وسط التدخلات الإقليمية لتركيا اشتعل التوتر مجدداً بين حزب العمال الكردستاني شمال العراق وحكومة أنقرة وأدت المصادمات الي مقتل 15 تركياً خلال الثلاثة أيام الماضية، واضطر الرئيس التركي عبدالله جول لعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن امس الاول وقرر اتخاذ تدابير مما أسماه مكافحة الأرهاب. اللافت ان العمليات العسكرية الكردية تزايدت بالتزامن مع الهجوم العسكري الذي نفذته القوات الخاصة الاسرائيلية ضد «أسطول الحرية» الذي كان يستهدف كسر الحصار عن قطاع غزة وارجعت تحليلات المراقبين والمتخصصين تصعيد النزاع بين الحزب الانفصالي وسلطات انقرة الي محاولة محور «واشنطن - تل أبيب» معاقبة تركيا عن طريق حزب العمال الكردستاني بتنفيذ عمليات حرب بالوكالة ضد تركيا بعد توتر العلاقة بينهما مؤخرا. وأوضح د. محمد مجاهد استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ان هناك اتهامات داخلية بتركيا لاسرائيل بأنها وراء التصعيد الكردي ضدها خاصة ان حزب العمال الكردستاني يستخدم ادوات متطورة في عملياته الاخيرة، مشيرا الي ان هذا قد يكون وراءه بعض التسريبات الاستخباراتية من اسرائيل للحزب خاصة انه كان هناك تعاون استخباري تركي اسرائيلي من قبل ضد الحزب. ورغم ان مجاهد اكد ان عودة التصعيد العسكري بين تركيا والاكراد لن يؤثر علي الموقف الاقليمي للاولي الا انه اشار الي انه سيؤثر علي المعادلة السياسية الداخلية حيث سيعطي دوراً اكبر للمؤسسة العسكرية صاحبة المرجعية العلمانية علي حساب حزب العدالة الاسلامي، وهو ما قد يؤثر علي مسار الانتخابات الرئاسية المقبلة التي يعتزم رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان المنافسة فيها. وأكد استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة د. عبدالمنعم المشاط ان اي توتر بين تركيا والاقليات يتم اثارته من جانب اسرائيل لان الاخيرة لها تواجد قوي في المناطق الكردية بتركيا وايران والعراق، فضلا عن التعاطف الامريكي للاكراد بدليل سماحها باستقلالهم في شمال العراق. وأضاف المشاط ان امريكا واسرائيل تريد ان من هذا النزاع توجيه رسالة لتركيا ان لديهما ادوات قوية لمعاقبة تركيا، مشيرا في نفس الوقت ان هذا لن يخرج عن اطار الضغط لزيادة التحالف التركي الاسرائيلي لتحجيم النظام الاقليمي العربي في المنطقة. وتشير مجموعة من التقارير الاستخباراتية إلي أن حزب العمال الكردستاني استطاع تحسين قدراته العسكرية مؤخرا حيث ارتفع عدد عناصره المسلحة الي 18 الفا في بداية العام الحالي إلا من 3 آلاف مسلح في عام 2007 وتنسيق الارتباط الميداني بسلسلة من الفصائل الكردية المسلحة في شمال العراق. في المقابل كشف الجنرال ايلكر باشبوج القائد العام للجيش التركي ان بلاده تعتمد بشكل اساسي علي الطائرات التي اشترتها من اسرائيل وتعمل بدون طيار لرصد الاكراد في العراق خلال الايام الاخيرة وحسب وكالات الانباء توجه وفد عسكري فني تركي الي تل ابيب لاجراء الاختبارات الاخيرة علي 4 طائرات من طراز «هيرون» بدون طيار قبل ان تتسلمها تركيا كآخر جزء في صفقة من 10 طائرات وقع عليها الجانبان عام 2005 ورغم تهديد تركيا بالغاء الصفقة بعد ازمة اسطول الحرية الا انها تراجعت عن تهديدها لاستكمالها بينما أكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أن حكومته تتراجع عن تنفيذ مشروع «الأخرة والتضامن» كل المشكلة الكردية. الصراع بين تركيا وحزب العمال الكردستاني في الشرق والجنوب الشرقي لتركيا وشمال العراق بدأ مباشرة اعماله العسكرية في عام 1984 منذ اعلان الانتفاضة الكردية ورغم اعلان اكثر من هدنة الا ان وتيرة العنف دائما ما تتجدد بين الطرفين حتي اصبحت المنطقة تعرف بمثلث الموت. ويطالب الأكراد بالانفصال بدولة مستقلة عن تركيا، وتشير الاحصاءات أنهم قتلوا نحو 30 ألف تركياً طوال مواجهاتهم.