الذهب والديون ومؤشر الخوف.. وإرهاصات العام الجديد    حزب حماة الوطن: مصر أعادت إحياء القضية الفلسطينية ونجحت في حشد القوى العالمية    إن تذاكر تنجح.. مبروك    ترامب والأصدقاء العرب وراء حضور رئيس الفيفا لقمة شرم الشيخ لإنهاء الحرب في غزة    مصرع أم وإصابة أبنائها في حادث تصادم مأساوي بين ملاكي وكارو بوسط مطروح    تأجيل استئناف المتهم بقتل مالك مقهى أسوان على حكم إعدامه ل16 ديسمبر المقبل    أغنية على الممر    محافظ الجيزة: إحياء منطقة نزلة السمان كمقصد سياحي وثقافي عالمي    رئيس الطائفة الإنجيلية: مصر تؤكد ريادتها في ترسيخ السلام بقمة شرم الشيخ    نقابة الأطباء: حبس المعتدين على طبيب سوهاج العام 4 أيام على ذمة التحقيقات    ساب أكل عيشه وجري ينقذهم.. ميخائيل عياد يكشف تفاصيل سقوط تروسيكل محمل بطلاب مدارس في الترعة    تعليم الجيزة: تسليم أجهزة التابلت لطلاب الصف الأول الثانوي خلال 24 ساعة    لاعب يد بالأهلي: نحترم جميع المنافسين ببطولة إفريقيا.. وهدفنا الفوز باللقب    هل الحزن علامة ضعف؟.. أمين الفتوى يجيب    روتين صباحي يعزز صفاء الذهن قبل العمل أو المدرسة    رابط استيفاء النموذج الإلكتروني للمخاطبين بقانون الإيجار القديم    خبير استراتيجي ل"كلمة أخيرة": تصريحات ترامب تهدف لإعادة ترسيم الحدود    12 عرضا مسرحيا.. برنامج ملتقى شباب المخرجين بمسرحى السامر وروض الفرج    تأييد السجن 3 سنوات ل5 خطفوا شابين وأجبروهما على ارتداء ملابس نسائية بالصف    هل يجوز إخراج زكاة الذهب للأقارب؟ .. عضو بمركز الأزهر تجيب    الجبلي: الزراعة تشهد طفرة غير مسبوقة بدعم من الرئيس السيسي    وكيل الصحة بالمنوفية: إنشاء صندوق لتلقي الشكاوى داخل المستشفيات    مدير مستشفى كفر الشيخ العام يحيل واقعة إعداد موظفات لإفطار جماعي للتحقيق    هل تنفَّذ وصيّة الميت بمنع شخص من جنازته؟.. أمين الفتوى يُجيب    انطلاق الدورة الرابعة من معرض الأقصر للكتاب.. و«شمس الدين الحجاجي» شخصية العام    وزير خارجية النرويج: قمة شرم الشيخ للسلام محطة بالغة الأهمية    محافظ المنوفية يتابع منظومة التصالح على مخالفات البناء وتقنين أراضي أملاك الدولة    الرئيس السيسي يبحث تعزيز العلاقات الثنائية مع إيطاليا في مختلف المجالات    المجلس الإعلامي الأوروبي يدين مقتل الصحفيين في غزة    رئيس جامعة بني سويف التكنولوجية يستقبل وفد المعهد الكوري للاقتصاد الصناعي والتجارة    حسن الدفراوي: منافسات المياه المفتوحة في بطولك العالم صعبة    إحالة العاملين المتغيبين في مركز الرعاية الأولية بالعريش للتحقيق بعد زيارة مفاجئة    بيطري الإسماعيلية يشرف على ذبح 1646 رأس ماشية و2 مليون طائر    التوربينات تعمل بشكل محدود، خبير يكشف تأثير زلازل إثيوبيا ال7 على سد النهضة    تكريم أفضل طلاب الجامعات الملتحقين ببرنامج التدريب الصيفي بوزارة الرى    أحمد ياسر يعتذر لطارق مصطفى بعد تصريحاته الأخيرة: حصل سوء فهم    محافظة بورسعيد: جارٍ السيطرة على حريق بمخزنين للمخلفات بمنطقة الشادوف    ضبط صانع محتوى في الإسكندرية نشر فيديوهات بألفاظ خادشة لتحقيق أرباح    برلماني: قمة شرم الشيخ تؤكد أن مصر تظل منبرًا للحوار ومقرًا للسلام العالمي    مدبولي يُتابع مشروع إنشاء القوس الغربي لمحور اللواء عُمر سليمان بالإسكندرية    فيديو توضيحى لخطوات تقديم طلب الحصول علي سكن بديل لأصحاب الإيجارات القديمة    استبعاد لياو من المشاركة مع البرتغال ضد المجر فى تصفيات كأس العالم    خالد جلال ضيف بودكاست كلام فى السينما مع عصام زكريا الليلة على الوثائقية    هتافات وتكبير فى تشييع جنازة الصحفى الفلسطيني صالح الجعفراوى.. فيديو    محدش يعرف حاجة عنهم.. 5 أبراج تكتم أسرارها وخطوات حياتها عن الناس    10 آلاف سائح و20 مليون دولار.. حفل Anyma أمام الأهرامات ينعش السياحة المصرية    ضبط 9 متهمين وتشكيل عصابي تخصصوا في سرقات السيارات والدراجات والبطاريات بالقاهرة    محافظ القاهرة: تكثيف أعمال الرقابة علي كافة السلع وضبط الأسواق    ماكرون: سنلعب دورا في مستقبل قطاع غزة بالتعاون مع السلطة الفلسطينية    محمد رمضان يوجّه رسالة تهنئة ل«لارا ترامب» في عيد ميلادها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    إعلان أسماء مرشحي القائمة الوطنية بانتخابات مجلس النواب 2025 بمحافظة الفيوم    تشكيل منتخب فرنسا المتوقع أمام آيسلندا في تصفيات كأس العالم 2026    استبعاد فيران توريس من معسكر منتخب إسبانيا قبل مواجهة بلغاريا    مصطفى شوبير: لا خلاف مع الشناوي.. ومباريات التصفيات ليست سهلة كما يظن البعض    رئيس «الرعاية الصحية» يتفقد مجمع الفيروز بجنوب سيناء استعدادًا لقمة شرم الشيخ    طريقة تحميل صحيفة أحوال المعلمين 2025 بصيغة PDF من موقع الوزارة (رابط مباشر)    سعد خلف يكتب: السلاح الروسى الجديد.. رسالة للردع أم تجديد لدعوة التفاوض؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القس عيد صلاح يكتب: قوة القيامة والمعرفة المغيرة للحياة
نشر في البوابة يوم 19 - 04 - 2020

الاحتفال بهذا العيد احتفال مختلف، حيث يمر العالم بظروف صعبة، ونصلي أنْ تتحول الأزمة إلى فرصة نرى فيها وجه يسوع أكثر، ونعرفه أكثر، وفي نفس الوقت نعرف نفوسنا أكثر، فتغير. في الأعوام السابقة كان البعض ينشغل كثيرًا بالبعد الاجتماعيّ-مع أهميته- للعيد الذي كان يأخذ حيزًا كبيرًا من التفكير. ولكن هذا العام خلا الاحتفال من المظاهر الاجتماعيّة نتيجة للعزلة المفروضة علينا صحيًا بسبب فيروس كورونا.
وفي ظل الاحتفال هذا العام، والظروف الصعبة التي نمر بها، نتذكر أنَّ الصليب والموت والقيامة والصعود ليست هي أحداث تاريخيّة مضت وأنتهت بل هي حدث روحيّ متجدّد ومستمر في حياة الكنيسة والمؤمنين عبر الزمان، وهي أسلوب حياة ومنهاج تفكير.
أدرك الرسول بولس هذا الأمر، فقال: "لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِه" (فيلبي 3: 10)، وهو يحقّق صلاة المسيح "وَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ" (يوحنا 17: 3). الفعل المميز هنا في كلام المسيح وكلام بولس خاص بالمعرفة، وهي ليست مجرد حشو معلومات أو أفكار، ولكن فعل مغير للحياة ومجرياتها. ومن خلال هذه المعرفة تقود إلى موقف واعٍ، فيقول الرسول بولس: "لأَنَّنِي عَالِمٌ بِمَنْ آمَنْتُ، وَمُوقِنٌ أَنَّهُ قَادِرٌ أَنْ يَحْفَظَ وَدِيعَتِي إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ." (2 تي 1: 12). وفي مقابل ما يعدده من امتيازات في فيلبي 3، يصل إلى نتيجة هامة أنها يحسبها نفاية، بلا قيمة من أجل فضل معرفة المسيح، فيقول: "بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضًا خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ،" (في 3: 8)
السؤال: لماذا أهتم الرسول بولس بالمعرفة، في قوله لأعرفه؟ تكون الإجابة، لأنَّه أدرك أنَّ المعرفة-أي معرفة الله من خلال المسيح-هي قوة مغيرة للإنسان وللحياة، فهو أختبر هذا في حياته، فيحكي عن اختباره، كنت وأصبحت،وهو اختبار كل من يعرف المسيح، بالقول: "أَنَا الَّذِي كُنْتُ قَبْلًا مُجَدِّفًا وَمُضْطَهِدًا وَمُفْتَرِيًا. وَلكِنَّنِي رُحِمْتُ، لأَنِّي فَعَلْتُ بِجَهْل فِي عَدَمِ إِيمَانٍ." (1 تي 1: 13)، ليصبح المسيح بعد ذلك محورًا لحياته، فيقول: "لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ." (في 1: 21)، ويقول أيضًا: "فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ" (غلاطية 2: 10).
فمنذ معرفته بالمسيح وهو في الطريق إلى دمشق، في بداية لقائه مع المسيح "يَا رَبُّ، مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ؟ (أعمال الرسل 9: 6)، حتى قوله: "لأَعْرِفَهُ" (فيلبي 3: 10)، رحلة حياة طويلة يكون المسيح محورها وهدفها وأساسها وقاعدتها، وقد أدرك أنَّ المعرفة مدخلٌ حقيقيٌّ لتغيير الحياة بجملتها.
يستخدم الرسول بولس عبارات دالة في وصف هذه العلاقة المغيرة، في ثلاثة مواقف هامة: في المسيح، مع المسيح، عن المسيح. فهو في المسيح يعبر عن الهوية أي الحالة التي عليها في المسيح، ومع المسيح يتحدث عن الخبرة الروحيّة التي يعيشها ويحياها، وعن المسيح يتحدث عن الدور والرسالة المطلوبة منه نحو الآخرين. الهوية والخبرة والرسالة معًا في ترابط وانسجام وتناغم، تعبر عن وعي روحيّ قويّ ومغير. في المسيح نكتشف ذواتنا، ورحلتنا الإيمانيّة، ورسالتنا ودورنا للعالم المحيط بنا.
أولاً: هويتنا في المسيح
يعبر الرسول بولس عن أنَّ هويته من خلال استخدامه للتعبير الذي يستخدمه كثيرًا في كتاباته،وهو "في المسيح"، ونعرض فقط القليل من كثير لاستخدامه لهذا المصطلح الذي من خلاله يعبر عن هويته ومكانته، في اتحاد وعلاقة وثيقة مع المسيح، فيقول أنه في المسيح نال الحياة الجديدة: "إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا." (2كورنثوس 5: 17)، وفي المسيح حياة، إذ يقول "لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ هَكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ (1 كو 15: 22)، وفي المسيح أيضًا لا دينونة "إذًا لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ (رومية 8: 1)،
وفي المسيح يختبر وحدة الجسد "هكَذَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ: جَسَدٌ وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ، وَأَعْضَاءٌ بَعْضًا لِبَعْضٍ، كُلُّ وَاحِدٍ لِلآخَرِ." (رو 12: 5). هذا الجسد فيه وحدة في تنوع وتنوع في وحدة، وضد اي شكل من اشكال العنصرية والتمييز "لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ." (غل 3: 28).
وفي المسيح يختبر الانتصار، فينشد هذه الأنشودة، "وَلكِنْ شُكْرًا للهِ الَّذِي يَقُودُنَا فِي مَوْكِبِ نُصْرَتِهِ فِي الْمَسِيحِ كُلَّ حِينٍ، وَيُظْهِرُ بِنَا رَائِحَةَ مَعْرِفَتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ." (2 كو 2: 14)، ويختبر البركة الحقيقية "مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ (أفسس 1: 3).
الهوية التي هي في المسيح، ومن خلاله هي حياة الخليقة الجديدة في مقابل الأشياء العتيقة التي مضت، ومن خلالها-أي الخليقة الجديدة- ومن خلال المسيح لا دينونة، وحياة في مقابل الموت، جسد واحد في مقابل التشرذم والعنصرية، ونصرة في مقابل الهزيمة والإنكسار، وانطلاقة وبركة حقيقية.
يوضِّح الرسول بولس أيضًا العلاقة بين المسيح والروح والكنيسة، فوجود المؤمن في المسيح أشرنا إليها، ولكن هذاالمؤمن في شركة الروح "إِنْ كَانَتْ شَرِكَةٌ مَا فِي الرُّوحِ" (فيلبي 3: 1)، وفي الكنيسة أيصَا "فَوَضَعَ اللهُ أُنَاسًا فِي الْكَنِيسَةِ (1 كورثوس 12: 28).
الوجود في المسيح مرتبط بالوجود في الروح ومرتبط أيضًا بالوجود في الكنيسة، لا غنى للواحدة عن الأخرى. فالذين هم في المسيح هم في الكنيسة هم في الروح، والذين هم في الروح هم في الكنيسة وهم في المسيح، والذين هم في الكنيسة هم في الروح وفي المسيح.
في المسيح نعرف هويتنا، وقيمتنا، ومكانتنا، وولائنا الحقيقي، وفيه أيضًا نسترد هويتنا الضائعة، وإنسانيتنا المفقودة لننعود إلى الصورة المثلى التي خلقنا عليها، وهي أننا مخلوقين على صورة الله، "فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ" (تكوين 1: 27) "وَتَلْبَسُوا الإِنْسَانَ الْجَدِيدَ الْمَخْلُوقَ بِحَسَبِ اللهِ فِي الْبِرِّ وَقَدَاسَةِ الْحَقِّ.(أفسس 24:4).
ثانيًا: الخبرة الروحيّة
الرسول بولس استخدم الأحداث الرئيسية الخاصة بشخص المسيح، وهو يعلن عن الاتحاد به من خلال هذه الأحداث، فهو مع المسيح في رحلة الآلم والصليب والموت والدفن والقيامة والصعود،ويستخدم هنا عبارة "مع المسيح". فيقول "مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي." (غلاطية 2: 20). والصليب هو مركز تفكير بولس الرسول " "وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ." (غلاطية 6: 14)، "الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ" (غلاطية 5: 24)، ومع المسيح دفن وقيامة "مَدْفُونِينَ مَعَهُ فِي الْمَعْمُودِيَّةِ، الَّتِي فِيهَا أُقِمْتُمْ أَيْضًا مَعَهُ بِإِيمَانِ عَمَلِ اللهِ، الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ" (كولوسي 2: 12)، وفي المسيح قيامة وصعود "وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ،" (أفسس 2: 6).
في هذه الرحلة، مع المسيح، هي رحلة واقعية، بين الألم والمجد، بين الموت والقيامة، تعالج أي إنكسار أو هزيمة، أو يأس، أو إحباط في الحياة، وهذه الرحلة تقود إلى الأخلاقيّات المرتبطة بالموت والقيامة،كخبرة عملية في الحياة "إِذًا إِنْ كُنْتُمْ قَدْ مُتُّمْ مَعَ الْمَسِيحِ عَنْ أَرْكَانِ الْعَالَمِ، فَلِمَاذَا كَأَنَّكُمْ عَائِشُونَ فِي الْعَالَمِ؟ تُفْرَضُ عَلَيْكُمْ فَرَائِضُ" (كولوسي 2: 20)، "فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِيحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَيْثُ الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ، اهْتَمُّوا بِمَا فَوْقُ لاَ بِمَا عَلَى الأَرْضِ، أَنَّكُمْ قَدْ مُتُّمْ وَحَيَاتُكُمْ مُسْتَتِرَةٌ مَعَ الْمَسِيحِ فِي اللهِ...فَأَمِيتُوا أَعْضَاءَكُمُ الَّتِي عَلَى الأَرْضِ: الزِّنَا، النَّجَاسَةَ، الْهَوَى، الشَّهْوَةَ الرَّدِيَّةَ، الطَّمَعَ الَّذِي هُوَ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ" (كولوسي 3: 1- 5).
ثالثًا: الرسالة والدور
الذين هم في المسيح، وهويتهم فيه، وولائهمم وانتمائهم له، والذي يعيشون في رحلة روحية مع المسيح، وخبرتهم معه، هم بالطبع يعيشون لرسالة سامية وفريدة عن المسيح. فبعد إعلان الوجود الحقيقي من الخليقة الجديدة في المسيح يعلن عن الرسالة والدور "إِذًا نَسْعَى كَسُفَرَاءَ عَنِ الْمَسِيحِ، كَأَنَّ اللهَ يَعِظُ بِنَا. نَطْلُبُ عَنِ الْمَسِيحِ: تَصَالَحُوا مَعَ اللهِ." (2 كو 5: 20). رسالة المصالحة هي الرسالة والدور الذي يُقدَّم للعالم في كل عصر وفي كل مكان، وهو احتياج حقيقي لا غنى عنه.
يقدّم الرسول بولس ثلاث أمور مرتبطة بالمصالحة: خدمة المصالحة"وَلكِنَّ الْكُلَّ مِنَ اللهِ، الَّذِي صَالَحَنَا لِنَفْسِهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَأَعْطَانَا خِدْمَةَ الْمُصَالَحَةِ،" (2 كو 5: 18). وكلمة المصالحة "أَيْ إِنَّ اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحًا الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ، وَوَاضِعًا فِينَا كَلِمَةَ الْمُصَالَحَةِ." (2 كو 5: 19)، ورسالة المصالحة "تَصَالَحُوا مَعَ اللهِ." (2 كو 5: 20). ففي الداخل كلمة المصالحة، والرسالة والخدمة هي المصالحة، فالمصالحة تشمل داخل وخارج الإنسان، فهو يتحدث وينادي بخبرة معاشة وليست فكرة نظرية.
المصالحة نتيجة عمل المسيح ونتيجة وجودنا في المسيح، وخبرتنا الرروحية مع المسيح، هذا الوجود يقود إلى السلام مع الله، والنفس، والآخرين.ما أحوج نفوسنا والعالم إلى رسالة السلام في وسط المخاوف والمخاطر التي نعيش فيها بسبب فيروس كورونا.
في طريق المعرفة، ندرك هويتنا ومكانتنا، وانتمائنا وولائنا، وقيمتنا هي "في المسيح"، ورحلتنا الروحيّة هي "مع المسيح"، ورسالتنا ودورنا هي "عن المسيح"، وفي هذا الطريق الذي لا نهاية له في المعرفة، نكتشف هويتنا، ونعيش رحلتنا، ونقوم بدورنا ورسالتنا.
ليكن الاحتفال في ظل هذه الأيام الصعبة التي نمر بها، والتي نعيش فيها، سبب لمعرفة أكثر للمسيح، ومعرفة أكثر لنفوسنا، لنكون على استعداد تام، لنعرف هويتنا، ونعيش رحلتنا، وندرك رسالتنا. "لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِه» (فيلبي 3: 10).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.