وهبت نفسها لوالديها، منذ اللحظة الأولى التى أدركت فيها العالم من حولها، ارتدت ثوب والدها، وجعلت حرفته ميراثها قبل مماته، أصرت على إتقان الصنعة، خاصة بعدما نخر المرض صحة والدها، وأصبح عاجزا، فليس لوالدتها وإخوتها الصغار من بعده عائل سواها، فقررت أن تخوض معركة الحياة منذ نعومة أظافرها، وحملت على كاهلها مسئولية أسرتها بحرفة جعلتها الأشهر فى محافظتها وهى «العجلاتية». «فاطمة عبداللطيف أبو سنة»، بلغت 60 عاما من العمر، ومازالت تمارس حرفة «العجلاتية»، التى أتقنتها بفضل والدها، تقيم بمنطقة الشبطانى بمدينة دمياط. تروى قصتها قائلة: «لم يعرف والدى سوى «العجلاتي» حرفة، صارت عمله ومصدر دخلنا الوحيد أنا وإخوتى الثلاثة وأمي، ولأنى كنت الأكبر وقع الاختيار علي، لأحترف «صنعة» أبي، كنت وقتها أتممت 6 سنوات، وبعد سنوات قليلة، نخر المرض جسد أبى ونال من صحته، فأصررت على إتقان الحرفة، لأن أبى دون إرادة منه، علق مسئولية أسرتى بعنقي، كنت متفرغة تماما للحرفة ولم ألتحق بالتعليم، وكرست كل حصيلتى من مشقتى فى العمل، لأنفقه على عائلتى الصغيرة، مرت السنوات وتوفى والدىَّ، مما زادنى تحملا للمسئولية، فلدى أختان وأخ بحاجة للزواج». وتستكمل قصتها: «كنت أعمل منذ الصباح الباكر وحتى آخر اليوم، كما كنت أؤجر «العجل» فى المصايف فى شواطئ دمياط، وذلك لزيادة الدخل، وعلى الرغم من الجهد الشاق الذى كنت أعانيه، لكن الله توج مجهودى واستطعت بفضله، أن أزوج شقيقتى وأجهزهما دون نقصان فى ما تحتاجه العروس، وساعدت أخى هو الآخر فى زواجه. وتتابع: «فى رحلة الحياة نسيت نفسي، لأجل إخوتى ووالدىَّ من قبل رحمهما الله، حيث رفضت الزواج من شباب تقدموا لخطبتى فى شبابي، وكنت وقتها أتمتع بجمال وقوة شخصية اكتسبتها من العمل والاختلاط بالصنايعية والناس بكل ألوانهم، لكن ما يهون على تضحيتى هذه، أن أبناء إخوتى يعتبروننى أما لهم، ومازال إخوتى يحملون لى الجميل ويودونني، فهذا زادى فى الحياة». وتضيف «فاطمة» منذ أكثر من عام سعدت بتناول أحد الصحفيين الحديث عنى عبر إحدى الجرائد، وزادت شهرتى فى محافظتي، لدرجة جعلت المحافظ يستدعينى ويمنحنى مبلغا وقدره 10 آلاف جنيه من فاعل خير، وزادنى ثقة فى الله، زيارة مدير الأمن لى مكللا جهدى بالثناء والشكر، على مجهود بذلته دام لأكثر من 54 عاما، فى ممارسة الصنعة الرجالية، وشعرت وقتها بأن الحظ ابتسم لي، خاصة أن المحافظ وعدني، بتوفير شقة إيواء لي، لأن شقتى التى أسكنها بالإيجار، من العقارات القديمة وآيلة للسقوط، كما وعدنى أيضا بمعاش تضامن اجتماعي، وهذا كان من أسباب سعادتي، لكن لم يتم تنفيذ شىء من الوعود.