«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الفابريكا».. البس على أد فلوسك
نشر في البوابة يوم 27 - 05 - 2019

مع اقتراب الأعياد، تنشط تجارة الملابس «الفابريكا» أو المستعملة بحسب ما تشتهر به، لتجد سوقًا رائجًة لها فى معظم الشوارع بالقاهرة والمحافظات، فبعد أن كانت تُجمع فى أماكن محددة مثل المنطقة الحرة ببورسعيد ووكالة البلح، أصبحت تحتل الأرصفة فى الكثير من الميادين وأمام محطات المترو، كما انتشرت محال «البيع بالكيلو» منها، وهو ما ألحق أضرارًا بالغة بصناعة وتجارة الملابس الجاهزة الجديدة، التى تشهد تراجعًا بسبب زيادة تكاليف الإنتاج، كما تمثل الملابس المستعملة تحديا واضحا للصحة العامة، لما تسببه من أمراض وتنقله من فيروسات، كما أنها دليل على الفساد الذى يضرب بعض مفاصل اقتصاد الدولة، الدخول 60 % منها بطريقة غير شرعية ومهربة لحساب بعض كبار المستوردين.
تجارة الملابس المستعملة ليست سوقًا سرية، بل أصبح يمارسها الكثيرون على مواقع التواصل الاجيتماعى وكان إعلان عابر على أحد المواقع بدايتنا لإجراء هذا التحقيق يقول الاعلان: «السادة.. عملاؤنا الكرام، يسعدنا أن نعلن عن وصول كميات وحاويات ملابس مستعملة إلى مخازننا بمصر من الدنمارك والسويد، نحن نبيع بالكيلو وليس بالقطعة لتحطيم الأسعار».. الإعلان مقتضب فى رسالته، ويوضح طريقة بيع الملابس المستعملة فى مصر، حيث تأتى من دول الخارج، كإيطاليا وفرنسا وبلجيكا والدنمارك والسويد، فى شكل حاويات، تسمى «بالة»، وصولًا إلى السوق الحرة ببورسعيد أو المنافذ الأخرى، ليتزاحم عليها التجار، وبعد أن تتم عملية البيع، يبدأ فرز ما بها للكى والعرض المباشر على الأرصفة وفى المحال.
يتم استيراد البالات من الدول الأجنبية وخاصة الأوروبية منها وأيضًا من الدول الخليجية وأمريكا ودول آسيوية، وذلك تحت مسميات عدة، تحدد جودة تلك الملابس، مثل ماركات؛ سوبر كريمة وكريمة ونمرة 1 ونمرة 2 والشعبي.
ويقوم بعض الشركات التى يصرح لها بالاستيراد من الخارج باستيراد؛ بالات الملابس المستعملة من دول المنشأ، عن طريق شركات تعمل فى مجال جلب الملابس المستعملة للدول الأفريقية، مثل شركة ريكى تيكس البلجيكية وشركات كومينديسيا وإيرو ماكس وتيكست تيليز وترادينك وأبف إنترناشيونال وغيرها، ثم تقوم الشركات المستوردة ببيعها لتجار الجملة المحليين والذين يبيعونها لتجار القطعة وصولًا بالمستهلك النهائي.
وتحتوى البالة عادة على نوع موحد من الملابس، كالجواكت أو البنطلونات أو الفساتين، بوزن يصل ل50 كيلوجرامًا للبالة، كما تختلف جودتها، حيث تعتبر البالة ماركة سوبر كريمة وكريمة هى الأعلى جودة، وتحتوى على ملابس تكون بالتيكت أو جديد دون تيكت أو استعمال خفيف أو تحمل أخطاء بسيطة فى الصناعة، وصولًا ببالات الماركات نمرة 1 ونمرة 2 والشعبى ذات الجودة المتدنية والأكثر استعمالًا.
ويقول باهى هشام، صاحب أحد المحال: «بتعامل مع مكاتب فى بورسعيد، وأحيانا إسكندرية، لشراء هذه البضاعة، وباتفاق مسبق، وعند وصول البضاعة للميناء، أُقيم سعر البالة من سابق خبرتى فى المهنة، ويبلغ متوسط وزن الواحدة خمسين كيلو جرامًا، بسعر يتراوح من 500 جنيه إلى 5 آلاف، وليس بالضرورة أن يكون كل ما بها مستعملًا، وتبدأ أسعار ما بها من قطع من 15 جنيها لملابس الأطفال وحتى 350 جنيها للملابس الشتوية، وبأسعار تناسب الجميع».
رقابة غائبة
كانت مدينة بورسعيد المنطقة الوحيدة المستوردة لهذا النوع من الملابس فى السابق، فبعد أن تأتى معبأة فى «بالات»، تُعرض على التجار فى مزاد لبيعها، وساعد فى انتشارها عدم فرض رسوم جمركية جديدة عليها عند خروجها من منافذها حتى تصل إلى المنطقة الحرة ببورسعيد، ثم تحولت بعدها إلى تجارة ذات «سيط واسع» بين الكثيرين، ممن يجدون ملاذًا فى شراء هذا النوع من الملابس زهيد الثمن.
لتنتشر بعدها إلى وكالة البلح والعتبة وسوق الخميس والثلاثاء، ثم الميادين والأرصفة وأمام محطات المترو، لتقتحم بعدها المحافظات الأخرى، لتُباع بسوق الخميس بالعريش وأسواق محافظة الإسماعيلية وبعض محافظات الصعيد أيضًا.
ويشير صاحب أحد مصانع الملابس الجاهزة، فضل عدم ذكر اسمه، إلى أن الملابس المستعملة لا تخضع للرقابة الصحية، وأنها عبارة عن قمامة أسواق أوروبا والصين ودول شرق آسيا، التى غزت مصر فى الآونة الأخيرة، مؤكدًا أن تلك القمامة من الملابس المستعملة تمثل مصدر رزق مجانى لبعض كبار المستوردين الذين يجمعوها ويشحنونها إلى مصر، ويحققون من ورائها ثراءً كبيرًا على حساب صحة المصريين.
وينوّه إلى أن هذا النوع من الملابس لا يدخل مصر بطريقة شرعية، ولا توجد مواصفات مطبقة عليه، ولا يخضع لأى فحص طبى للتأكد من عدم نقله لجراثيم أو ميكروبات أو أوبئة.
وكالة البلح
أثناء تجوالنا فى عدد من الأسواق فى ميادين وشوارع القاهرة، التى تعرض الملابس المستعملة لبيعها، وجدنا فى العتبة والموسكي، مرورًا بشارع 26 يوليو، ينادى أصحابها والعاملون بها على المارين، فى محاولة لجذب الزبائن وإغرائهم بالأسعار، التى تبدأ من 15 جنيها للقطعة، وبعض المحال لا يكتفى أصحابها بالمساحات المخصصة للبيع، فيفترشون ببضاعتهم الأرصفة وفى نهر الطريق.
وعندما حاولنا التقاط بعض الصور، اعترضنا الباعة قائلين إن التصوير يجلب لهم المصائب، التى يأتى على رأسها البلدية، وقال أحمد، أحد الباعة، إن الملابس المعروضة ليس جميعها مستعملة، وإن منها الجديد «بكيسه» على حد تعبيره، ولكنها تصفيات لمحال ومصانع كبيرة.
فى وكالة البلح تتضح لك ما تمثله تجارة الملابس المستعملة، من معروض وإقبال، فهى المنطقة الأكثر شهرة على الإطلاق فى شراء هذا النوع من الملابس وبيعه، ليس فقط من يقبلون عليها من محدودى الدخل، منهم من يكون بحال مادية جيدة، وهو ما أكده شمندي، أحد الباعة، موضحًا سبب تردد هذه الكمية الهائلة من الزبائن على الوكالة، فى أنها تبيع الملابس بأنواعها «من الإبرة إلى الصاروخ»، فالسوق مليئة بالملابس المختلفة للأطفال والشباب من الجنسين، وكميات كبيرة من المفروشات، كما أنها مُقامة على مساحة كبيرة تصل إلى 40 فدانًا.
ويُتابع شمندي، بأن ربح تجار هذه الملابس يتخطى 40 ٪ من القطعة الواحدة، بالإضافة إلى أن الأسعار المعروضة رخيصة وفى متناول الجميع، وأنه أحيانًا يتصادف بعض الزبائن بماركات عالمية من المعروض، وهو ما يمثل فرصة لاقتنائها، ويدفعهم لشراء عدد كبير من القطع فى نفس الوقت.
«إيه اللى يوديك على المر، أنا نفسى ألبس جديد، بس ضيق الحال هو اللى جابنى هنا»، كانت هى كلمات الشاب العشريني، حاتم السيد، عندما تحدثنا معه عمَّا قد تمثله هذه الملابس من خطورة على صحته، لجهله مصدرها وإن كانت قد استخدمت من قبل أم لا، وأشار حاتم إلى تردده بين الحين والآخر، لشراء «طقم» يساعده على أداء عمله بإحدى محلات تجارة المواد الغذائية، وأن كثيرًا من أقرانه يقدمون على شراء ملابسهم من نفس المكان، واختتم حديثه قائلًا «ربك بيعديها بالستر».
البيع بالكيلو
لا تتوقف أسواق الملابس المستعملة «البالة» عند وكالة البلح أو حتى الأرصفة والميادين الرئيسية لبيع هذه الملابس، ولكنها امتدت خلال السنوات القليلة الماضية إلى عدد كبير من المحلات المتخصصة فى بيع الملابس المستعملة والمستوردة من الخارج بالكيلو أملًا فى زيادة عدد الزبائن على المستعمل.
ويتراوح سعر كيلو الملابس المستعملة داخل تلك المحال بين 150 إلى 300 جنيه، حسب جودة الملابس، يقوم فيها الزبون باختيار ما يلزمه من ملابس دون النظر لغير الوزن، وهو ما يراه الكثيرون من المترددين على تلك المحال بالفرصة لشراء قطع مستوردة بأسعار مناسبة دون الاعتبار لاستخدام تلك الملابس.
يقول حسنى محمود، أحد العاملين بمحل لبيع الملابس المستعملة فى حلوان، إن الأقبال على شراء الملابس بالكيلو متزايد، خاصة فى ظل ارتفاع أسعار الملابس الجاهزة فى السوق، كما أن كثيرًا من الزبائن يأتون المحل من باب التجربة، كونهم وجدوا إعلان للملابس المعروضة داخل المحل بموقع التواصل الاجتماعى فيسبوك.
ويوضح محمود أن كثير من الملابس المعروضة جديدة وماركاتها عالمية، «بالتيكت بتاعها»، وليست مستعملة وهو ما يساهم فى تكرار زيارة الزبائن للمحل لتجربة الشراء، وهو ما دفع الإدارة لفتح عدة فروع أخرى للمحل، للبيع بالكيلو فى مناطق مختلفة فى القاهرة، بعدما جذبت التجربة كثير من الزبائن كون أسعارها مناسبة لهم.
حجم تجارة المستعمل
وفقًا لتقرير صادر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فإن حجم الواردات من الملابس المستعملة بلغ نحو 5 ملايين و996 ألف دولار خلال الفترة بين شهرى يناير وأغسطس من عام 2017، فيما بلغت قيمة الواردات من أصناف نسيجية أخرى مستعمله بلغت 77.2 ألف دولار، وقطع أقمشة صغيرة من فضلات وأصناف بالية بقيمة 14.3 ألف دولار، كما بلغت قيمة فضلات من خيوط الحزم والحبال الغليظة جديدة أو مستعملة بقيمة 128 ألف جنيه.
ويقول لويس عطية، رئيس شعبة الملابس الجاهزة بالغرفة التجارية بالإسكندرية السابق، إن حجم تجارة الملابس المستعملة يتخطى 40 ٪ من حجم تجارة الملابس فى السوق المصرية، وهو ما أدى إلى انخفاض كبير فى مبيعات محال الملابس الجاهزة وخسائر بالجملة للمصانع المنتجة لها.
ويوضح عطية، أن حجم تجارة الملابس فى مصر يزيد على 20 مليار جنيه، منها 8 مليارات تقريبا حجم تجارة الملابس المستعملة، وأن هذه التجارة تنتشر فى الأماكن الشعبية غالبًا، فبعد أن يتم غسلها وكيها، تُعرض على الأرصفة وفى المحال، وبسبب رخص ثمنها يقبل عليها متوسطو ومحدودو الدخل.
ويشير عطية، ل«البوابة»، إلى أن الملابس المستعملة غالبًا ما تكون غير مطابقة للمواصفات القياسية، وتضر بالصحة العامة للمجتمع، وتأتى خطورتها فى أن معظمها يتكون من مادة «البوليستر» المسببة لمشاكل صحية عديدة نتيجة العرق.
تدهور صناعة الجاهز
تركت تجارة الملابس المستعملة أثرها على بيع وتصنيع وإنتاج الملابس فى مصر، بحسب ما أكده يحيى زنانيري، نائب رئيس شعبة الملابس بالاتحاد العام بالغرف التجارية، ويوضح: «أضرت بالصناعة المحلية من النسيج والملابس الجاهزة، لسيطرتها على 60 ٪ من القوة الشرائية فى السوق، وهو ما يمثل ضغطًا كبيرا على السوق المحلية، أدى إلى تخفيض إنتاج المصانع، ومنها من اضطر للإغلاق لعدم قدرته على تصريف ما لديه من مخزون».
ويُضيف زنانيري: «كثير من المصانع اضطرت إلى تخفيض إنتاجها بسبب غزو الملابس المستعملة للسوق، فهى قطعًا تجارة منافسة جدًا، وتنذر بعواقب وخيمة على صناعة الملابس الجاهزة والعاملين بها فى مصر».
ويكشف مجدى طلبة، نائب رئيس المجلس الأعلى للصناعات النسيجية ووكيل غرفة الصناعات النسيجية بالاتحاد الصناعى للملابس الجاهزة السابق، أن الإحصاءات التقديرية تشير إلى أن 50 أو 60 ٪ من الملابس المستوردة الموجودة بالسوق المصرية، دخلت بطرق غير شرعية، وأن الملابس المستعملة تمثل النسبة الأكبر منها، مؤكدًا أن الانتشار الواسع لتجارة الملابس المستعملة يرجع فى حقيقته إلى ضعف الصناعة المحلية، التى يصفها بأنها أصبحت صناعة لا أبًا شرعيًا لها.
ويوضح طلبة: «خلال السنوات الأخيرة تعانى الصناعة المحلية للملابس فى مصر تدهورا واضحا، يرجع لأسباب عديدة، أهمها زيادة تكاليف الإنتاج، فى حين أن المستورد من الملابس، سواء بطريقة شرعية أو المهرب جمركيًا، تكاليف إنتاجه أقل، وبالتالى هناك الكثير من المصانع، خاصة الصغيرة والمتوسطة، توقفت عن التصنيع والإنتاج، وتحولت إلى مستورد».
وينوه طلبة إلى أنه فى الدول الكبرى، ذات دخل الفرد العالي، توجد أسواق تسمى سوق اليوم الواحد لتجارة الملابس المستعملة بعد أن يتم غسلها وكيها، ولكن من المُهين أن يكون الجزء الأكبر من تجارتنا فى مصر عبارة عن ملابس مستعملة، ضاربًا المثل بدولة بنجلاديش، التى أصبح حجم صادراتها من الملابس أضعاف صادرات مصر، التى تقدر بمليار و300 مليون دولار سنويًا.
فيما قال محمود الداعور، عضو شعبة الملابس الجاهزة بالغرفة التجارية، إنه يصعب تقدير حجم تجارة الملابس المستعملة والمهربة جمركيًا، كونها تجارة غير شرعية، ليس لها أرقام فعلية، مشيرًا إلى أن سوء الأحوال الاقتصادية وضعف دخول الأفراد، هو السبب الرئيسى لتزايد الطلب عليها.
ويُشير الداعور إلى وجود 5 آلاف مصنع لإنتاج الملابس، تسوء حالتها يوما بعد الآخر بسبب غزو الملابس المهربة جمركيًا للسوق المصرية، بالإضافة لتأثر عدد كبير من الورش والمصانع التى لا يقل عدد العمالة فى كل منها عن 25 عاملا وغير مدرجة فى اتحاد الصناعات، وأن كل ذلك أدى بدوره لتراجع حجم إنتاج الملابس الجاهزة، وبالتالى على حجم المعروض منها فى السوق.
أخطار صحية
على جانب آخر، فإن الملابس المستعملة تُعد من أكثر العوامل التى تساعد على نقل الأمراض الجلدية، كونها استخدمت من قبل آخرين، فقد تؤدى بمن اضطرتهم الظروف الاقتصادية لاقتنائها، إلى دفع الثمن غاليًا نتيجة إصابتهم بمرض جلدي.
وتؤكد الدكتورة وفاء علم الدين، إخصائى الأمراض الجلدية، أن استخدام الملابس المستعملة على الجسم مباشرة بعد شرائها، يؤدى إلى كوارث جلدية لصاحبها، بداية من الإكزيما التلامسية، وهى عبارة عن هرش دائم فى الجسم كله، مرورًا بالتينيا الملونة، التى تكون على شكل بقع بنية وبيضاء تصيب الصدر والوجه والرقبة، وهى من أشد الفطريات خطورة، وصولًا بالجرب المسبب للهرش وانتشار حبوب حمراء على الجسم.
وتشير علم الدين إلى أن تلك الأنواع من الملابس قد تؤدى أيضًا إلى نقل الفيروسات، مثل فيروس الهربس الذى يصيب الجلد ويعتبر من أخطر الفيروسات، منوهةً إلى ضرورة توخى الحذر عند شراء تلك الأنواع من الملابس، وعدم استخدامها مباشرة على الجسم، لعدم تعقيمها من قبل المستوردين أو التجار.
وفى السياق ذاته، يقول الدكتور هانى الناظر، أستاذ الجلدية ورئيس القومى للبحوث سابقًا، إن معظم الأمراض المنتقلة بسبب استخدام الملابس المستعملة، إما أمراض فطرية أو أمراض حشرية أو حشرات، مضيفًا أن مشاكل هذا النوع من الملابس تظهر بشكلها الخطير فى حالة استخدامها دون أن تدخل فى مرحلة النظافة، من كى وغسيل بالماء المغلي، الذى يحد بدوره من خطورتها على الجلد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.