أسهمت أصوله الشركسية في تكوين جزء كبير من شخصيته، فغلبت عليه ملامح "الجنتل مان"، نظرًا لاهتمامه وتعلمه قواعد "الإتيكيت"، حتى لقبه زملاؤه في الكلية الحربية ب"البرنس"، فكان يجمع صفات شخصية صاحب السمو الرفيع لكونه شابًا وسيمًا، ومن عائلة راقية ومنضبطًا وملتزمًا في مواعيده، إضافة إلى ثقافته وإتقانه لغات أجنبية. ولقب بالعديد من الألقاب غير "البرنس"، فكان "فارس السينما المصرية"، وقادته الصدفة وحدها ليصبح أحد نجوم السينما، تقف أمامه النجمات، وتتمنى لقاءه المعجبات، رغم بدايته العسكرية الخالصة، إنه النجم أحمد مظهر الذى تحل اليوم ذكرى ميلاده. ولد مظهر في ال 8 من أكتوبر عام 1917 بالقاهرة، والتحق بالكلية الحربية وكان دفعة جمال عبد الناصر وأنور السادات وتخرج منها عام 1938، وشارك في الحرب العالمية الثانية ثم حرب 1948 وانضم إلى تنظيم الضباط الأحرار رفقة عبد الناصر وعبد الحكيم عامر والسادات، واستقال من العمل العسكري وهو برتبة عقيد ليتفرغ ويحترف مهنة التمثيل. شارك بعد ثورة يوليو في عدد من الأعمال الفنية، أشهرها "رد قلبي"، وأول أفلامه عام 1951 حيث شارك في فيلم ظهور الإسلام، وشارك في عدد كبير من الأفلام الجماهيرية الناجحة التي قام ببطولتها مثل الأيدي الناعمة والشيماء ودعاء الكروان وإسلاماه والعتبة الخضراء. وذات يوم، فوجئ الجمهور بظهوره على شاشة التلفزيون، تكسوه معالم الشيخوخة، ممسكا بعصاه، منحنيًا في جلسته، يحاوره الإعلامي مفيد فوزي، الذي تمكن بدهائه من انتزاع دموع "فارس السينما المصرية"، التي كان لها بالغ الأثر في نفس الجمهور. وجاءت الدموع بسبب حديقة فيلته، التي تحوي مجموعة من أندر النباتات والأشجار، على وشك أن يدهسها "البلدوزر"، تمهيدًا لإنشاء طريق المحور، الذي كان يمر بجوار الفيلا، ولأن تلك الحديقة كانت كل حياته، لم يتحمل الفنان الراحل حدوث ذلك فسالت دموعه بحرقة على الشاشة، وتعاطف معها الجمهور. اتصل الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، بوزير الإسكان والمرافق حينها، حسب الله الكفراوي، ليسأله عن مدى إمكانية إجراء تعديل لتفادي نزع نصف أرض فيلا أحمد مظهر، وتم إجراء دراسة، ورأى المهندسون تعذر إجراء تعديل، لأن الابتعاد عن الفيلا يستلزم إجراء انحراف بالطريق عشرين مترًا ناحية الإسكندرية، ما سيتسبب في وقوع حوادث. وبعد فشل "مبارك" في حل الأزمة، عرضت الحكومة على الفنان الراحل تعويضًا بمبلغ كبير من المال، نظير الجزء المستقطع من حديقة الفيلا، لكنه رفض بشدة، وقال إن الأشجار النادرة التي تم اقتلاعها لا تعوض بمال، ثم إن الفيلا نفسها تشوهت لأنها أصبحت بحديقة صغيرة. وتعرض مظهر لعدة صدمات في حياته، أولها قتل ابنه لصديقه بالخطأ، بعد أن أخذ مسدسه الذي لم يكن يعرف أنه محشو بالرصاص الحي، ليلعب به، ويقتل صديقه. نال مظهر تقدير الرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر وأنور السادات، حيث قلده الأول وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1969 م وكرمه الثاني أيضا بوسام آخر رفيع في احتفالات مصر بعيد الفن الذي توقف بعد اغتيال السادات في أكتوبر عام 1981 م ونال أكثر من 40 جائزة محلية ودولية على مدى مشواره الفني الطويل من أهمها جائزة الممثل الأول في فيلم "الزوجة العذراء"، وحصل على جائزة في التمثيل عن دوره في فيلم الليلة الأخيرة، كما تم تكريمه في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي. وتوفي برنس وفارس السينما المصرية أحمد مظهر في يوم الأربعاء، 8 مايو، عام 2002 في مستشفى الصفا بالمهندسين عن عمر ناهز ال84 عاما على إثر التهاب رئوي حاد للغاية، وقد شيعت جنازته بشكل مهيب من مسجد عمر مكرم بميدان التحرير، ودفن بمقابر باب الوزير قرب قلعة صلاح الدين الأيوبي.