قال الدكتور أحمد هارون، استشارى علم النفس وعلاج الإدمان، إن التفكك الأسرى يتصدر أسباب إدمان المخدرات، فانسحاب السلطة الأبوية من دورها، جراء انشغال الآباء بتوفير الرزق، حتى يعودوا آخر اليوم منهكين مستهلكين إلى بيوتهم، فلا يؤدون دورهم الأخلاقى فى إطار عملية التنشئة الاجتماعية، يؤدى بالضرورة إلى فجوة أخلاقية فى وجدان الأبناء، ومن ثم يسهل لرفاق السوء سحبهم إلى حضيض الإدمان. واللافت أن انسحاب الآباء أو غيابهم، تقابله فى الناحية الثانية، حالة تذمر من قبل الزوجات، وقد يحدث أن يتعمدن الانسحاب من وظائفهن تحت عنوان: «اشمعنى أنا؟».. أو لماذا يقع كل شيء على دماغى وحدى، وهكذا يضيع النشء بين هذا وذاك. ويضيف: «إلى جانب عامل انشغال الآباء، لدينا متغير بالغ الأهمية، وهو ثورة الاتصالات، ولعلنا فى مصر نحتاج بشدة إجراء دراسة بحثية عن حجم إدمان وسائل التواصل الاجتماعى، التى سحبت الشباب والآباء والأمهات إلى دوائرها، حتى ضاعت حميمية النقاشات الأسرية، وهى التى كان يستقى منها الأبناء الدروس الأخلاقية التى يهتدون بنورها فى ظلمات الحياة. ويقول: «صار مشهدًا مألوفًا، أن تجد أسرة من خمسة أفراد، يجتمعون ولا يجتمعون، حيث يمسك كل منهم هاتفه الذكى، غائبًا عما يدور حوله، منصرفًا عن محيطه، فلا تواصلا، ولا دفئًا أسريًا، ولا مبادئ أخلاقية تُزرع فى النفوس الناشئة». وبالإضافة إلى غياب دور الأسرة، هناك عامل الإحباط، وهو درجة من الاختلال النفسى قد تقود إلى مرض الاكتئاب، ومتى وصل الإنسان إلى الاكتئاب، يغدو سهلًا استقطابه إلى المخدرات. ويمضى الدكتور هارون قائلا: «يبدأ المدمن عادة طريقه إلى الهاوية بالتجربة، ولما يشعر بالنشوة يكرر الأمر، ثم يضطر إلى زيادة الجرعة لأنها لم تعد تؤثر فيه، وهكذا يمضى كالمنوم مغناطيسيًا، مسلوب الإرادة، وكثيرًا ما يُسدل الستار على حياته مأساويًا: «وفاة إثر جرعة مخدرات زائدة». وطبيعى هنا أن يكون رفاق السوء وراء هذه الكارثة، فمتى غابت السلطة الأبوية صار سهلًا على الأشرار أن يوقعوا الأخيار فى شباكهم؟. ويضيف «عدد كبير من مدمنى المخدرات رأوا بعيونهم نهايات من سبقوهم، لكنهم لم يأخذوا العبرة من تلك المآسى، فالمخدرات تسلبهم إرادتهم، وتحملهم إلى حتفهم، من دون أن يشعروا، وحين يسقط واحد يظن رفاقه أنهم آمنون من مصيره، وهكذا تمضى المتوالية إلى ما لا نهاية».