وجهت الصين رسالة تحذير قوية عبر وزير خارجيتها وانغ يى اليوم (الجمعة) عند لقائه بنظيره الامريكى جون كيرى ، مفادها أن الصين لن تسمح ابدا بأى فوضى أو حرب فى شبه الجزيرة الكورية ، وأن الصين جادة فى هذا الأمر، وأن بكين لا تكتفي بقول ذلك فقط بل ستفعله". يأتي ذلك فى وقت أعرب خلاله كيري عن رغبة الرئيس الأمريكي باراك أوباما فى لقاء ثان مع نظيره الصيني شي جين بينغ ، حيث من المنتظر أن تتاح فرص لهذه القمة في مناسبات مختلفة مثل قمة التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا - الباسيفيك في بكين ، وقمة مجموعة العشرين في أستراليا ، كما أنه يتوقع أيضا أن تعقد الدولتان الحوار الإستراتيجي والاقتصادي السادس والمشاورات الخامسة رفيعة المستوى حول التبادلات الشعبية ، علاوة على تبادل كبار المسؤولين العسكريين للزيارات. وكان جون كيري قد بدأ اليوم زيارته الثانية للصين بصفته وزير الخارجية الأمريكية بأن ناقش مع القادة الصينيين مجموعة من القضايا مثل النزاعات البحرية في منطقة آسيا - الباسيفيك ، والتعاون الثنائي بشأن تغير المناخ ، وشبه الجزيرة الكورية ، والطاقة النظيفة ، فيما توقع محللون صينيون أن تكون هذه فرصة جيدة لتهدئة الوضع المتوتر في منطقة آسيا - الباسيفيك حيث تأتى زيارته وسط توترات هائلة ومتصاعدة بين اليابان ، حليف الولاياتالمتحدة ، والصين. من جانبهم ، أشار محللون سياسيون صينيون ، متخصصون فى العلاقات الدولية الاسيوية - الأمريكية ، إلى أنه قبل أن يخوض الجانبان في هذه الموضوعات ، كان ينبغى على كيري أن يبذل جهدا لإزالة بعض العقبات على الطريق ، وربما كان عليه أن يبدأ تصريحاته برد واضح وموثوق فيه على النقد الذي وجهته واشنطن مؤخرا لمنطقة تحديد الهوية لأغراض الدفاع الجوي التي أقامتها الصين وخط التسعة قطاعات الذي أعلنته الصين في بحر الصين الجنوبي. ولفت المحللون ، فى تعليق لهم بشأن تصور العلاقات المستقبلية بين البلدين بناء على المستحدثات الدولية الحالية ، إلى إنه خلال زيارة وزير الخارجية الياباني فوميو كيشيدا لواشنطن ، وعد وزير الخارجية الأمريكي مرة أخرى بالدفاع عن حليفه المثير للمشكلات في النزاعات الإقليمية ، وهو ما صفوه بانه انتهاك واضح للحيادية التي وعدت بها واشنطن . وقال المحللون الصينيون إنه على الولاياتالمتحدة أن تعلم بأنه في الوقت الذي تسعى فيه بكين دوما إلى معالجة خلافاتها الإقليمية مع دول الجوار عبر الوسائل السلمية ، فإنها لن تتردد في إتخاذ خطوات لتأمين مصالح الأمن القومي الرئيسية لها وفقا للحقوق السيادية للصين ، وإنه لتهدئة التوترات الإقليمية المتوهجة ، فالأمر الصواب الذي يتعين على واشنطن فعله في هذه اللحظة هو عدم توجيه اللوم إلى الصين ، وإنما الضغط على اليابان لوقف تحركاتها الاستفزازية . وأضافوا أنه إذا ما أخفقت الولاياتالمتحدة في كبح جماح تصرفات ساسة اليمين المتطرف في اليابان وجلست مكتوفة الأيدي فيما يستعيد مثيرو الحرب السلطة الدستورية لشن حرب ، فلا أحد يمكنه أن يضمن عدم تكرار هجمات دموية مثل التي تعرض لها ميناء بريل هاربور قبل أكثر من 70 عاما .. موضحين أن المهمة المجزية والأكثر تبصرا التي ينبغى على القادة في واشنطنوبكين القيام بها هى تنحية خلافاتهما جانبا مواصلة تنفيذ اتفاقهما غير المسبوق ببناء نمط جديد من العلاقات بين البلدان الكبرى. من ناحية أخرى ، أشار المحللون الصينيون إلى أن الدولتين تشتركان في الكثير من المصالح فيما يتعلق بنزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية ، وتعزيز التنمية الصديقة البيئة ، واستخدام الطاقة النظيفة ، ومعالجة تحديات تغير المناخ ، وإنه بسبب الافتقار إلى الثقة المتبادلة ، مازالت الكثير من العقبات تعترض المضي قدما في تعاون أكثر دينامية وتنوعا بين الصينوالولاياتالمتحدة ، ولهذا ، فإن النجاح في زيادة الثقة المتبادلة هو السبيل لكى لا تضيع جهود تعاونهما سدى. وعلى صعيد التجارة ، قال المحللون أنه لابد للجانبين من العمل سويا على إحتواء عملية ظهور تحركات الحمائية مجددا ، موضحين أن اختيار السيناتور المخضرم ماكس بوكوس ، وهو على دراية جيدة بقضايا التجارة والأعمال مع الصين ، لمنصب السفير القادم للولايات المتحدةببكين يعد مؤشرا على أن إدارة أوباما متحمسة لعلاقات تجارية قوية بينهما. وبالنسبة لتعاونهما العسكري ، وهو الجزء الذي وصفه المحللون الصينيون بأنه الأكثر ضعفا في العلاقات الثنائية ، أوضحوا أنه يتعين على الجانبين تعزيز آلية التواصل الفعالة فيما بينهما على جميع المستويات ، سواء في مراكز القيادة أو على ظهر أي سفينة حربية ، حيث قد يساعد هذا على تفادى سوء حكم محتمل على التصرفات ، ويضمن عدم تكرار تصادم كاد أن يقع بين سفينة حربية صينية وأخرى أمريكية في أواخر العام الماضي. وقال المحللون إنه من الواضح أن الصينوالولاياتالمتحدة هما اللاعبان الرئيسيان في تحديد ملامح مستقبل منطقة آسيا – الباسيفيك ، واستشهدوا بما قاله وزير الخارجية الأمريكي السابق هنرى كيسنجر في كتابه (حول الصين) " يا لها من عظمة إذا ، ما استطاعت الولاياتالمتحدةوالصين دمج جهودهما ليس لهز العالم ، وإنما لبنائه". وشدد المحللون الصينيون على أنه من المأمول أن تساعد زيارة كيري الدولتين على دمج جهودهما لنزع فتيل التوترات وتعزيز الاستقرار والتنمية على الصعيدين لإقليمي والعالمي على المدى الطويل.