يسعد الإنسان كثيرًا إذا وجد بداخله ميلا فنيا وإبداعيا تجاه أحد المجالات الإبداعية، ولكن أحيانًا ما يسعد شخص بأكثر من هواية وموهبة، وفى الحلقة الحادية عشرة من «بورتريه»، تعرض «البوابة» قصة فنان تشكيلى وموسيقى إلى جانب كونه مؤلفا أدبيا، هو الفنان الشامل حسين أمين بيكار والمعروف باسم «حسين بيكار». بدأ حسين بيكار رحلته الفنية منذ التحاقه بمدرسة الفنون العُليا وتخرجه منها حاصلًا على بكالوريوس من قسم التصوير، وهو فى العشرين من عمره، ليُصبح بذلك من فنانى الجيل الثانى من رواد الفن التشكيلى فى مصر، الذى تأثر أيضًا بمكان نشأته فى الإسكندرية الخالبة والجذابة. كان «بيكار» من أول الطلاب المُنضمين إلى الفنون العليا بالإسكندرية، وتعلم حينها على أيدى مجموعة من الفنانين الأجانب حتى بلغ السابعة عشره من عمره، ليتبع بعد ذلك مدرسة اثنين من الجيل الأول من رواد الحركة التشكيلية فى مصر، وهما الفنانان أحمد صبرى ويوسف كامل. نتيجة طبيعية لتعلم الفنان «حسين بيكار» على أيدى رائد فن التصوير ورائد فن البورتريه أن يصبح من رواد «البورتريه» هو الآخر فى مصر والعالم العربى كله، هذا إلى جانب انشغاله بكتابة النقد الفنى والرسم الصحفى على مدى أكثر من خمسين عامًا خلال مشواره الفني، استطاع من خلالهم تقديم مجموعة من الإسهامات المتنوعة فى مجالات الرسوم التوضيحية بالصحف والمجلات وكتب الأطفال، فكان أول من يُدخل فن التحقيق الصحفى المرسوم للمجلات المصرية. ومن نقاط التحول المهمة فى حياة «بيكار» كانت فترة سفره إلى المغرب، حيث قضى بها ثلاث سنوات عمل فيها مُدرسًا للرسم مُبدعًا ترك أثرًا كبيرًا فيهما بترجمته لكلمات كتاب اللغة الإسبانية إلى رسومات توضيحية لتسهيل عملية التعليم حينها. انضم «بيكار» بعد رجوعه من المغرب للعمل بمدرسة الفنون التشكيلية، فكان مُعاونًا للفنان «أحمد صبري» حتى استطاع من الجلوس فى منصب رئيس قسم التصوير بعد تقاعد مُعلمه، وخلال تلك الفترة كانت هناك صلة وثيقة بينهما، فكان التلميذ والمُساعد يتردد كثيرًا على منزل أستاذه ليستزيد من تعلم «فن البورتريه». وخلال هذه الزيارات المُترددة، قرر «صبري» رسم بورتريه خاص لتلميذه من جهة ويُعلمه كل ما يخص هذا الفن من جهة أخرى، وعبر «بيكار» عن هذا الحادث كونه موديلا مُتحدثًا أمام أستاذه قائلًا: «كنت أغنى له وأغنى معه»، فكان بيكار يتحلى بصوت عذب دفعه نحو حب الموسيقى إلى جانب عزفه على بعض الآلات، حيث بدأ عمله بالموسيقى بتكوين فرقة فنية من قبل أن يُسافر أو يتخرج فى مدرسة الفنون العليا من الأساس. الفنان الشامل حسين بيكار استطاع خلال مشواره الفنى من بناء أجيال فنية متعددة، كما أطلق مجلة «سندباد» التى استطاع من خلالها تحقيق رؤية وتذوق الأطفال فى بساطة وأداء ومدرسة عرفت باسمه، ولم يكتف بذلك الأثر حيث وضع رسومات كتاب «الأرنب شرشر» المُقرر على المراحل الأربع الأولى من المرحلة الابتدائية. لم ينته الإبداع الفنى عند «بيكار» لهذا الحد، فقد قام بتصوير تاريخ معبد أبو سمبل فى ثمانين لوحة، هذا إلى جانب مشاركته فى تأسيس متحف الشمع بالقاهرة، ومن بعد ذلك ترك الحياة وهو فى التاسعة والثمانين من عمره، ولكن أعماله رفضت أن تتركه فخلدته من ضمن رموز الفن التشكيلى الذين ساهموا فى وضع وبناء التاريخ الفني.