تشهد محافظة كفر الشيخ نقصًا حادًا في الألبان المدعمة، سواء بالدعم الكلي أو الجزئي، خاصة فيما يعرف بألبان المرحلة الثانية، حيث لا تتوافر في الصيدليات بشكل مستمر. وتقول شيماء فتحي، أم لطفلة صغيرة من إحدى قرى مركز كفر الشيخ، إنها تعتمد على الألبان الصناعية بشكل دائم بعد مكوث طفلتها في الحضانة لأكثر من شهر، الأمر الذي أدى لجفاف اللبن في صدرها بشكل نهائي، وبعدها بدأت دوامة البحث عن اللبن في الصيدليات، قالت: كلما سألت صيدليا، يرد: فيه نقص وغير موجود، واضطر للاستعاضة ببدائل أخرى رغم خطورتها على حياة الطفلة، منها الينسون والكراوية وغيرها، وكل ما استطيع الحصول عليه من الصيدلي الذي أتعامل معه علبة كل شهر فقط. ويكمل محمد عنتر، من مركز الرياض وأب لطفل صغير، نضطر لشراء اللبن غير المدعم والذي يتراوح سعر ما بين 35 و50 جنيها، بسبب عدم وجود المدعم الجزئي، رغم أن ظروفي المادية لا تسمح لي بشرائه، ولكني أضطر حتى أحافظ على حياة أبني، ولقد مللت من المرور على الصيدليات والتوسل للصيادلة حتى يتم إعطائي علبتين في الشهر، ونطالب مسئولي وزارة الصحة بزيادة الكميات حتى يحدث اكتفاء غذائي لأطفالنا الصغار الذين لا تتوفر بدائل غذائية لهم في هذا السن. وتشير هدي راشد، من مركز قلين، أنها تحتاج علبتين لطفلها في الأسبوع خاصة أنه يحتاج 8 رضعات يوميا، طبقا لتعليمات الطبيب أي أنها تحتاج ل 8 علب شهريا، ومع ذلك فإن ما تستطيع توفيره فعليا هو علبتين شهريا، إضافة لعلبتين بالسعر الحر 45 جنيها، وتضطر لإطعام صغيرها ببدائل غذائية لا تساعد على النمو الطبيعي وتكوين جسم صحي، ولكنها أشياء تشبعها فقط مثل قطع الحلوى نظرا لندرة اللبن المدعم. ومن جانبه، قال الدكتور علاء أبو شيشع، صيدلي: إن حصة الصيدليات قليلة من اللبن المدعم جزئيا بسعر 17 للمرحلة الأولى و18 للمرحلة الثانية و19 للمرحلة الثالثة، حيث لا تتعدى الحصة 4 علب شهريا من كل نوع. ويضيف: لك أن تتخيل حجم الإقبال من جانب زبائن الصيدلية وغيرهم وتكون في قمة الإحراج حينما تسألك أم عن علبة لبن وهي تنظر متلهفة أن تعطيها العلبة، ولكن ترد عليها مافيش فتخرج وهي حزينة نظرا لأن غالبية لأمهات والأسر ليست في استطاعتهن الحصول على اللبن بالسعر الحر. ويطالب أبوشيشع الدولة بعمل توزيع أفضل للأدوية في مقابل الألبان، بمعنى أنه توجد أدوية في الوحدات الصحية الريفية يقوم المترددون عليها بالحصول عليها وإلقائها في القمامة لعدم جداوها أوعدم ثقتهم فيها على حد قوله هذه الأدوية وغيرها في المراكز الطبية لو تم استبدالها بألبان لكان أفضل. وقال الدكتور علاء ريحان، أمين صندوق مجلس نقابة الصيادلة بكفر الشيخ: إن جزءا كبيرا من الأزمة يرجع لأنه مستورد من دول أوربية، مثل فرنسا وسويسرا، حيث يتم استيراده بالعملة الصعبة الدولار واليورو، وهذه مسألة تابعة لحالة الاقتصاد في البلد (على حد قوله). ولكن الدكتورة فريدة عبده، وكيلة نقابة صيادلة الصيادلة، تقول: نريد من الدولة تطبيق نظام المرحلة الثانية كما فعلت في المرحلة الأولى، من حيث إلزام الأمهات بإحضار شهادات الميلاد وفحصهن للتأكد من وجود اللبن الطبيعي، نظرا لأنه يتم تسريب ألبان المرحلة الثانية لمحلات العصير لعمل السوبيا ومحلات الحلويات. أما الدكتورة لميس المعداوي، وكيل وزارة الصحة بكفر الشيخ، فتقول: إن وزارة الصحة تدعم ألبان الأطفال بطريقتين الأولى بصرف ألبان المرحلة الأولى، التي تعطي للطفل منذ الولادة وحتى 6 أشهر عن طريق مراكز رعاية الأمومة والطفولة والوحدات الصحية والمراكز الطبية وتصرف العلبة بسعر 3 جنيهات وتميز العبوة الخارجية باللون الأحمر ويعني منع بيعها بالصيدليات، غير أنها تضع شروطاً صارمة لصرف تلك العبوات، حيث يتم توقيع الكشف الطبي على الأم للتأكد من أن اللبن الخاص بها غير كافٍ لتغذية طفلها أو غير موجود أصلا بجانب شروط أخرى، مثل وفاة الأم أو إنجابها لتوأم أو إصابتها بمرض يستحيل معه إرضاع أطفالها بشكل طبيعي، وهذه المراكز لا يوجد فيها الألبان المرحلة الأولى حتى 6 أشهر فقط. أما الطريقة الأخرى، هي دعم علب الأطفال المسموح بيعها بالصيدليات بسعر 18 جنيهاً للعبوة، وتميز باللون الأزرق وهذا الألبان توزع من قبل الشركة المصرية لتجارة الأدوية. وكشف مصدر قيادي بالشركة المصرية لتجارة الأدوية أن الحصة الممنوحة لمحافظ كفر الشيخ كافية علي حد قوله، رافضا الكشف عن حجم الكمية الممنوحة للمحافظة، ولكنه أكد على أن كل صيدلية تحصل على 4 علب من كل نوع. ولكن المصدر أكد أن للأزمة أسباب منها تسريب اللبن لمحلات الحلوى والمقاهي، حيث يتم تخفيف علبة اللبن في جركن 12 لتر بدلا من شراء لبن المواشي بسعر 5 جنيهات للكيلو، وأيضا يتم إرضاعه للعجول الصغيرة وبيع لبن أمهاتها بالأسواق بسعر أعلى، كما من أسباب الأزمة تأخير الألبان في الموانئ لتحليلها قبل طرحها في الأسواق، ما يترتب عليه تأخيرها في الصيدليات وخاصة في فصل الشتاء. وبالنسبة للتعامل المباشر مع الجمهور من خلال فروع وصيدليات الشركة المصرية لتجارة الأدوية، أشار المصدر إلى أن الشركة المصرية لتجارة الأدوية تضع شروطاً محددة لبيع ألبان الأطفال المدعمة، وهي ضرورة إحضار شهادة ميلاد الطفل وإثبات تاريخ البيع وعدد العبوات على ظهر الشهادة كذلك تقديم بطاقة المشتري، وضرورة أن يكون أحد أقرباء الطفل من الدرجة الأولى كما يتم تحديد كميات العبوات التى يتم صرفها للجمهور وقفاً للكمية المتوافرة بالصيدلية. وفي بيان لوزارة الصحة على صفحتها الرسمية أكد أن المناقصة الجديدة لعام 2013/2014، زادت كميات الألبان من النوع الأول "للأطفال أقل من 6 أشهر" من 12 مليونا إلى 15 مليون علبة بحيث تباع 7 ملايين علبة مدعمة للأطفال المستحقين بوحدات الرعاية الصحية الأساسية، و8 ملايين علبة بالصيدليات الخاصة، وأما بالنسبة للأطفال من 6 أشهر إلى 12 شهرا، فقد تم مضاعفة الكمية من 2 مليون علبة إلى 4 ملايين علبة تباع بالصيدليات الخاصة ويكفى المخزون الإستراتيجي لتلك الأنواع لمدة تراوح من 5 إلى 7 أشهر. وأكدت الوزارة في بيانها الثاني بتاريخ 23 سبتمبر أن المخزون الاستراتيجي بالشركة المصرية لتجارة الأدوية من الألبان المدعمة يكفى حوالي 11 شهرا. وما بين بيانات الوزارة وتصريحات مسئوليها تبقي معاناة المواطنين في الحصول على اللبن المدعم بشكل يكفي احتياجات صغارهم حلما بعيد المنال (على حد قولهم).