شارلوك هولمز، إحدى الشخصيّات الوهميّة أو الخيالية التي ابتكرها الكاتب والطبيب سير آرثر كونان دويل وهو إسكتلندي الجنسية، وقد ظهرت هذه الشخصية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين؛ حيث كان الظهور الأول له عام 1887، حيث كتب السير آرثر أربع روايات، أولها رواية" دراسة في اللون القرمزي" ثم رواية" علامة الأربعة"، وستًا وخمسين قصةً قصيرةً. كان "دويل" قد استقى تلك الصفات من أستاذه في الطب جوزيف بيل، الذي صار هولمز يحمل أغلب سماته شديدة الذكاء، وأضاف دويل أن تلك الصفات ما استقاه من زميله الطبيب هنري ليتلجون المُحاضر في قسم الطب الشرعي بكلية الطب بجامعة أدنبرة، والذي كان كذلك جراحًا في مستشفيات الشرطة مما جعله يربط بين الجرائم والتحقيقات الطبية، كما أن صديقه الشرطي والخبير فرانسيس سميث كان له دور في صقل شخصية هولمز، حيث كان متخصصًا بأساليب التمويه والتخفي. هكذا امتازت شخصية المحقق البريطاني ذو اللكنة القوية -التي كانت في ذلك الوقت من سمات الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس- بالذكاء والدهاء العالي والقدرة على التفكير العميق بمنطقية والخروج بالاستنتاجات الذكية، مع وجود الأدلة أو الملاحظات القليلة، وقد استخدم في مغامراته اسلوب التمويه والتضليل ومعلومات الطب الشرعي لمحاولة حل القضايا المستعصية، كل هذا بمعاونة صديقه ورفيق تحقيقاته الدكتور واطسون، والذي -من فرط الالتصاق به- كتب البعض في تشويه صورة المحقق الشهير بأن واطسون كان امرأة متخفية. كتب السير آرثر عن محققه أربع روايات، وستة وخمسين قصة قصيرة؛ ليصير هولمز الشخصية الخيالية الأولى في عالم التحقيقات، والتي يلجأ إليها عشاق القصص البوليسية التي تحتاج إلى التفكير والبحث والمغامرة والتشويق لمعرفة من هو الجاني الذي فعل هذا ويقوم القراء ايضًا بالاستنتاج والتفكير في القضية مما نمى للكثير الحس البوليسي؛ بل ويُرجع البعض الفضل لدويل وهولمز في حث خيال ملكة أدب الجريمة في العالم أجاثا كريستي على ابتكار شخصيتها الفريدة بدورها في عالم التحقيقات "هيركول بوارو"، الذي صار هو الآخر أسطورة أدبية منذ النصف الثاني من القرن العشرين. بعد الشهرة الكاسحة التي نالها هولمز حاول آرثر كونان دويل الهروب من سيطرة تلك الشخصية التي ابتكرها، والتي أطلق عليها البعض "لعنة هولمز"، وسعى كثيرًا ليوفر وقت لكتابة رواياته التاريخية؛ وليفعل ذلك قرر قتل هولمز في قصة "المشكلة الأخيرة"، التي قام بكتابتها في عام 1891، بينما لم تمثل للطبع إلا بعد الانتهاء منها بعامين؛ لكن لم يتقبل القراء الأمر بسهولة، فظلوا على مدار ثمانية أعوام يرفضون ما فعله المؤلف، واستمروا يطالبون بإعادة هولمز للحياة، لينصاع السير البريطاني لرغبة عُشّاق هولمز، وقام بنشر رواية "كلب آل باسكرفيل" عام 1901، والتي تدور أحداثها حول ما حدث في فترة ما قبل وفاة هولمز، تحدثت بعض النظريات عن أن أحداث هذه الرواية وقعت بعد عودته للحياة في "مغامرة المنزل الفارغ" فعلًا؛ حيث قام كونان دويل بنشر تلك القصة التي بدأ كتابتها في 1893، وقد عاد فيها هولمز للظهور مرة أخرى، وهو يشرح لواطسون المذهول أن قصة وفاته في "مغامرة المشكلة الأخيرة" ماهي إلا مجرد خدعة استخدمها للإطاحة بأعدائه، وتعتبر "مغامرة المنزل الفارغ" بداية المجموعة الثانية من قصص هولمز، والتي استمر كونان دويل في كتابتها حتى 1927. تلك الفترة الصعبة على القراء، والتي اقتربت من إتمام العقد الزمني، أطلقوا عليها "التوقف الكبير"، وكان الاستخدام الأول لهذا المصطلح من قبل الكاتب إدجار سميث في مقال بعنوان "شيرلوك هولمز والتوقف الكبير" الذي نُشر في عدد يوليو 1946 من مجلة "بيكر ستريت جورنال. زادت شعبية هولمز وأنتجت العديد من القصص الإضافية والتعديلات في وسائل الإعلام، حقوق الطبع لأعمال كونان دويل انتهت في المملكة المتحدة عام 1980، وتم تفعيلها مرة أخرى في عام 1996، ولكن انتهت مرة أخرى نهاية عام 2000، ومن ذلك الوقت أصبحت أعمال دويل ملكية عامة وأيضًا اعماله في الولاياتالمتحدة قبل عام 1923 هي ملكية عامة، وشمل ذلك كل قصص شارلوك هولمز، ماعدا بعض القصص في "سلسلة قضايا شيرلوك هولمز"، وقد كان الجزء الأخير من المجموعة القصصية والذي يشمل 12 قصة من أصل 56، قام ورثة كونان دويل سنة 1981 بتسجيل حقوق تلك القصص وفق قانون عام 1976 لحقوق النشر. في 14 فبراير 2013 رفعت مواطنة أمريكية دعوى قضائية لإصدار حكم تفسيري ضد كونان دويل أمام الدائرة الشمالية لولاية إلينوي، طلبت فيها من المحكمة إعلان شخصيات هولمز وواطسون ملكية عامة في الولاياتالمتحدة، وقد حكمت المحكمة لصالحها، وقامت محكمة استئناف الدائرة السابعة بتثبيت الحكم في 16يونيو 2014، ورفعت القضية إلى المحكمة العليا للولايات المتحدة التي رفضت نظر القضية، تاركة حكم محكمة الاستئناف ساريًا، وهذه الخطوة أدت إلى أن تصبح شخصيات قصص هولمز، وجميع القصص ماعدا عشر منها، ملكية عامة في الولاياتالمتحدة.