أكد نائب رئيس الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أن ما بين الشهداء والاتحاد روابط وثيقة جوهرها العطاء بكل مستوياته وفي أسمى معانيه، والإقدام الواعي في التعامل مع المخاطر والشجاعة في مواجهة التحديات أيًا كانت ومهما بلغت صعوبتها وكثرت عقدها. وقال الشيخ محمد بن راشد: "إنه حين يقف شعبنا اليوم دقيقة صمت تكريمًا للشهداء فإنني أسمع صدى الصمت نداءً يردده أبناء وبنات الإمارات بصوت الشهداء: نحن جاهزون لتقديم أرواحنا فداء لحرية وطننا وأمنه واستقراره، ونحن مستعدون لتحمل أية تكاليف، ومواجهة أية أخطار لصون سيادة واستقلال وطننا والحفاظ على كرامته وازدهاره". وفيما يلي نص كلمة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم التي وجهها عبر مجلة درع الوطن بمناسبة يوم الشهيد: "يتجدد اجتماعنا اليوم لتكريم شهدائنا الأبرار، والشد على أيادي أسرهم، وتأكيد عرفاننا بدورهم في رفد وطننا بعناصر قوة إضافية، تزيده منعة ومجدًا، وتزيد راياته علوًا وشموخًا، وتزيد أبناءه عزمًا وصلابة. وإذ لا توجد كلمات ترتقي إلى مقام الشهادة، فإنها تظل مقرونة بمعنى الكمال في كل شيء، كمال الإيمان، وكمال الرجولة، وكمال الشجاعة، وكمال العطاء، وكمال الولاء والانتماء، تحضر هذه المعاني في يوم الشهيد كما لا تحضر في يوم آخر، وبها يأخذ هذا اليوم مكانته الأثيرة في حياتنا. وقد عزز أخي رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان هذه المكانة بتعيين هذا اليوم في الثلاثين من نوفمبر كل عام، والذي استشهد فيه أول مواطن في العصر الحديث، عشية احتفالنا السنوي بذكرى تأسيس اتحادنا وقيام دولتنا، فما بين الشهداء والاتحاد روابط وثيقة جوهرها العطاء بكل مستوياته وفي أسمى معانيه، والإقدام الواعي في التعامل مع المخاطر، والشجاعة في مواجهة التحديات أيًا كانت ومهما بلغت صعوبتها وكثرت عقدها. اليوم، يا أبناء وبنات الإمارات، ونحن نتذكر شهداءنا بكل الإجلال والإكبار والتقدير، نزداد تمسكًا بالحياة الحرة الكريمة لوطننا وشعبنا كما أرادها اتحادنا، وكما بذل شهداؤنا أرواحهم من أجل صونها وتعزيز مقومات استمرارها. وحين يقف شعبنا غدًا دقيقة صمت تكريمًا للشهداء، فإنني أسمع صدى الصمت نداءً يردده أبناء وبنات الإمارات بصوت الشهداء: "نحن جاهزون لتقديم أرواحنا فداء لحرية وطننا وأمنه واستقراره، ونحن مستعدون لتحمل أية تكاليف، ومواجهة أية أخطار لصون سيادة واستقلال وطننا والحفاظ على كرامته وازدهاره". وإنني اسمع الصدى عهدًا يجدده أبناء وبنات الإمارات على أنفسهم، بأن يظلوا حافظين لدماء الشهداء، أُمناء على إرثهم، سائرون على دربهم في الوفاء للقسم، والعطاء للوطن، والولاء للقيادة، والإخلاص في العمل، وبذل الغالي والنفيس لتظل دولتنا مرفوعة الرأس، ورايتنا خفاقة بالعز والسؤود. في اجتماعنا حول شهدائنا وأسرهم، إنما نجتمع أيضًا حول قواتنا المسلحة الباسلة، درع الوطن وحصنه المتين، فالشهداء جاءوا من صفوف ضباطها وجنودها، ونهلوا من معين قيمها، وجسدوا مناقب منسوبيها. لقد كانت قواتنا المسلحة ومازالت البوتقة الأهم لتعزيز الوحدة الوطنية، وبلورة الشخصية الإماراتية في تجلياتها العليا المجبولة من قيم الشرف، ومن إشراقات تراثنا وثقافتنا العربية الإسلامية، وإرث أسلافنا في حفاظهم على هذه الأرض، وتغلبهم على قسوة بيئة الصحراء وعتمة قاع البحر وصخب أمواجه العاتية. وأقول لكل منسوبي قواتنا المسلحة، ولأبنائها الذي خدموا في صفوفها منذ تأسيسها، لقد طوق زملاؤكم الشهداء أعناقكم وأعناق كل أبناء وبنات الإمارات بأكاليل الغار، وقد أثبتم بكفاءتكم وشجاعتكم وأدائكم البطولي وعمق ولائكم وانتمائكم، أنكم في مستوى تطلعات قيادتكم وشعبكم، وأنكم جديرون بالمكانة التي تتبوأونها، فها هي قواتنا المسلحة تنشر الطمأنينة في قلب كل مواطن ومقيم، وتوطد الأمن والاستقرار، وتعزز الثقة بالحاضر والمستقبل، وتزيد وطننا قوة ومناعة، وتحيي الأمل في قلب كل عربي وكل انسان ينشد العدل والأمن والسلام. من أفضال الشهداء علينا أنهم في يومهم السنوي، يذكروننا بأن نعم الأمن والاستقرار والازدهار ليست معطى ثابتًا، أو حالًا تتسم بالدوام، أو أصلًا مستقرًا في طبائع الأشياء، إنما هي نعم تتحقق بالسعي إليها، والاستعداد لصونها بالجهد والعرق والوعي والعمل الدؤوب، والدفاع عنها بكل الإمكانيات، وبالتضحية من أجلها بالغالي والنفيس. وهذا بالضبط ما نفعله منذ تأسيس اتحادنا، وهو هاجس أخي رئيس الدولة وجوهر خطط الحكومة، وفي مقدمة جدول أعمال أخي ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. نحن واعون على البيئة الأمنية المضطربة في منطقتنا، ومتحسبون لكل احتمالاتها، لكن هذه البيئة لن تغير من ثوابتنا وأولوياتنا، سنظل أهل سلم وبناء وتنمية وتعايش مع الآخرين وانفتاح على ثقافاتهم، سنظل عونًا للأشقاء والأصدقاء والمنكوبين بالكوارث الطبيعية وقلة الحيلة. في يوم الشهيد نشاطر ذوي الشهداء مشاعرهم بلوعة الفقدان وألم الفراق. وعزاؤهم وعزاؤنا في قوله سبحانه وتعالى "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون* فرحين بما أتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون". وعزاؤنا في التفاف أهل الإمارات حول أسر الشهداء، وفي رعاية الدولة لهم، وجهود "مكتب أسر الشهداء" في متابعة شؤونهم واحتياجاتهم. أسأل الله عز وجل أن يعلي مقام شهدائنا، وأن يعوض ذويهم خيرًا، وأن يكتب الشفاء العاجل لجرحانا. وأسأله سبحانه وتعالى أن يحفظ منتسبي قواتنا المسلحة، وأن يكتب السلامة لأبنائنا في ميادين المعارك، ويعيدهم سالمين غانمين لذويهم ووطنهم.