كغيره من الشباب الذين يلجأون إلى الغربة عقب الحصول على الشهادة الجامعية، من أجل جنى الأموال وتكوين الذات، حصل محمود البدرى على بكالوريوس التجارة، وسافر إلى الإمارات بعد أن وجد فرصة عمل كمحاسب فى أحد المطاعم الكبرى هناك، واعتاد الشاب على قضاء وقت فراغه فى الحديث مع العمال لاكتساب العديد من الخبرات فى أكثر من مجال، وكلما نظر إلى الطباخين وشيف العصائر داخل المطعم أثناء تحضيرهم الوجبات والعصائر، كان يسرح بخياله بعيدا بين التفكير فى تحقيق أحلامه تارة، والغرق فى ذكرياته تارة أخرى. فى الواقع لم يولد «محمود» داخل أسرة ثرية أو متوسطة الدخل، بل اضطر للعمل فى المطاعم منذ بداية حصوله على إجازة نهاية العام الدراسى للصف الخامس الابتدائى وحتى التحاقه بالجامعة، وذلك ليوفر الشاب المكافح مصاريف دراسته، ورغم تحقيقه حلم كل شاب بعد تخرجه فى الجامعة، وحصوله على فرصة عمل جيدة فى «دبي» إلا أنه سرعان ما عاد إلى أرض الوطن ليحل مكان والده بعد وفاته باعتباره الأخ الأكبر. وعن رحلة كفاحه يقول محمود البدرى البالغ من العمر 36 عامًا: «رجعت مصر بعد وفاة والدى علشان أخلى بالى من أمي، سيبت مكتبى وتكيفى وعملى فى دبي، وفتحت مطعم وكافيه هنا فى المنوفية، بصراحة خسرت والمشروع فشل وقفلته بعد ما حطيت فيه كل فلوسي، كنت هسافر تانى لأن إقامتى فى الإمارات ممتدة لآخر العام الحالي، لكن لحسن الحظ مراتى شافت إعلان المحافظة وأقنعتنى أقدم فيه». ويختتم: «بالفعل قدمت وقررت أبدأ من جديد، فتحت هنا فى شارع مصر، استغنيت عن الأكل، وبقيت شغال على المشروبات الساخنة، وعصاير الفواكه الفريش، وكمان بقدم حمص الشام وبليلة فى الشتاء، ببيع الشاى ب3ج والقهوة ب5ج وعصاير فريش كوكتيلات وصن شاين ب10ج، مكنتش مصدق، بفضل الله الإقبال كان كبيرا جدا فى الأول وكنت بكسب أكتر من راتبى فى دبي، لكن مع الوقت الإقبال قل شوية بسبب عدم وجود تاندة تمنع الشمس ده بالنسبة للكل، وبالنسبة لى معنديش وصلة مياه لأنى فى الجانب التانى بعيدًا عن العقارات، ورغم أنى أخذت وعودا بتوصيلها لكن للأسف لسه محصلش نصيب».