عماد عبدالحليم.. موهبة كبيرة وعمر قصير

في بعض الأحيان تأتي الأعمال الفنية لسان حال أصحابها، فجاءت أغنية "ليه حظي معاكي يا دنيا كده" للمطرب عماد عبدالحليم، وكأنها تعبر عن حظه القليل في الحياة، ومشواره الفني القصير الذي أمضاه في رحاب الفن، حيث غادر الحياة في مثل هذا اليوم "20 أكتوبر 1995"، وهو في سن الخامسة والثلاثين ليترك رصيدًا غنائيًا متميزًا أعاده النقاد لحجم موهبته الكبيرة.
ولد عماد عبدالحليم 15 سبتمبر 1960 في محافظة الإسكندرية، استمع له المطرب الكبير عبد الحليم حافظ في إحدى اللقاءات حيث كان يغني في حفل زفاف الطبيب الخاص لعبدالحليم في شقته بالإسكندرية، فذهب إليه مسرعًا، وقابله أخاه الموسيقار والمحلن محمد على سليمان، وسأله عن سن عماد ؟ قال له 12 سنة، فقال له حليم:" سآخذه وأتبناه بكل معاني التبني ماديًا ومعنويًا"، وبالفعل سافر عماد مع عبد الحليم حافظ للقاهرة، وتعلم منه أصول الغناء والفن الشرقي، وبعدها تم إطلاق لقب عبد الحليم للطفل عماد.
ينتمي عماد لاسرة فنية فهو شقيق الموسيقار الكبير محمد على سليمان، وعم الفنانة أنغام، ولمع منذ نعومة أظافره في قصر الثقافة بالإسكندرية، وعمل في الإذاعة كمطرب وممثل، ثم اتخذ أسلوب الراحل "عبدالحليم حافظ" في الغناء، وقدم أعمالًا عديدة جعلت منه مطربًا متميزًا، ولقبه جمهوره بعدة ألقاب منها "الملاك الجميل وفتى النيل الأسمر والبلبل الحزين والكروان الحساس".
قدم عماد عبد الحليم عبر مشواره 14 ألبومًا منها اثنان لعبد الحليم، وكان أول ألبوماته بعنوان "ألوان"، وآخرها ألبوم "مقسومالي" الذي قدمه عام 1994، ومن أشهر ألبوماته "الضباب" الذي غنى فيه "يتيم صادني الهوي - طريق الأحباب - مسيك بالخير - وبعدين وياكي"، ومن أشهر أعماله أيضًا أغنية "أمي" وأغنية "ليه حظي معاكي يا دنيا كده"، كما غني لأبيه الروحي عبد الحليم عدة أغاني منها "قارئة الفنجان وصافيني مرة وبتلوموني ليه وأهواك" وأغنية "من غير ليه".
تمتع عماد بحضور طاغى على المسرح وكان تجاوب الجمهور معه قوى جدًا، ولكن الشائعات التي حاصرته أثرت على ثقته في نفسه، وجعلته يخشى من مواجهة الجمهور، ويبدو أن مروجى هذه الشائعات كان لهم مصلحة في إيذاء عماد ومحاولة القضاء عليه فنيًا.
شارك النجم الراحل في عدة أفلام ومسلسلات، حيث قام ببطولة مسلسلي "الضباب" و"العندليب الأسمر"، وكلا المسلسلين مشتق من قصص لعبد الحليم حافظ الأب الروحي له، فمثل "الضباب" عن قصة عبد الحليم، وغربته بعد وفاة أمه، وقصة المسلسل الثاني "العندليب الأسمر" فهي قصة حياة عبد الحليم حافظ والذي قدم في الكويت، كما قام بالتمثيل في عدة أفلام، منها "كرامتى"، "عذاب الحب"، "الأخوة الغرباء"، "انتهى الحب"، و"وعد ومكتوب"، كما حل ضيف شرف في فيلم "مذبحة الشرفاء"، شارك أيضًا في بعض المسرحيات منها "نعم ولا للأطفال"، "للسيدات فقط"، "النهارده آخر جنان"، كما كان له مشاريع مسرحية لم تكتمل منها "دخلوا البرلمان"، "خيل الحكومة"، "صاحبة الجلالة".
رحل عماد عبدالحليم يوم 20 أكتوبر عام 1995 وانطلقت بعض الشائعات عن موته إلا أن شقيقه الموسيقار محمد على سليمان نفاها، وأكد أنه عانى من مشكلات صحية في القلب لم يتم اكتشافها في بدايتها، وقال: إنه في أحد الأيام فوجئنا به مغشيا عليه في حمام المنزل، ووقتها لم تهتم الأسرة على اعتبار أنه أمر عارض، ثم رحل بنفس الطريقة في إحدى الشوارع القريبة من منزله".