يقود إلى السلام مع الله، والنفس، والآخرين.ما أحوج نفوسنا والعالم إلى رسالة السلام في وسط المخاوف والمخاطر التي نعيش فيها بسبب فيروس كورونا.
في طريق المعرفة، ندرك هويتنا ومكانتنا، وانتمائنا وولائنا، وقيمتنا هي "في المسيح"، ورحلتنا الروحيّة هي "مع المسيح"، ورسالتنا ودورنا هي "عن المسيح"، وفي هذا الطريق الذي لا نهاية له في المعرفة، نكتشف هويتنا، ونعيش رحلتنا، ونقوم بدورنا ورسالتنا.
ليكن الاحتفال في ظل هذه الأيام الصعبة التي نمر بها، والتي نعيش فيها، سبب لمعرفة أكثر للمسيح، ومعرفة أكثر لنفوسنا، لنكون على استعداد تام، لنعرف هويتنا، ونعيش رحلتنا، وندرك رسالتنا. "لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِه» (فيلبي 3: 10).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.