يتناول كتاب «الكون الغامض»، تأليف سير جيمس جينز، ترجمة عبدالحميد حمدى مرسي، مراجعة الدكتور على مصطفى مشرفة، العديد من المسائل العلمية الشائكة، ويعرج على الكثير من النظريات والفتوحات الفلكية التى كان لها شديد الأثر على نظرة الإنسان لنفسه، وللكون، وللطبيعة، ومنها الثورة الكوبرنيكية –نسبة إلى نيكولاس كوبرنيكوس-، والتى بدَّلت نظرة الإنسان لنفسه من كائن يعد مركزًا للكون، إلى كائن يسكن كوكبًا صغيرًا يدور هو ومجموعة من الكواكب الأخرى، حول الشمس، التى تعتبر بدورها نجما من ضمن ملايين النجوم، فى مجرة اسمها درب التبانة، تعد واحدة من ملايين ملايين المجرات الُأخرى. كتاب «الكون الغامض» ذاع صيته بين العلماء والمشتغلين بالبحث العلمي، كما عرفه أيضًا المشتغلون بالفلسفة، بل استشهدوا ببعض مما ورد فيه، كما أعجب به غير المشتغلين أو غير المتخصصين بهذا أو ذاك من قراء الكتب العلمية المبسطة، فالكتاب يعد نموذجًا مثاليًا لهذه النوعية من الكتب. يعرض الكتاب ضمن أجزائه بعض الحقائق العلمية الفلكية والفيزيائية، منها أن النظام السائد قديمًا فى علم الفلك كان هو نظام بطليموس، والذى يقر أن الأرض ساكنة فى وسط الكون، ويدور حولها الكواكب السيارة ثم جاء نظام كوبر نيكوس فوضع الشمس فى وسط النظام الشمسي، ولكنه لاقى مقاومة عنيفة من قبل الكنيسة، واحتفظ كوبر بالأفلاك الدائرية، وبالرغم من تلك المعارضة جاء كبلر بعد ذلك واستخدم هذه النظرية فأثبت أن مدار السيار ليس دائرة تامة كما كانت قواعد الكون عند اليونان، ولكنه قطع ناقص إلى حد ما وأن الشمس تحتل إحدى بؤرتيه، وكان هذا أول قانون من قوانين كبلر الثلاثة التى تحكم النظام الشمسي، أما القانون الثانى فهو أن الكواكب السيارة تزيد سرعتها عندما تقترب فى مداراتها البيضاوية من الشمس، عن سرعتها فى أجزاء مداراتها النائية، والقانون الثالث هو أن المدد المختلفة التى تستغرقها الكواكب السيارة فى مداراتها يتناسب مربعها تناسبًا طرديًا مع مكعب أبعادها من الشمس. ولقد كانت لهذه القوانين الثلاثة لكبلر، وميكانيكا جاليليو الأساس الذى قام عليه اكتشاف نيوتن لقانون الجاذبية العام، وقال إن القوى التى تحفظ الكواكب السيارة فى مساراتها يجب أن تتناسب عكسيًا مع مربع المسافات من المراكز التى تدور حولها، وأكد أن هناك قوتين تؤثران فى حركة الفلك فى مداره حول الشمس، الأولى هى القوة الطاردة الناشئة من مجرد دورانه والتى تجعل السيار يحاول أن ينطلق فى الفضاء على خط مستقيم، أما القوة الثانية فهى الجاذبية وهى أشبه بحبل لا ينقطع النجوم ليست ملتصقة ببعضها كما يبدو للناظر، ولكن تفصل بينها مسافات هائلة. كما تحدث الكتاب عن النجوم ومدى حقيقة ما يظهر لنا منها، قائلًا إن النجوم تتواجد فى الكون على هيئة مجموعات نجمية منها المرئى واللامرئى، وأنها توجد على شكل منبسط، ولكن بعضها إذا نظر له من أعلى يكون على هيئة لولب ذى أذرع متعددة، ويطلق على تلك التجمعات المجرات، وشمسنا التى نعيش تحتها على الأرض هى إحدى نجوم مجموعة، وهذه المجموعة يطلق عليها اسم الطريق اللبنى أو (طريق اللبانة ودرب التبانة) التى تحتوى على مليار نجم تقريبا. والكتاب، بشكل عام، مكتوب بلغة يمكن للقارئ المتخصص فهمها وإدراكها إلى حد ما، يسمح له بالغوص فى تلك الرحلة التى تسبر أغوار الكون المجهول.