صدر مؤخرا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب في سلسلة مختصرات التراث "مختصر معجم للأدباء" لياقوت الحموي اختصار وتقديم الدكتور نادر أحمد عبدالخالق. ويعد "معجم الأدباء" لياقوت الحموي" واحدا من أهم كتب التراجم، حيث يشتمل على مجموعة كبيرة من التراجم والشخصيات التي ضمت العديد، من النحويين واللغويين والنسابين والقراء والإخباريين والمؤرخين والوراقين والكتَّاب، وأصحاب الرسائل والمدونات، وأرباب الخطوط المنسوبة والمعينة، وكل من صنّف في الأدب تصنيفاً أو جمع في فنه تأليفاً. وهو بذلك يعد من أشهر المؤلفات وأهمها في هذا المجال، لما يقدمه من تراجم وأخبار ونوادر وقضايا وأفكار ومناظرات، في كل العلوم والفنون والآداب، فلم يقف المؤلف عند التراجم فقط بل تعدى إلى الاتجاه العام الذي غلب على الشخصية، مما أتاح له عرض الخلافات والقضايا التي أثارت الجدل في حينها سواء على المستوى السياسي أو الديني أو العلمي أو الأدبي أو النقدي أو الفلسفي، وكان من نتيجة ذلك أن توسع في ذكر الشخصيات الأدبية خاصة والشخصيات العلمية والنحوية والدينية والفكرية والاجتماعية والعامة التي كان لها إسهامات في مجال التعبير الأدبي في عصرها . وقد أدى ذلك إلى استيعاب فنون الأدب والبلاغة والنقد، وحشد الآراء والمواقف التي تعكس روح العصر وعاداته وتقاليده فتستطيع أن تقف على تطور الحياة الفكرية والثقافية والعلمية في تراجم العديد من الشخصيات، وتستطيع أن تقف على الجوانب الخفية التي لم تكن مطروقة في حياة الكتَّاب والفقهاء والنحاة والبلاغيين خاصة الأدباء، والتي قد تغفلها الدواوين والآثار الأخرى. فقد انشغل "ياقوت الحموي" بكل من كانت له دراية بالأدب والنقد والتحليل شعرا ونثرا، وأحصى تصانيف كل أديب وكاتب وناقد ولغوي، وما اشتهر به وما علق به من أخبار وطرف وحكايات ومسامرات ومساجلات، وقد حرص على تعدد الروايات للحادثة الواحدة، وحرص على أن يقدم للقارئ الشخصية من وجوه مختلفة اعتمد فيها على أخبار من سبقوه من الرواة والمترجمين وغيرهما ممن انشغلوا بالسِّيَر والأخبار وهم كثر. واعتمد ياقوت في منهجه على الترتيب الأبجدي الذى يسير وفق تسلسل الحروف العربية المعروفة(الألف باء) فبدأ بالهمزة وانتهى بالياء، ونلاحظ أن المنهجية الموضوعية في تواتر التراجم وتسلسلها قد توافقت مع دلالة التسمية التي أطلقها على كتابه "معجم الأدباء" مما يلفت النظر إلى ثقافة الرجل اللغوية، وإلى فطنته في الترتيب والتبويب والتنسيق والإحصاء، ويدل هذا على ثقافة العصر الذى ينتمى له "ياقوت الحموي" على مستوى التأليف اللغوي والأدبي والنقدي والتاريخي، وهي من الضرورات فيمن يتصدى للترجمة خاصة أنه حدد هدفه ومقصده في جماعة الأدباء دون غيرهم . ويضم "معجم الأدباء" ما يزيد عن الألف ترجمة (1068) موثقة ومبوبة حسب التصنيف الأبجدي المعروف بدقته في الإحصاء والترتيب، جمعها وأحصاها "ياقوت الحموي"، فقدم فيها الشخصية وسنة الميلاد والوفاة والمهنة والصفة والمكان والتاريخ والفن والعلم والموهبة والرواية الصحيحة والمردودة وأماكن الترحال، محاولا رسم صورة حقيقية للشخصية وما يتعلق بها من أسرار وحكايات وما تمتاز به في فن الأدب والكتابة والتأليف، وما دار حولها من جدل وخلاف وقضايا .