سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الجرائم الأسرية تقتحم بيوت المصريين.. أبناء يقتلون الآباء والأمهات بطرق وحشية.. مقتل سيدة على يد نجلها بالجيزة.. سائق يشعل النار في والديه بمدينة السلام.. وربة منزل تخنق والدها بالقليوبية
تزايدت فى الآونة الأخيرة الجرائم الأسرية التي نفذت بطرق وحشية بشعة، وراح ضحيتها محارم من أفراد الأسرة وفى بعضها كان الضحية هما الوالدان. الظاهرة غريبة، وهى للأسف ليست من نسج الخيال، بل وقائع يندى لها الجبين وحدثت بالفعل على أرض الواقع، حيث تجرد بعض الأبناء من كل معانى الرحمة بل ومن آدميتهم، وتحولوا إلى شياطين فى صورة بشر، ليقدموا فى لحظات على قتل أقرب الناس إليهم دون وازع من ضمير. جرائم أسرية بشعة أحدث هذه الجرائم التى وقعت فى الجيزة منذ أيام قلائل، وبالتحديد فى منطقة «الكوم الأخضر» التابعة لحى الهرم، وتكشفت حينما تلقت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الجيزة، بلاغا من الأهالى، يفيد بمقتل ربة منزل على يد نجلها، وبعدما انتقلت الأجهزة الأمنية إلى مكان الحادث ألقت القبض على الابن القاتل الذى اعترف بقتله أمه؛ لقيامها بتزويجه من فتاة لم يكن يرغب بها، وأضاف أنه يوم الواقعة نشبت بينه وبين والدته مشادة كلامية، فقام بتسديد طعنات لوالدته؛ لتلقى مصرعها. ومن الكوم الأخضر إلى مدينة السلام، التى شهدت جريمة أسرية بشعة، بدأت أحداثها حينما تلقى قسم شرطة أول السلام بلاغا بنشوب حريق بغرفة حارس عقار فى الستينات من عمره وذهب ضحيته هو وزوجته، فيما أصيب نجله وهو سائق توك توك وفى بداية الثلاثينات من عمره بحروق بذراعه اليمنى وكشفت التحريات أن وراء ارتكاب الواقعة الابن الذى أقر بارتكاب الجريمة لوجود خلافات مادية بينه ووالده، فقرر الانتقام منه، وأضاف أنه تعدى عليهما بداية باستخدام عصا خشبية، بعدها سكب سائل الكيروسين عليهما، وفتح أسطوانة البوتاجاز وأضرم النيران بهما. فى القليوبية تكررت المأساة نفسها بتفاصيل أخري، حينما قامت ربة منزل بوضع منوم لوالدها فى كوب شاى، وعقب التأكد من سريان مفعول المنوم أحضرت طرحه وقامت بخنقه حتى الموت. وكشفت تحريات الأجهزة الأمنية أن المجنى عليه وهو فى العقد الخامس من العمر، أجبر نجلته المتهمة على الزواج من شخص يكبرها بحوالى 15 عامًا، ما أحدث العديد من الخلافات بينهما ودفعها لترك منزل الزوجية، وفى النهاية طلقها زوجها وعادات لتقيم مع والدها، الذى أساء معاملتها، لذلك قررت الخلاص منه. الظاهرة ليست جديدة ما سبق من جرائم بشعة اقتحمت بيوت المصريين، تدل على أن هناك خرقا فى التماسك الأسرى للمجتمع، وبالطبع لم تكن هذه الجرائم هى الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة، كما يؤكد د. أحمد هارون أستاذ الطب النفسى ورئيس الأكاديمية العربية للعلوم النفسية قائلا: «جرائم قتل الأبناء الآباء والأمهات ظاهرة ليست جديدة فهى تعود إلى سنوات مضت، وتقف وراءها أسباب متعددة، أهمها برأيى إدمان المخدرات، الذى يقف وراء الكثير من تلك الجرائم، لأن المدمن يمكنه بعد الوقوع فريسة لمصيدة الإدمان أن يتحول إلى وحش آدمى بسبب إدمان المواد المخدرة، وذلك يدفعه للبحث عن الأموال بأى طريق، فيلجأ لوالديه حينما تنفد نقوده، وحينما يرفضان مطالبه يفقد السيطرة على نفسه ويقبل على قتل أى شخص يعارضه، حتى لو كان أحد الأبوين. ويستطرد د. هارون قائلا: «من الأسباب الأخرى التى تقف وراء تزايد الجرائم الأسرية فى المجتمع تزايد معدلات البطالة، فالبطالة والتعطل عن العمل يشعران الإنسان بأنه شخص غير مفيد، وليس لديه هدف ويعجز عن تحقيق ذاته، كل ذلك يولد لديه ضغوطا نفسية وعصبية حادة تفقده السيطرة على نفسه وتدفعه للدخول فى صراعات مع أفراد أسرته، لينتهى الأمر بجريمة، لافتا أيضا إلى عامل التنشئة الاجتماعية للأبناء، حيث تتراوح بين التدليل أو لكبت الزائد والكراهية، وربما يدفعهم ذلك فى بعض الأحيان للخروج عن المألوف، والوصول إلى مرحلة لا يمكنهم فيها التحكم فى أعصابهم، وبالتالى يمكنهم ارتكاب أفعال إجرامية تصل إلى حد القتل، مشيرا إلى أن هناك أسبابا مرضية فى بعض الحالات منها إصابة الابن بمرض نفسى يدخله فى نوبة اكتئاب حاد أو صرع يدفعه لقتل من يتواجد أمامه دون أن يدرك ذلك، أيضا العنف الأسرى وسوء معاملة الآباء لأبنائهم، يجعل الأبناء أحيانا يفكرون فى قتل الآباء باعتبار أن ذلك حلا مريحا لجميع الأطراف. المواجهة مطلوبة وعن كيفية التصدى لتلك الجرائم التى تهدد استقرار الأسرة المصرية تقول د. سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس: «وسائل العلاج متعددة فعلى وسائل الإعلام المرئية تقديم محتويات هادفة مثلما كان يحدث فى الماضي، مضيفة أن التليفزيون تخلى عن دوره حيث المسلسلات تعرض مشاهد بها سلوكيات خاطئة من تعاطى المخدرات والألفاظ غير اللائقة، موضحة أنه يجب أيضا تشديد العقوبات على متعاطى المواد المخدرات ومروجيها، حتى تكون بمثابة رادع لمن يفكر فى سلوك هذا الطريق من الأبناء أو غيرهم. وتلفت د. سامية خضر إلى أهمية التنشئة الاجتماعية للأبناء، حيث لا يجب أن يكون بها من الصغر نوع من التدليل أو القسوة الزائدة، لأن كلاهما ينتج شخصية غير سوية يمكنها ارتكاب أى شيء، مشددة على ضرورة قيام الآباء بتعليم الأبناء مهارات التواصل المجتمعي، وتقوية الروابط العاطفية الصحية، فكلما قوى الارتباط العاطفى بين الأبناء والوالدين قلت مستويات الجريمة، والعكس صحيح، كذلك ضرورة تحفيز الأبناء على فتح قلوبهم والشكوى للوالدين إذا تعرضوا تعرضوا لأى إساءة خارج نطاق الأسرة أو من قبل أحد أفرادها، وتعليمهم كيفية التعامل مع الضغوط النفسية التى يقابلونها فى المجتمع. العقوبات الرادعة وعن العقوبات فى القانون يقول د. محمد كساب، الأستاذ بحقووق القاهرة: «قانون العقوبات ينص على معاقبة المتهم بالقتل العمد بالسجن المؤبد، وقد تصل العقوبة إلى الإعدام فى حالة توافر ظرف مشدد، وفقا لنص المادة 230 من قانون العقوبات».