تطرح الهيئة العامة للكتاب بالتزامن مع افتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب غدًا الأربعاء "مختصر معجم الأدباء أو إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب"، تصنيف أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي، اختصار وتقديم الدكتور نادر أحمد عبدالخالق. وقد حصلت "البوابة نيوز" على مقدمة الكتاب وفيما يلي أهم ما جاء بها: "لاشك أن علم التراجم من العلوم التي انشغل بها العرب كثيرا حتى برعوا وأجادوا فيها فصارت فنا من فنون التأليف والإحصاء والرصد لديهم، وموردا للأخبار والمعارف المتعددة والمتنوعة وقد تجلى ذلك في الأثار والأخبار والترجمات التي وردت إلينا، والتي انعكس فيها تاريخ العرب وعاداتهم وطرق حياتهم ومناقبهم ومآثرهم ومفاخرهم وأهم شخصياتهم، ومن هذه الآثار كتاب "الوافي بالوفيات" ل"صلاح الدين الصفدي" وكتاب "فوات الوفيات" لابن شاكر الكتبي "وكتاب" العبر" و"سير أعلام النبلاء" و"الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة وحاشيته" للذهبي. وكتاب "الأعلام" للزركلي، و" نثر الجواهر والدرر في علماء القرن الرابع عشر " لأبو محمد يوسف بن عبد الرحمن المرعشلي" وكتاب "بُغْيَةُ الوُعاة في طبقات اللُّغويين والنُّحاة" وهو من مصنّفات القرن التاسع الهجري. ألّفه الإمام جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السّيوطي (ت911ه، 1505م وغيرها من الكتب والأثار التي يصعب حصرها وذكرها من وفرتها وسعة انتشارها. وقد تناولت هذه التراجم الكتَّاب والشعراء والنحاة والفلاسفة والفقهاء والمؤرخين والرواة ورجال الدين والعلم والسياسة، وقد تميز كل كاتب ومؤلف ومترجم عن غيره ، فهذا عكف على السير والأخبار وهذا انشغل بالنوادر والملح وذاك اهتم بالأماكن والأثار وأخر حرص على الاختصار والتدقيق والبعد عن الحشو والزيادة فقدم القضايا والأفكار وأهم الشخصيات التي ارتبط ذكرها بتطور الحياة العقلية والفكرية عند العرب وما إلى ذلك مما أعطى فكرة واسعة عن الحركات العلمية والتاريخية وأحوال العلماء والأدباء العرب فى بلادهم وأوطانهم على مر العصور، بالإضافة إلى ما تخصص فيه كل مترجم فى تناوله للشخصيات واتجاهاتها التى صبغت بها الترجمة. والمتأمل يجد أن هذا الاختلاف والتباين قد عكس كثيرا من ضروب الترجمة ومهارة المترجم وخصوصية العصر والطبيعة الاجتماعية والفكرية والثقافية، وأدى ذلك إلى وجود الملمح الذاتي للمؤلف، حيث تستطيع أن تقول: هذا له قدرة في التمييز بين الأشخاص والأخبار، وغيره يختلف عن سابقه في الوقوف أمام النصوص ونسبتها وتوثيقها، والأخر يهتم بالنواحي العلمية والتاريخية والاختصار، مما يجعل كل مصنف علامة واضحة على العصر الذى يتناوله، وصورة من صور التأليف الأدبي والنقدي والتاريخي والعلمي والديني والفلسفي والاجتماعي من العصر الذى أنتجه. ويعد "معجم الأدباء" لياقوت الحموي" واحدا من أهم كتب التراجم ، حيث يشتمل على مجموعة كبيرة من التراجم والشخصيات التي ضمت العديد، من النحويين واللغويين والنسابين والقراء والأخباريين والمؤرخين والوراقين والكتَّاب، وأصحاب الرسائل والمدونات، وأرباب الخطوط المنسوبة والمعينة، وكل من صنّف في الأدب تصنيفاً أو جمع في فنه تأليفاً. وهو بذلك يعد من أشهر المؤلفات وأهمها في هذا المجال، لما يقدمه من تراجم وأخبار ونوادر وقضايا وأفكار ومناظرات، فى كل العلوم والفنون والآداب، فلم يقف المؤلف عند التراجم فقط بل تعدى إلى الاتجاه العام الذى غلب على الشخصية، مما أتاح له عرض الخلافات والقضايا التى أثارت الجدل فى حينها سواء على المستوى السياسي أو الديني أو العلمي أو الأدبي أو النقدي أو الفلسفي، وكان من نتيجة ذلك أن توسع فى ذكر الشخصيات الأدبية خاصة والشخصيات العلمية والنحوية والدينية والفكرية والاجتماعية والعامة التى كان لها إسهامات فى مجال التعبير الأدبى فى عصرها. وقد أدى ذلك إلى استيعاب فنون الأدب والبلاغة والنقد، وحشد الأراء والمواقف التى تعكس روح العصر وعاداته وتقاليده فتستطيع أن تقف على تطور الحياة الفكرية والثقافية والعلمية فى تراجم العديد من الشخصيات، وتستطيع أن تقف على الجوانب الخفية التى لم تكن مطروقة فى حياة الكتَّاب والفقهاء والنحاة والبلاغيين خاصة الأدباء، والتى قد تغفلها الدواوين والآثار الأخرى. فقد انشغل "ياقوت الحموي" بكل من كانت له دراية بالأدب والنقد والتحليل شعرا ونثرا، وأحصى تصانيف كل أديب وكاتب وناقد ولغوي، وما اشتهر به وما علق به من أخبار وطرف وحكايات ومسامرات ومساجلات، وقد حرص على تعدد الروايات للحادثة الواحدة، وحرص على أن يقدم للقارئ الشخصية من وجوه مختلفة اعتمد فيها على أخبار من سبقوه من الرواة والمترجمين وغيرهما ممن انشغلوا بالسِّيَر والأخبار وهم كثر، واعتمد ياقوت في منهجه على الترتيب الأبجدي الذى يسير وفق تسلسل الحروف العربية المعروفة (الألف باء) فبدأ بالهمزة وانتهى بالياء، ونلاحظ أن المنهجية الموضوعية في تواتر التراجم وتسلسلها قد توافقت مع دلالة التسمية التي أطلقها على كتابه "معجم الأدباء" مما يلفت النظر إلى ثقافة الرجل اللغوية، وإلى فطنته فى الترتيب والتبويب والتنسيق والإحصاء، ويدل هذا على ثقافة العصر الذى ينتمى له "ياقوت الحموي" على مستوى التأليف اللغوي والأدبي والنقدي والتاريخي، وهى من الضرورات فيمن يتصدى للترجمة خاصة أنه حدد هدفه ومقصده فى جماعة الأدباء دون غيرهم. ومن الجدير بالذكر أن "معجم الأدباء" يضم ما يزيد عن الألف ترجمة (1068) موثقة ومبوبة حسب التصنيف الأبجدي المعروف بدقته في الإحصاء والترتيب، جمعها وأحصاها "ياقوت الحموي"، فقدم فيها الشخصية وسنة الميلاد والوفاة والمهنة والصفة والمكان والتاريخ والفن والعلم والموهبة والرواية الصحيحة والمردودة وأماكن الترحال، محاولا رسم صورة حقيقية للشخصية وما يتعلق بها من أسرار وحكايات وما تمتاز به فى فن الأدب والكتابة والتأليف، وما دار حولها من جدل وخلاف وقضايا.