على الرغم من الشعارات الإسلامية والتصريحات الحنجورية التى يرددها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان تجاه القدس والقضية الفلسطينية، إلا أن الواقع العملى يكذب ذلك، نرصد في هذا التقرير تفاصيل العلاقات العسكرية بين أردوغان والكيان الصهيوني. ففى عام 2002، بمجرد تولى حزب العدالة والتنمية الحكم، وقعت تركيا مع إسرائيل عقدًا عسكريًا بقيمة 999 مليون دولار، بهدف تطوير دبابات تركية ليصل عددها إلى 270 دبابة من طراز إم 90. وفى عام 2005، اشترت تركيا نظم محطات أرضية من شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية بتكلفة 294 مليون دولار، وبموجب هذا الاتفاق، حصلت تركيا على 20 محطات أرضية تضم كل واحدة منها 4 أو3 طائرات بدون طيار. وفى نفس العام، زار رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان إسرائيل وبحث مع المسئولين الإسرائيليين توقيع صفقة عسكرية تصل قيمتها إلى نصف مليار دولار، تنص على تحديث 4 طائرات حربية من طراز إف 4 فانتوم وفى مارس 2009 أبرمت السلطات العسكرية التركية صفقتين دفاعيتين مع إسرائيل، الصفقة الأولى لبرامج استطلاعية عالية التقنية، والثانية لأغراض التشويش على الرادارات، وفى عام 2008، تواصل التعاون العسكرى بين البلدين، فقد تعددت زيارات المسئولين العسكريين المتبادلة سواء على مستوى وزير الدفاع، أم على مستوى القوات الجوية والبحرية. بالتوازى مع هذا في نفس العام، جرت مناورات عسكرية جوية وبحرية مشتركة مع إسرائيل والولايات المتحدةالأمريكية، واستمر التعاون الاستخباراتى بين تركيا وإسرائيل بشأن الأكراد، حيث تُعتبر الحرب القائمة بين تركيا والأكراد، هى دافع من الدوافع التى دفعت تركيا إلى التوجه نحو إسرائيل عسكريًا لطلب المعدات المتطورة العسكرية، التى ترصد الأكراد في شمال العراقوسوريا. كما تحتضن تركيا أكبر مصانع أسلحة للجيش الإسرائيلي، ووصل إلى التعاون العسكرى والسماح للطيران العسكرى الإسرائيلى بالتحليق في الأجواء التركية، حيث ينص الاتفاق على تبادل الطيارين 8 مرات في السنة؛ ويسمح للطيارين الإسرائيليين بالتحليق فوق الأراضى التركية لتدريب وصقل قدرات الطيارين الإسرائيليين، ليصوبوا على رؤوس الفلسطينيين بدقة، في تناقض مربك لموقف الرئيس التركى وحزبه تجاه القضية الفلسطينية. في يوليو 2014 أطلقت إسرائيل عملية «الجرف الصامد» ضد حركة حماس، وهو ما اضطر أردوغان للخروج بتصريحات عنترية كعادته، دعمًا وتأييدًا لعملائه في غزة، وقال: إن «الهجوم الإسرائيلى على غزة تجاوز وحشية هتلر». لكن المفاجأة، أن حكومة أردوغان في هذا الوقت بالتحديد كانت تؤمن للجيش الإسرائيلى حصصه الغذائية من مختلف المؤن والأطعمة المعلبة التى يتزود بها الجنود والضباط الإسرائيليون، خلال عمليات القتال في غزة. وهذا ما فضحته وزارة الدفاع الإسرائيلية، بعد أن أزعجتها تصريحات أردوغان العنترية، إذ أكدت في بيان أن المنتجات الغذائية التى يستخدمها الجيش الإسرائيلى مستوردة من تركيا، وأشارت إلى وجود صفقات مماثلة عقدها أردوغان مع حكومة آرييل شارون الإسرائيلية عام 2002 وتستمر حتى عام 2022. لم يقتصر الأمر على هذا فقط، إذ تبين أن نفط شمال العراق، أو النفط الكردي، يباع إلى إسرائيل عبر تركيا، ويستخدم كوقود للطائرات الإسرائيلية التى قصفت قطاع غزة، عام 2014 حيث أشار تقرير هيئة رقابة وتنسيق سوق الطاقة الصادر في أغسطس عام 2015، إلى زيادة مستمرة في صادرات النفط الإسرائيلى إلى تركيا. وخلال العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة في الفترة بين يوليو عام 2014 ومايو 2015 تزايدت صادرات النفط الإسرائيلى إلى تركيا بنسبة 84.95٪، لترتفع من 118 ألف طن إلى 218 ألف طن. التعاون العسكرى بين تركيا وإسرائيل، لم يقف عند هذا الحد، بل امتد إلى استعانة أردوغان بالطائرات المسيرة الإسرائيلية خلال تدعيمه ميليشيات فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الليبية، إذ أسقطت قوات الجيش الوطنى الليبى طائرتين مسيرتين من صناعة إسرائيلية، طراز «أوربيتر- 3». كما كشفت الصحافة التركية إحدى المسائل المسكوت عنها في خطابات السلطة الحاكمة في أنقرة، ففى ديسمبر 2012 أكد المتحدث الإعلامى باسم اتحاد حاملى الجنسية التركية في إسرائيل، رفائيل سعدي، أن هناك عددًا كبيرًا من المواطنين الأتراك يخدمون داخل الجيش الإسرائيلي، وذلك بسبب توريط أردوغان جيش بلاده في حروب ونزاعات لا طائل من تحتها مع حزب العمال الكردستاني، جنوب شرقى البلاد وفى شمالى العراق، التى لا تزال تكبد الجيش التركى عشرات الخسائر يوما بعد آخر، فضلا عن صراعاته المسلحة مع وحدات حماية الشعب الكردية وقوات سوريا الديمقراطية في سورية، ناهيك عن صراعه مع قبرص في مياهها الإقليمية.. كل ذلك دفع الشبان الأتراك للهروب من هذا الجحيم الذى أشعله أردوغان دون أن يتمكن من إخماده. الهجمة الشرسة التى أطلقها أردوغان على الجيش التركى عقب أحداث مسرحية انقلاب يوليو، ساهمت في عزوف الشبان الأتراك عن الخدمة في الجيش التركي، وهو الأمر الذى يمكن عده ضمن مخطط أردوغان الطامح لتصفية الجيش التركي.