تعرف على حكم حصول الموظف على إجازة طوال شهر رمضان

أجاب الشيخ علي أحمد رأفت عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، عن حكم حصول الموظف على إجازة طوال شهر رمضان بهدف التفرغ للعبادة؟
وقال رأفت: الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد، إن حديثنا حول الحصول على إجازة مشروعة مما يستحقه الموظف، وإلا فإن الحصول على إجازة بطريق التحايل أو الغش أو الكذب أمر غير مشروع، وأخذ ما يقابل أيام هذه الإجازات التي تم التحصل عليها بطريق غير مشروع يكون من باب أكل الأموال بالباطل.
تحصل الموظف على إجازة مشروعة طوال الشهر أو أكثره – وإن كان لا حرمة فيه- إلا أن ذلك بالتأكيد أمر يتنافي مع فقه الصيام ومقاصده؛ فليس هناك في الدين أو في فقه الصيام ومقاصده ما يدعو الانسان لترك عمله طوال مدة الصيام حتى ولو كان ذلك بهدف العبادة، ذلك أنَّ الصيام حتى يحقق مقاصده في الفرد صحيا ونفسيا واجتماعيا في أبهى صورها يتطلب حركة وتفاعلا مع الناس يوميا واستثمار ساعات الصيام، وهذا لا يتحقق بترك العمل.
عمل المسلم نفسه كله عبادة إذا صلحت نيته فيه، فالعبادة ليست مجرد صلاة وصيام فحسب، بل باب العبادات متشعب وكبير، حتى شمل العمل الصغير كالتبسم في وجه الغير، وإماطة الأذى عن الطريق، ولا شك أن أداء الموظف وظيفته بصدق وإخلاص من العبادات التي يثاب عليها المسلم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " مَنْ أَمْسَى كالًّا مِنْ عَمَلِ يَدَيْهِ أَمْسَى مَغْفُورًا لَهُ" [الطبراني في الأوسط، 7/289] ومرَّ على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رجلٌ فرأى الصحابة من جَلَدِه ونشاطه، فقالوا: يا رسول الله! لو كان هذا في سبيل الله؟ يعني: أن الرجل بنيانه قوي ويعمل بجد وبهمة وبنشاط، فلو كان يجاهد في سبيل الله لكان أحسن، فقال لهم النبي في رواية: " وَمَا سَبِيلُ اللَّهِ إِلَّا مِنْ قَتْلٍ؟ " يعنى كأنكم قصرتم سبيل الله على الجهاد، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن سبيل الله يشمل أعمالا أخرى، فقال: «إِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى وَلَدِهِ صِغَارًا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ يُعِفُّهَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ رِيَاءً وَمُفَاخَرَةً فَهُوَ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ"[رواه الطبراني في الكبير، 19/129].
ومرَّ على النبي صلى الله عليه وسلم رمضانان كان فيهما مجاهدا، في غزوة بدر الكبرى، وفتح مكة، لذلك فالصيام المثالي هو الذي يجمع ما بين العبادة والعمل، والله تعالى أعلى وأعلم.