يظل شهر رمضان المنبع الكبير الذى يلهم كثيرا من الكتاب للكتابة عن تلك المظاهر الشعبية، التى يتمتع بها الشهر الكريم، فهناك الاحتفالات وزينة الشوارع، وطقس المسحراتي، وسهرة المقرئين فى بيوت الأثرياء، لإحياء ليالى الشهر الكريم، كل ذلك شكل عالما منفردا لليالى رمضان المباركة. ويمكن القول إن هناك كُتابا برعوا فى التصوير، لدرجة أننا أحببنا ما صوروه بلغتهم أكثر مما هو فى الواقع، وربما ظل تصويرهم وتعبيرهم راسخا فى القلوب والذاكرة أكثر من ذكرياتنا الحقيقية، التى عشناها مع أحداث كتبوا عنها بدقة متناهية وصوروها فخلدوها، وهذا ما حدث مع كتاب وأدباء كبار؛ حيث وثقوا لبعض الطقوس الرمضانية الخاصة من خلال رواياتهم، ومن هؤلاء الكتاب الروائى يحيى حقي. يعد الروائى يحيى حقى أحد العلامات البارزة فى تاريخ الأدب العربى والعالمي، وأعماله الأدبية وضعته فى مكانة مرموقة وسط جيله من عمالقة القصة والرواية؛ وكانت آراؤه الفكرية والموضوعات التى طرحها من خلال أعماله الروائية كانت سابقة لتفكير الكثير من مُعاصريه. وقال حقى عن ليلة الرؤية فى شهر رمضان إن هلالها ليس كبقية الأهلة، يظهر خطفًا لا ليضيء، بل ليومئ ثم يغيب، لا أخليه من ميل للدلال والمعابثة «أى بين دلال ولعب»، شأن كل مزهو بجماله رغم جلاله. وفى روايته «قنديل أم هاشم»، وتم تحويلها إلى فيلم سينمائى فى العام 1968، على يد الكاتب صبرى موسى، والمخرج كمال عطية، ومن بطولة شكرى سرحان وسميرة أحمد. يصف بطل الرواية «إسماعيل» ليلة القدر، ففيها حنين غريب لما بها من إجلال، وما يشعر به الفرد على عكس الليالى الأخرى بمثل ما يشعر به من خشوع وقنوع لله؛ وتمثل ليلة القدر فى ذهن البطل غرة بيضاء وسط ليالى سوداء، الليالى والنجوم لها جمال تنطق به بقية العام. ويصف أيام رمضان والجو العام فى رمضان قائلا: «كأن الوجود خلع ثوبه القديم واكتسى جديدا وعلا الجو هدنة بعد قتال عنيف».