6 مستشفيات.. وكيل صحة الشرقية يتابع أعمال الكشف الطبي لمرشحي الشيوخ بالزقازيق    رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات: كافة الاستعدادات اللوجستية لانتخابات الشيوخ جاهزة    المجلس الأعلى للجامعات يعلن البرامج الجديدة بالجامعات الحكومية..تعرف عليها (الرابط)    نشرة التوك شو| أحمد موسى يهاجم الحكومة.. والبحر المتوسط يواجه ظواهر غير مسبوقة    "المركزي للإحصاء" يكشف عدد الأسر المنطبق عليها وصف "المستأجرين الأصليين"    أسعار الفراخ البيضاء والبلدي وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الأربعاء 2 يوليو 2025    عيار 21 يسجل مستوى جديدا.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء 2 يوليو بالصاغة بعد الارتفاع    بدء إجراءات تسليم مجزر كفر شكر الألي للتشغيل قريبا لتوفير اللحوم الحمراء    خبير عقاري يطرح 3 سيناريوهات متوقعة ل قانون الإيجار القديم    الإيجار القديم.. رئيس محلية النواب: 500 ألف مستأجر أصلي من 1.8 مليون وحدة مأهولة بالسكان    الحوثيون يعلنون استهداف مطار بن جوريون بصاروخ فرط صوتي    البنتاجون يوقف شحنات بعض صواريخ الدفاع الجوي والذخائر الدقيقة إلى أوكرانيا    إيران تدرس شراء مقاتلات صينية متطورة (تفاصيل)    إعلام إسرائيلي: حماس لديها 20 ألف مقاتل.. وتنوي الهجوم مجددًا    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. أنظمة الدفاع الجوى الإسرائيلى تعترض صاروخا أطلق من اليمن.. بن جفير: لن ننهى الحرب فى غزة إلا بالقضاء على حماس.. الحرس الثوري: القبض على 50 إرهابيا في سيستان وبلوشستان    وزير خارجية السعودية يتلقى رسالة من نظيره الإيراني لتعزيز بالعلاقات الثنائية    السوداني يحدد موعد انتهاء مهمة قوات التحالف الدولي في العراق (تفاصيل)    أذربيجان تحتجز 7 صحفيين من وكالة أنباء روسية    نتائج مباريات أمس في كأس العالم للأندية 2025    ستوري نجوم كرة القدم.. حفل زفاف محمد شحاتة.. ومدرب الأهلي يستمتع بعطلته    الأهلي يرغب في إعارة عبد القادر في الموسم المقبل.. ولكن    هل تسبب جون إدوارد في رحيل ميدو عن الزمالك؟ مصدر يجيب    «البديل» يؤجل حسم الأهلي لصفقته المحلية المنتظرة (تفاصيل)    ريال مدريد يقصي يوفنتوس ويتأهل لربع نهائي مونديال الأندية    وزيرا البترول والعمل يتوجهان لموقع حادث انقلاب بارجة بحرية بخليج السويس    أم تقتل ابنتها خنقًا بسبب مشاجرة مع شقيقتها الصغرى في سوهاج    حملة ضبط مخازن الخردة وتشويناتها العشوائية فى دمياط    محافظ الغربية فى جولة ميدانية بطنطا والسنطة وزفتى لمتابعة رفع مياه الأمطار    الأمطار تضرب القاهرة و4 محافظات ؟ بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم : «توخوا الحذر»    بينهم صلاح وحجازي.. 13 صورة لنجوم كرة القدم في المصيف    بحضور السقا وفهمي وغادة عبدالرازق.. 18 صورة جديدة من عرض "أحمد وأحمد"    لميس الحديدي: "ارحموا شيرين وأنغام.. "لا تهرسوا فنانًا لدعم آخر"    بسبب حفلة شيرين.. أنغام تبكي: سيبوني لربنا.. وكفاية ظلم وتوجيه حملات ضدي    بعد تصدرها التريند وخلعها الحجاب.. من هي أمل حجازي؟    4 أبراج «بتتوقع الكارثة قبل ما تحصل».. أقوياء الملاحظة إذا حذروك من شيء لا تتجاهل النصيحة    من دعاء النبي.. الدعاء المستحب بعد الوضوء    وكيل صحة دمياط يتابع استعدادات الكشف الطبى على مرشحى مجلس الشيوخ    وفد من وزارة الشباب يستقبل رئيس الاتحاد الدولي للخماسي الحديث    ضياء السيد: الهلال السعودي مشروع دولة.. وأرفض رحيل وسام أبو علي عن الأهلي    بالصور.. محافظ بورسعيد يشهد حفل زفاف اثنين من أبطال ذوي الهمم    حادث غرق الحفار إد مارين 12 .. التفاصيل الكاملة    مصرع عنصر إجرامي وحبس 8 آخرين لجلبهم المخدرات وحيازة أسلحة نارية بالقليوبية    انتداب المعمل الجنائي لفحص سبب حريق منزل بالقليوبية    أمين «البحوث الإسلامية»: الهجرة النبويَّة تأسيسٌ لمجتمع قيمي ينهض على الوعي    مهرجان إعلام 6 اكتوبر للإنتاج الإعلامى يكرم الفنان الكبير محمد صبحي وإبداعات طلاب كليات الإعلام    البابا تواضروس يبدأ زيارة رعوية إلى الإسكندرية غدا ويلقي العظة الروحية ب«عذراء سموحة»    أحمد بنداري: 75 منظمة تقدمت لمتابعة انتخابات "الشيوخ"    هل يحق للزوجة طلب مسكن مستقل لضمان استقرار؟.. أمين الفتوى يجيب    باسم سمرة يصل العرض الخاص لفيلم احمد واحمد    الصحة: نستهدف خفض معدل الإنجاب ل2.1 طفل لكل سيدة بحلول 2027    "حين يكتب الحب".. أحدث أعمال جميلة عوض    الشيخ خالد الجندي يكشف فضل صيام يوم عاشوراء    الحكومة تدرس حظر تصدير 70% من إنتاج الأسمنت    بدء التشغيل الرسمي لمنظومة التأمين الصحي الشامل في محافظة أسوان    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر يوليو للمستحقين بكل المحافظات اليوم    وزير الصحة يتابع مشروع الشبكة القومية لرعاية مرضى السكتة الدماغية    قبول ملفات التقديم لرياض الأطفال والمرحلة الابتدائية بقنا    «الرعاية الصحية».. 6 سنوات من الإنجاز بمنظومة التأمين الصحي الشامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المويلحي بين صناعة الأدب وفلسفة المقاومة «1»
نشر في البوابة يوم 05 - 07 - 2019

إذا كانت المقامات والقصص التى كتبها النهضويون والمستنيرون فى الثقافة العربية، ولاسيما فى الفترة الممتدة من أخريات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، قد انتحل جميعها المنهج النقدى الجامع بين الأسلوب الأدبى للخطاب، والبنية الفلسفية للمشروع، والثوب الهزلى الفكاهى الساخر فى الظاهر، والوجهة النقدية فى تناول الواقع، والمسحة الرمزية فى التعبير عن الآراء، والحكمة العملية الجامعة بين التصورات الفلسفية والدقة العلمية، والعمق فى الجوهر؛ فإننا نؤكد بلا أدنى شك أن تلك الكتابات التى انتحت المنحى الأدبى لا تقل فى أصالتها وطرافتها وجدتها عن باقى مؤلفات أكابر التنويريين المباشرة فى مصر والشام، ناهيك عن القصائد الشعرية ذات الطابع الفلسفى التى ناقش فيها أصحابها عشرات المشكلات الاجتماعية والسياسية والأخلاقية والدينية. وكان الهدف من ذلك كله هو إعادة بناء العقل الجمعى العربى وتهيئة الجمهور للدعوات الجديدة والمشروعات الإصلاحية التى تمكنه من الانتقال من طور التقليد والتبعية إلى الوعى الحقيقى بحرية الفكر والإبداع.
ويُعد محمد المويلحى من أكثر المستنيرين إتقانًا لهذا الدرب من دروب التفكير، أعنى التفكير الناقد الجامع بين الأدب والفلسفة فى مشروع واحد. وسوف أحاول فى السطور التالية إلقاء بعض الضوء على أهم خصاله ومصادر فلسفته وثقافة عصره قبل الخوض فى تحليل مقامته «حديث عيسى بن هشام» التى تُعد بحق المدرسة التى تخرج فيها معظم الكتّاب والأدباء اللاحقين عليه حتى منتصف القرن العشرين.
هو الأديب الصحفى اللغوى المفكر محمد إبراهيم عبدالخالق إبراهيم أحمد مصطفى المويلحى (1858-1930م)، وُلد بالقاهرة من أبوين مصريين، ويرد لقب عائلته إلى مسقط رأس أجداده فى بلدة المويلح وهى إحدى بلدان الجزيرة العربية على شاطئ البحر الأحمر. أما نسبه فيرده المؤرخون إلى الحسين بن على بن أبى طالب من ناحية الأب، وإلى أبى بكر الصديق من جهة الأم. وقد هاجر أجداده إلى مصر فى أوائل عهد محمد علي، واحترفوا التجارة، والمضاربة فى البورصة بعد ذلك. نشأ فى أسرة من الأعيان وكان لأبيه وأجداده حظوة ومقام فى أسرة محمد علي، وقد انعكس ذلك على هيئته وأسلوبه فى الكلام ومعاملة الأغيار، ومع اعتزازه بنفسه فكان كثير التواضع لين الجانب عطوفًا على الفقراء والمعدمين ومنصفًا للضعفاء والمظلومين وقد عُرف بين معاصريه بالجامع بين الجدة والبشاشة والحدة فى الطبع والطيبة، شأنه فى ذلك شأن أبيه إبراهيم المويلحى (1846-1906) الذى بدأ حياته تاجرًا ثم عُين موظفًا فى دواوين الدولة وانتهى به الأمر إلى احتراف الأدب والصحافة.
وقد تتلمذ محمد المويلحى على يد أبيه ومؤدبى أبناء الذوات والعائلة الخديوية ثم تردد على الأزهر وحضر مجالس الأفغانى ومحمد عبده فى المقاهى الثقافية. وشب وطنيًا غيورًا على مصلحة بلاده وجامعًا فى وجهته الفكرية بين ثورية الأفغانى (1838-1897م) فى مقاومة المستعمر وتسلط الحكام، وأناة محمد عبده فى التنوير والإصلاح. وفى عام 1881م ألحقه الخديوى توفيق بوزارة الحقانية، وقد أراد بذلك إبعاده عن مصاحبة العرابيين.
وفى أعقاب الثورة العرابية قُبض عليه بتهمة دباجة وطباعة المنشورات المحرضة على الثورة وحُكم عليه بالإعدام، غير أن وساطة والده وعلاقته بالباب العالى قد خففت الحكم واكتفت المحكمة بنفيه إلى الأستانة ومنها لحق بوالده بإيطاليا خلال مرافقة الأول للخديوى إسماعيل (1830-1895م). وهناك قد تمكن محمد المويلحى من مطالعة عشرات الكتب الأدبية والفلسفية التى كُتبت بالفرنسية والإنجليزية واليونانية واللاتينية والإيطالية. وخلال سياحته فى أوروبا التقى بالأفغانى ومحمد عبده فى باريس، وشاركهما مع أبيه فى تحرير مجلة «العروة الوثقى» بالإضافة إلى تحرير مجلتى «الاتحاد والأنباء» بإيطاليا، وخلال هذه الفترة استدعاهما السلطان عبدالحميد الثانى ليحول بينهما والكتابات الصحفية المناهضة للباب العالى والأتراك، وعين إبراهيم المويلحى عام 1885م عضوًا فى مجلس المعارف الأعلى بالأستانة، أما محمد المويلحى فراح يراسل العديد من الصحف فى إسطنبول والقاهرة. وفى العام التالى عاد بمفرده إلى مصر واشترك مع عارف بك المردينى فى تحرير جريدة (القاهرة الحرة) اليومية، بالإضافة إلى مقالاته على صفحات المقطم عن الحرية والاشتراكية. وقد تأثر فى هذه الفترة بأسلوب أحمد فارس الشدياق - الذى طالما قرأ كتاباته وأشعاره ومهارته - فى النقد المستتر.
وفى عام 1895م تم تعيين محمد المويلحى معاون إدارة بمديرية القليوبية ثم مأمورًا لمركز البرلس. ورغم ذلك لم يترك مفكرنا رسالته النقدية بل راح يدبج المقالات الأخلاقية والاجتماعية متخذًا من حياة البسطاء مرآة لتوضيح حقيقة الريف المصرى، ومن سلوك أبناء الباشوات دليلاً على فساد طبقة النبلاء والأمراء ومعية الخديوى ومن أحوال صغار الموظفين برهانًا على بؤس الطبقة الوسطى المصرية. ثم أسس مع والده مجلة «مصباح الشرق» عام 1898م وكانت تلك المجلة بمثابة المنبر الذى حمل خطابه النقدى للرأى العام، وهى أيضًا الصالون الذى عقد فيه أولى جلسات مدرسته الأدبية التى جمعت بين النزعة الإصلاحية النقدية والرؤية الواقعية فى الوصف والتحليل والنزعة الاشتراكية فى توجيه الأدب والفن. وقد تتلمذ عليه معظم كتاب القصص والروايات وجل أدباء حركة التنوير المصرية من أمثال لطفى السيد وعبدالعزيز البشرى وسلامة موسى وفرح أنطون ومحمد لطفى جمعة وعباس محمود العقاد ومحمود حقى ومحمود تيمور وحافظ إبراهيم ومحمد حسين هيكل وعبدالحليم المصرى وأحمد الكاشف ومحمد مصطفى الماحي. وعلى صفحات جريدته راح ينشر مشاهداته ونقداته وتحليلاته النقدية للأوضاع الاجتماعية والأخلاقية وطبقات المجتمع وأحوال الناس وميولهم والاستعمار الإنجليزي، وحالة الفلاح ووضع المرأة المصرية، ووقف على سلبيات دواوين الحكومة ورجالاتها والبوليس وشيوخ الأزهر وعوائد الصوفية والمعتقدات السائدة بين العوام ولاسيما حكايات العفاريت والمردة والتفسيرات الخرافية للطبيعة المجافية للعلم والمعاندة للعقل، والمحاكم الشرعية والنيابة العمومية. وقد عنون هذه المقالات بعنوان «فترة من الزمان» ثم جمعها وأعاد طبعها فى كتاب أطلق عليه «حديث عيسى بن هشام» عام 1907م - وهو عنوان المقامة التى نحن بصددها - وقد استوحاه من اسم بطل مقامة بديع الزمان الهمذانى (969-1007م)، تلك التى عُنى والده بتحقيقها وإعادة طبعها فى مطبعته التى أنشأها فى مطلع النصف الثانى من الثمانينيات من القرن التاسع عشر، وقد نسج كل حكاياته على نهج المقامة (الحكى المقفى الجامع بين الهزل والجد والضحك والسخرية بأسلوب بسيط فى الظاهر ودقيق المعانى والإحالات الرمزية والتورية والتعمية فى الباطن). وقد حرص مفكرنا رغم نقده اللاذع وتهكمه الساخر على البعد عن المسائل الشخصية وسلوك الأفراد إلا ما تعلق منه بضرر الصالح العام، أما الفضائح والوشايات والكشف عن عورات الناس وغير ذلك من الرذائل فكان يمقتها ويمج الحديث فيها... وللحديث بقية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.