ستة أعوام مرت على اختطاف مطرانى حلب متروبوليت حلب والإسكندرون وتوابعهما للروم الأرثوذكس المطران بولس اليازجي، ومتروبوليت حلب للسريان الأرثوذكس المطران يوحنا إبراهيم، والذين تم اختطافهم من قبل مجموعة مسلحة فى 21 أبريل 2013، خلال رحلة عودة بعد مشاركتهما فى جهود إنسانية فى قرية «كفر داعل» بريف حلب، حيث اختطفا قبل وصولهما إلى المدينة، فيما قتل سائق المطران إبراهيم على الفور. مصير مجهول منذ ذلك التاريخ لم تتوقف جهود البحث عنهما إلا أنها لم تتوصل إلى نتيجة، وفى بداية عام 2019 خرج الأب صموئيل كوموش، راعى الكنيسة السريانية الأرثوذكسية فى ألمانيا ومنسق اللجنة الخاصة بالقضية، ليؤكد من خلال معلومات استقاها ممن ينسق معهم على الأرض، ما يفيد وجود المطران يوحنا فى منطقة «الباغوز» شرق سوريا، وهى تعد ضمن معاقل أخيرة يتحصن بها تنظيم «داعش» وتشهد معارك له مع قوات سورية الديمقراطية، المدعومة من الولاياتالمتحدة والتحالف الدولي، فيما غابت المعلومات بشأن مصير المطران يازجي. وكانت مطرانية حلب للروم الأرثوذكس قد أكدت عقب حادث الاختطاف أنها تجهل مصير المطرانين، وقال مصدر فى المطرانية وقتها: « ما نعلمه هو قيام جماعة مسلحة بإيقاف السيارة واختطاف المطارنة بينما قتل السائق» ووفتها أيضا أصدر بطاركة القدس بيانا أكدوا فيه، أن اختطاف أرفع أعضاء الكنيسة، دليل إضافى على الوضع المأساوى السائد فى سوريا، موجهين نداء بإطلاق سراح المطرانين، فيما ناشدت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس بإطلاق سراح المطرانين بشكل فورى وسريع، منددةً بالاعتداء على دور العبادة من كنائس ومساجد، والتعرض لرجال الدين بالاعتداء والخطف، داعية إلى إقصاء أماكن العبادة ورجال الدين عن الصراع القائم فى سوريا. لا شيء سوى الإدانات وتتابعت الإدانات بعدها، ففى العام الماضى أصدر المجمع المقدس للسريان الأرثوذكس، بيانا فى ختام اجتماعات عقدت مع مرورالفين يوم على الاختطاف، استنكرت فيه ماوصفته بالصمت المريب، ولا مبالاة المجتمع الدولى تجاه هذا الملف، مطالبين كل الدول والمنظمات الدولية ببذل كل الجهود المتاحة للعمل على عودة المطرانين. كما استنكر المجمع المقدس لبطريركية أنطاكية للروم الأرثوذكس، الصمت الدولى المطبق تجاه القضية فى عامها الخامس، مطالبين ب «إطلاق سراحهم»، كما أصدرت اللجنة البطريركية المتابعة لقضية خطف المطرانين، والتابعة لكنيسة السريان الأرثوذكس بيانا، دعت فيه دعاة الحرية وحقوق الإنسان بمتابعة هذه القضية وإبقائها حيّة فى اجتمعاتهم. رحلة عشق فى حب سوريا جدير بالذكر أن ماجمع المختطفين هو عشقهما لسوريا، فمطران حلب للسريان الأرثوذكس يوحنا إبراهيم، اتخذ موقفا معتدلا وسطيا خلال الأزمة السورية، حيث كان يدعو إلى نظام أكثر ديمقراطية وتعددية، من دون أن يكون ذلك عبر الاقتتال الداخلي، أو عبر التدخل الخارجي، ورفع شعار «شهيدًا فى حلب ولا شريدًا فى العالم»، حينما طلب منه محبوه الخروج من حلب خوفًا على مصيره، إلا أنه رفض تلك الدعوة جملة وتفصيلًا مفضلًا مواجهة مصيره، وهو ماحدث بعد ذلك. والمطران إبراهيم وُلد فى القامشلى بسوريا فى 18 أغسطس 1948، والتحق بكلية مار افرام فى لبنان حيث درس اللاهوت والفلسفة، وتخصص لاحقا فى تاريخ الكنائس المشرقية، وحصل على بكالوريوس القانون الكنسى المشرقى فى روما سنة 1976. سيم بين سنتى 1967 و-1977 كاهنا على أبرشيتى هولندا وبلجيكا، وأصبح لاحقا نائبا بطريركيا فى السويد بين 1976-1977، كما عين لاحقا رئيسا على المدرسة اللاهوتية بلبنان. سيم مطران على حلب وتوابعها فى 4 مارس 1979، حيث حاز على لقب غريغوريوس بحسب التقليد السرياني، ولديه العديد من النشاطات المسكونية، من أهمها عضوية اللجنة المركزية فى مجلس الكنائس العالمى بين 1980 إلى 1998، كما أسس واشرف على دار» ماردين -ارها « للنشر بحلب والتى نشرت المئات من الكتب فى المواضيع المسيحية والتاريخية. اليازجى.. مواقف داعمة للنظام اما المطران بولس اليازجى فقد تراس «دير البلمند» سابقا وفعل دوره كمرجعية فى المنطقة، واتخذ مع مجموعة من الشباب المسيحي، مواقف مؤيدة للنظام السورى لكنه كان ينتقد أخطاءه فى الوقت نفسه، ويقال: إن تأييده النظام، جاء بعد المجازر التى افتعلتها الجماعات التى تقاتل تحت اسم الاسلام، أن أعلن كثيرا موقفه من ان الإسلام بريء من تلك الأفعال، كما دعا وشارك فى مؤتمرات عديدة للتقريب بين الديانتين الإسلامية والمسيحية على قاعدة التوافق والشراكة فى الوطن العربى الواحد. المتروبوليت بولس يازجى من مواليد عام 1959، وهو مطران أبرشية حلب للروم الأرثوذكس، وشقيق البطريرك يوحنا العاشر يازجى بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، ولد فى اللاذقية وحصل على الإجازة فى الهندسة المدنية من جامعة تشرين السورية، ثم انتقل إلى دراسة اللاهوت حيث حصل على شهادتى الماجستير والدكتوراه من جامعة تسالونيك فى اليونان، حيث تم نشر أطروحة الدكتوراه التى كتبها باللغة اليونانية، وعنوانها «الأسس الاسختولوجية للأخلاقيات المسيحية عند الذهبى الفم» [2] كما تعلم الموسيقى البيزنطية وفن رسم الأيقونات البيزنطية. وفى عام 1992 بدأ بتدريس مجموعة من المواد بكلية اللاهوت بجامعة «البلمند» بعدها أصبح عميدا لكلية اللاهوت، وترأس دير سيدة البلمند منذ 1994 حتى 2001. أصبح بولس يازجى شماسًا عام 1985 على يد المطران يوحنا منصور، وكاهنا فى عام 1992 على يد المطران يوحنا منصور، ورفع إلى رتبة «ارشمندريت» فى عام 1994، وفى 2 أكتوبر 2000 انتخب بإجماع المجمع الأنطاكى المقدس مطران لأبرشية حلب، حيث تمت سيامته الأسقفية بقداس ترأسه البطريرك أغناطيوس الرابع هزيم، فى كنيسة المريمية فى العاصمة السورية دمشق، أقيم بتاريخ 20 أكتوبر 2000، وتم تنصيبه فى كاتدرائية النبى إلياس بحلب بتاريخ 22 أكتوبر 2000.