بعدما أعلن البلاط السلطانى العمانى عن وفاة سلطان عمان قابوس بن سعيد عن عمر يناهز ال 79 عاما بعد صراع مع المرض، وبعد نحو 50 عاما من حكم السلطان قابوس، وجدت سلطنة عمان نفسها أمام اختيار خليفة السلطان الراحل، وأمام تحديات تبدأ من اختيار السلطان الجديد وحتى التحديات التى سيعمل على مواجهتها داخليًا وخارجيًا. طبقا للنظام الأساسى للدولة -الذى يعد الدستور الحاكم للسلطة العمانية - الصادر عام 1996 والمعدل عام 2011، فإن «نظام الحكم سلطانى وراثى في الذكور من ذرية تركى بن سعيد بن سلطان، ويشترط فيمن يختار لولاية الحكم من بينهم أن يكون مسلما رشيدا عاقلا وابنا شرعيا لأبوين عمانيين مسلمين» طبقا للمادة الخامسة، وتحدد المادة السادسة من النظام الأساسى آلية الاختيار، حيث «يقوم مجلس العائلة المالكة، خلال ثلاثة أيام من شغور منصب السلطان، بتحديد من تنتقل إليه ولاية الحكم. فإذا لم يتفق مجلس العائلة المالكة على اختيار سلطان للبلاد قام مجلس الدفاع بالاشتراك مع رئيسى مجلس الدولة ومجلس الشورى ورئيس المحكمة العليا وأقدم اثنين من نوابه بتثبيت من أشار به السلطان فى رسالته إلى مجلس العائلة». ثم يؤدى السلطان الجديد اليمين قبل ممارسة صلاحياته، في جلسة مشتركة لمجلسى عمان والدفاع. على أن تستمر الحكومة في تسيير أعمالها كالمعتاد فيما بين وفاة السلطان الراحل واختيار السلطان الجديد وممارسته لصلاحياته. في الواقع فقد أصدر مجلس الدفاع بيانين حسم خلالهما أمر خلافة السلطان قابوس، حيث نص البيان الأول على دعوة مجلس الدفاع بجميع أعضائه لمجلس العائلة المالكة للانعقاد لتحديد من تنتقل إليه ولاية الحكم. ولم ينتظر المجلس الثلاثة أيام المنصوص عليها بالدستور العماني، وسريعا تلقى المجلس رد مجلس العائلة المالكة حيث انعقد الأخير وقرر تثبيت من أوصى به السلطان قابوس في وصيته. وبناء على ذلك عقدت جلسة فتح الوصية بحضور أعضاء مجلس الدفاع ورئيسى مجلس الدولة ومجلس الشورى ورئيس المحكمة العليا وأقدم اثنين من نوابه، وأقر باختيار هيثم بن طارق، وهو ابن عم السلطان قابوس بتولى مهام السلطة. وقد دفعت هذه التطورات المتسارعة مجلس الدفاع لعدم التقيد بمدة الثلاثة أيام المنصوص عليها بالدستور العمانى بل أصدر المجلس بيانه الثانى بعد نحو أربع ساعات فقط من البيان الأول معلنا فيه أن هيثم بن طارق بن تيمور هو سلطان عمان الجديد. وقد أدى السلطان الجديد اليمين القانونية أمام مجلس عمان عقب ذلك. وبالطبع فإن اختيار السلطان الجديد بهذه السلاسة يشكل تغلبا على ما كان يعتبره عدة محليين تحديا سيواجه الدولة العمانية بعد وفاة السلطان قابوس. حيث لم تحتج السلطنة حتى إلى تفعيل النصوص الدستورية لحسم الخلافات، ولا شهدت الأسرة الحاكمة خلافات وتكتلات لاختيار السلطان الجديد، مفضلين تجاوز كل ذلك بتنصيب من رشحه السلطان الراحل، وهو ما كان سيحدث أيضًا في حالة حدوث خلافات داخل الأسرة وعدم توحيد الاختيار. مهام السلطان وصلاحياته طبقا للنظام الأساسى لسلطة عمان، فإن مهام السلطان تتحدد في المحافظة على استقلال البلاد ووحدة أراضيها، وحماية أمنها الداخلى والخارجى ورعاية حقوق المواطنين وحرياتهم وكفالة سيادة القانون، وتوجيه السياسة العامة للدولة. واتخاذ الإجراءات السريعة لمواجهة أى خطر يهدد سلامة السلطنة أو وحدة أراضيها أو أمن شعبها ومصالحه، أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء مهامها. بالإضافة إلى تمثيل الدولة في الداخل وتجاه الدول الأخرى في جميع العلاقات الدولية. كما يرأس السلطان مجلس الوزراء أو يعين من يتولى رئاسته. والأمر ذاته مع المجالس المتخصصة. ويعين السلطان ويقيل نواب رئيس مجلس الوزراء والوزراء ووكلاء الوزارات والأمناء العامين ومن في حكمهم. والأمر ذاته مع كبار القضاة والممثلين السياسيين لدى الدول الأخرى والمنظمات الدولية. كما يتمتع سلطان عمان بالقدرة على إعلان حالة الطوارئ والتعبئة العامة والحرب وعقد الصلح، وإصدار القوانين والتصديق عليها، وكذلك توقيع المعاهدات والاتفاقيات الدولية والتصديق عليها، والعفو عن أى عقوبة أو تخفيفها، وكذلك منح أوسمة الشرف والرتب العسكرية. وإنشاء وتنظيم وإلغاء وحدات الجهاز الإداري. والسلطان هو المخول باعتماد خط التنمية والسياسات العامة فيما يقتصر دور مجلس الوزراء على الاقتراح والتنفيذ، وله صلاحية إصدار مراسيم سلطانية لها قوة القانون فيما بين أدوار انعقاد مجلس عمان وخلال فترة حل مجلس الشورى وتوقف جلسات مجلس الدولة. خلاصة القول أن أحد أهم ما ميز عملية انتقال السلطة في سلطنة عمان السلاسة التى تمت بها الأمور، في حين كان يتوقع كثيرون أن تمثل عملية خلافة السلطان قابوس إشكالية في عمان. وطبقا للنظام الأساسى للسلطنة العمانية فإن أمام السلطان الجديد صلاحيات واسعة يمارس عبرها حكمه حيث يعد هو الحاكم الرئيس للسلطنة والممسك بمقاليد الأمور وصاحب الكلمة العليا. كما أن السلطان الجديد - ومن واقع مناصبه السابقة - يتضح درايته وإشرافه على صياغة خطط التنمية، بالإضافة إلى خبرته في السياسة الخارجية. هذا إلى جانب اهتمامه بالرياضة. وهو ما يقول بأن التنمية والرياضة ستشهد اهتمامًا من السلطان الجديد إلى جانب استمرارية السياسة الخارجية العمانية.