رئيس مجلس النواب: قاضٍ على كل صندوق في انتخابات البرلمان    وزير الشئون النيابية: الإشراف القضائي على الانتخابات لا يزال قائمًا    تعرف على سعر الذهب المعلن بموقع البورصة المصرية 25 مايو 2025    بوتين في "يوم أفريقيا": عقد منتدى الشراكة الروسية الأفريقية المقبل في إحدى الدول الأفريقية    كرة سلة.. طاقم تحكيم أجنبي لنهائي دوري السوبر بين الأهلي والاتحاد السكندري    الزمالك يفاضل بين هذا الثنائي لضم أحدهما    بيسيرو يكشف عن لاعب لا ينصح إدارة الزمالك بتجديد عقده    ترتيب مجموعة الهبوط في الدوري المصري قبل مباريات اليوم    ننشر رابط الاستعلام على أرقام جلوس الثانوية العامة 2025    طلاب ثانية ثانوي بالدقهلية: الفيزياء صعبة والأحياء في مستوى الطالب الدحيح (فيديو وصور)    السجن 6 سنوات لربة منزل قتلت ابنها بعد وصلة تعذيب بالقليوبية    قرار جديد من القضاء بشأن تظلم هيفاء وهبي على قرار منعها من الغناء في مصر    فريق فيلم "أسد" يحتفل بعيد ميلاد محمد رمضان.. (فيديو)    تفاصيل إطلاق المرحلة الجديدة من اختبار "الجين الرياضي" وتسليم عينات "جينوم الرياضيين"    محافظ دمياط يستقبل نائب وزير الصحة ووفد حقوق الإنسان لبحث الخدمات الصحية والاجتماعية    مصطفى يونس: محمد صلاح لم يحصل على الكرة الذهبية بسبب «العنصرية»    إصابة فالفيردي بعرق النسا.. وتقارير توضح موقفه من كأس العالم للأندية    محافظ بني سويف يلتقي وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان    كارثة إنسانية.. ارتفاع معدلات سوء التغذية في غزة    رئيس البرلمان العربى يهنئ قادة مجلس التعاون الخليجى بذكرى التأسيس    «التضامن» تؤسس معسكرا لتأهيل مدربين في تعزيز التواصل الأسري بين الآباء وأبنائهم    رسميًا.. السعودية تحدد موعد استطلاع هلال ذي الحجة لتحديد أول أيام عيد الأضحى 2025    موعد امتحانات الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني 2025 محافظة القاهرة.. وجدول المواد    مجلس النواب يوافق على تقسيم الجمهورية إلى 4 دوائر لنظام القائمة الانتخابية    بالدموع تحرك جثمان سلطان القراء إلى المسجد استعدادا لتشيع جثمانه بالدقهلية.. صور    وزير الشؤون النيابية: الإشراف القضائي على الانتخابات مازال قائمًا ولم يلغى    توقيع عقد توريد جرارات بين الإنتاج الحربى والشركة المصرية للتنمية الزراعية    الصحة العالمية تشيد بإطلاق مصر الدلائل الإرشادية للتدخلات الطبية البيطرية    محافظ أسيوط يتفقد مستشفى الرمد بحي شرق ويلتقي بعض المرضى    تمهيداً لانضمامه لمنظومة التأمين الصحي.. «جميعة» يتسلم شهادة الاعتماد الدولية لمركز «سعود» بالحسينية    عيد الأضحى 2025.. هل تصح الأضحية بخروف ليس له قرن أو شاه؟ «الإفتاء» تجيب    فور ظهورها.. رابط نتيجة الشهادة الإعدادية الأزهرية بالاسم ورقم الجلوس 2025 الترم الثاني    صلاح يترقب لحظة تاريخية في حفل تتويج ليفربول بالدوري الإنجليزي    عاجل- مجلس الوزراء يوضح موقفه من جدل "شهادة الحلال": تعزيز المنافسة وإتاحة الفرصة أمام القطاع الخاص    منافس الأهلي - ميسي يسجل هدفا رائعا في تعثر جديد ل إنتر ميامي بالدوري الأمريكي    خطوة بخطوة.. إزاي تختار الأضحية الصح؟| شاهد    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    رئيس وزراء باكستان يتوجه إلى تركيا أولى محطات جولته الآسيوية    سعر الريال القطرى اليوم الأحد 25-5-2025 فى البنوك الرئيسية    إيرادات السبت.. "المشروع x" الأول و"نجوم الساحل" في المركز الثالث    الكشف عن مبنى أثري نادر من القرن السادس الميلادي وجداريات قبطية فريدة بأسيوط    ساهم فى إعادة «روزاليوسف» إلى بريقها الذهبى فى التسعينيات وداعًا التهامى مانح الفرص.. داعم الكفاءات الشابة    ارتفاع أسعار البيض في الأسواق اليوم 25-5-2025 (موقع رسمي)    "آل مكتوم العالمية": طلاب الأزهر يواصلون تقديم إسهامات مؤثرة في قصة نجاح تحدي القراءة العربي    ميلاد هلال ذو الحجة وهذا موعد وقفة عرفات 2025 الثلاثاء المقبل    خلال زيارته لسوهاج.. وزير الصناعة يفتتح عددا من المشروعات ضمن برنامج تنمية الصعيد    محافظ الشرقية: 566 ألف طن قمح موردة حتى الآن    وزير الخارجية يتوجه لمدريد للمشاركة فى اجتماع وزارى بشأن القضية الفلسطينية    ضبط 11 قضية مواد مخدرة وتنفيذ 818 حكما قضائيا متنوعا    مصرع ربة منزل في سوهاج بعد تناولها صبغة شعر بالخطأ    استعدادًا لعيد الأضحى.. «زراعة البحر الأحمر» تعلن توفير خراف حية بسعر 220 جنيهًا للكيلو قائم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    اليوم.. نظر تظلم هيفاء وهبي على قرار منعها من الغناء في مصر    مسيرات استفزازية للمستعمرين في القدس المحتلة    إعلام: عطل في اتصالات مروحية عسكرية يعطل هبوط الطائرات في واشنطن    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. مرتضى منصور يعلن توليه قضية الطفل أدهم.. عمرو أديب يستعرض مكالمة مزعجة على الهواء    هل يجوز شراء الأضحية بالتقسيط.. دار الإفتاء توضح    استقرار مادي وفرص للسفر.. حظ برج القوس اليوم 25 مايو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيروس الإهمال والتخريب يدمر صناعتنا الوطنية
نشر في البوابة يوم 06 - 07 - 2018

فى مصر الشيء وضده، رئيس دولة يسارع الزمن ويتحدى الصعاب مناديًا بحماية الصناعة المصرية، وجماعات لا تريد النهضة للبلاد وتعبث بصناعتها الوطنية، حلم الرئيس عبدالفتاح السيسى التنمية المستدامة بالبلاد بتشغيل كل المصانع بكامل طاقتها والحفاظ على الصناعات الرئيسية دون انتحارها، لكن الواقع بحسب ما يبدو يعاند «الرئيس» فى مصانع وطنية عديدة لعل آخرها الشرقية للكتان «الذى يعد كيانا وطنيا مهما، والذى تحول بقدرة فيروس الإهمال من مصنع عملاق يُصدر الكتان للشرق الأوسط إلى مقلب قمامة، كما توجد 9 مصانع أخرى لإنتاج الألبان انتهت الأوضاع بها إلى «كبوة» وصارت الصورة داخلها إلى مأساة تحولت إلى أزمة تهدد أهم الصناعات الغذائية فى مصر، والكارثة تتضاعف فى ساحة الغازات الصناعية، حيث الإهمال قتل مصانعها ب«الضربة القاضية» وسط تصريحات حكومية غير ذات نفع فى مواجهة الخطر ووعود كاذبة لم تعالج أزمة، فيما بقى الوضع العام، الإهمال الذى يفضى بلا شك إلى كوارث داخل مصانعنا الوطنية فى غياب أى رقابة.
«البوابة» تكشف عبر ثلاث حلقات قضايا مهمة، تدق من خلالها ناقوس الخطر فى محاولة لإنقاذ الصناعات الوطنية فى البلاد.
«الشرقية للكتان».. مصنع تحول إلى «مقلب زبالة»
«الشرقية للكتان، قلعة صناعية لا يمكن تجاهلها، كانت صرحًا للإنتاج والتصدير للعالم قبل أن تمتد إليها يد الخراب والإهمال، وصارت مجرد أحجار صماء لا روح فيها ولا حياة بعد أن توقفت تروس ماكيناتها عن الإنتاج وتحولت عنابرها إلى مقالب قمامة، هى الآن ليست أكثر من مجرد ماضٍ استمر لأكثر من 53 عامًا فى العطاء والعمل وإنتاج الغزل والنسيج.
يقع مصنع «الشرقية للكتان» بمنطقة الرأس السوداء بمحافظة الإسكندرية، أنشئ فى عهد الملك فاروق، وتحديدًا فى 15 مايو 1946، وهو ما يشير إلى عراقة المصنع الذى شهد، سنوات من الإنتاج وسنوات من التوقف، يعقبها بشاير أمل بعودة الإنتاج وفتح أبواب المصنع من جديد ورفع تلال القمامة من عنابره تمهيدا لتشغيل تروس ماكيناته، ثم يتبدد الأمل فى عودة الشرقية للكتان إلى ساحة العمل والإنتاج.
من الإنتاج إلى الهدم
بالدخول إلى مقر المصنع تصطدم بالمأساة، تجد حولك أكوامًا من القمامة المنتشرة، والتى أصبحت شاهدًا على المقر المغلق للمصنع الذى استمر لسنوات منذ تاريخ إغلاقه عام 2007 بعد تعثره المادى واتجاه الدولة للاستغناء عنه ضمن مسلسل إهمال شركات القطاع الحكومى خلال عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك ليتحول المقر إلى وكر وبؤرة للقمامة والمشردين ومتعاطى المخدرات، لتأتى فى النهاية قرارات الحكومة مؤخرًا بهدم المصنع «الخرابة» خلال العام الحالى فى مايو 2018.
يضم المصنع ثلاث وحدات ومراحل إنتاج وتشغيل، الأولى خاصة بغزل الأقطان، والثانية بغزل الكتان، والثالثة خاصة بمبنى الإدارة وقطع الغيار والورش الخاصة بسيارات النقل، وكان يتم عمل جميع الأنشطة التى تضمن تحويل المادة الخام من الكتان إلى مادة كتانية مصنعة من ملابس كتانية متنوعة ومختلفة.
وبدأت أزمة المصنع التابع ل«قطاع الأعمال» فى الظهور على السطح بعد أن تراكمت الديون التى وصلت إلى 100 مليون جنيه للبنك الأهلى وبنك مصر، فأصبح ملكًا للبنكين، اللذين طرحا أرضه للبيع بعيدًا عن أى رد فعل رسمى من الحكومات المتتالية بالرغم من محاولات العمال المستمرة لإعادة فتحه، وبالرغم من اتجاههم لمخاطبة العديد من الجهات عقب ثورة 25 يناير.
وفى هذا السياق تم تقديم بلاغ للنائب العام لوقف جميع أعمال البيع والشراء بأصول الشركات المخصخصة إلا أن وتيرة أحداث البلاد وتعاقب الوزارات المتلاحقة لم يشفع للمصنع من البيع بالرغم من قرارات النائب العام لعدم دفع المديونيات عليه للبنك والتى جاءت بسبب تراكم الديون فإتجه المصنع إلى تصفية العمالة التى كان تقدر أعدادها ب8 آلاف موظف وعامل والذين تم تسريحهم وإحالة ما يصل إلى 6 آلاف عامل إلى المعاش المبكر وفقًا للأرقام المعلنة.
ويكشف إيهاب شلبى، المتحدث الرسمى السابق للمصنع المغلق حاليًا، عن أن المصنع كان يقدم منتجات ذات جودة عالمية، وكان يعد من أهم المصانع فى الشرق الأوسط فى إنتاج المنسوجات والملابس المختلفة التى تشمل البدل بجانب الستائر وفرش السرائر وغيرها، وكانت المنتجات تصدر لدول الاتحاد الأوروبى وروسيا وكانت شركة مصر للطيران أيضًا تأخذ احتياجاتها من ملابس ومفارش من المصنع بجانب المعارض، التى كان ينفذها المصنع لصنع وبيع ملابس الجيش المصرى.
أضاف شلبى، أن نفس المصنع كان يُدر دخلًا للدولة إيرادات بالملايين قبل بداية أزمته، وكانت الأرباح تصل إلى 25 ألف جنيه فى اليوم الواحد خلال نهاية الثمانينيات، وهو مبلغ كبير خلال تلك الفترة.
أرقام وإحصائيات
أزمة مصنع «الشرقية للكتان» لا تنفصل عن غيره من الكثير من المصانع التى تم إغلاقها وتصفية أعمالها وعن المصانع المتعثرة التى يوجد الكثير منها تابع لصناعة الغزل والنسيج وفقًا لدراسة مهمة أعدها اتحاد المستثمرين، وتشير الدراسة إلى وجود 1500 مصنع متعثرة حتى 2013 قرابة 40٪، منها فى قطاع الغزل والنسيج والملابس الجاهزة.
وكانت قد وعدت الدولة بحل مشاكل المصانع المتعثرة على مدار الوزارات المتلاحقة لكن نتوقف عند تصريح للمهندس شريف إسماعيل، رئيس الحكومة السابقة الذى قال إن إجمالى عدد المصانع المتوقفة وصل إلى 10 آلاف و500 مصنع بإجمالى استثمارات وصلت إلى تريليون و322 مليون جنيه، وهو تصريح صدر لرئيس الحكومة فى أكتوبر 2017.
يأتى هذا فى الوقت الذى تستورد مصر ما يصل إلى استيراد خيوط وألياف تدخل فى صناعة المنسوجات «كتان، بوليستر، فسكوز» ب14.1 مليار جنيه وهو ما جاء خلال إحصائية صادرة للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء خلال العام الماضى والتى أشارت إلى نسبة مرتفعة من الاستيراد لمنتجات الكتان التى كان من الممكن تصنيعها فى مصر بجانب صناعة المنسوجات وفى تصريح آخر رسمى للمجلس التصديرى للملابس الجاهزة ذكر أن الواردات من الغزل والنسيج والأقمشة، زادت خلال 2017 بنحو 14.5 ٪ لتبلغ 712.2 مليون دولار أمريكى مقارنة 621.6 مليون دولار أمريكى خلال 2016.
مشاكل تواجه الغزل والنسيج
يقول الدكتور مفرح البلتاجى، عضو الجمعية العمومية لاتحاد مصدرى الأقطان ورئيس اتحاد مصرى الأقطان الأسبق وصاحب إحدى شركات الغزل والنسيج، إن جميع الصناعات المرتبطة بالقطن من غزل ونسيج وكتان تعانى من مشاكل كبيرة فى مصر وسياسة عمل عشوائية تسير عليها منذ فترة كبيرة، الأمر الذى ترتب عليه تردى القطاع بصورة كبيرة. ولفت إلى أن أزمة صناعة الكتان فى مصر مثل أزمة مصنع الشرقية للكتان بدأت مع اتجاه الدولة إلى خصخصة القطاع بداية من عام 1994 فأصبحت شركات القطاع العام لا توجد بها كفاءات بعد انتقالها إلى القطاع الخاص واتجاه الدولة لتصفية الشركات وتسريح العمالة ومنح المعاش المبكر فى وقت كنا بحاجة فيه إلى تلك المهارات فى الصناعة، التى تتطلب وجود كفاءات بها، وهو الأمر الذى يغيب عن الصناعة خلال الفترة الحالية.
وفجر البلتاجى مفاجأة حول أعداد العاملين فى قطاع الكتان والغزل والنسيج والذين لا يقدر عددهم حاليًا سوى 60 ألف عامل، وهو عدد ضئيل جدًا فى الوقت الذى كان يعمل بالقطاع نصف مليون عامل قبل بداية قرارات إغلاق الشركات وخصخصتها، فالمحلة الكبرى بطنطا كانت قلعة كبيرة يوجد بها 70 ألف عامل.
وأشار إلى أن صناعة الغزل والنسيج تحتاج يد عمل مدربة بصورة كبيرة وهو ما لا يتوافر حاليًا مما يعرض المهنة إلى مشكلات عديدة تعانى منها كانخفاض الكفاءة فى العمل وزيادة معدل الإجازات، وهو أمر يهدد الإنتاج بصورة كبيرة، فالعامل له أن يحصل على 150 يوم إجازة بصورة سنوية تشمل 30 يوم إجازة اعتيادى و7 أيام عارضة بجانب الإجازة الأسبوعية وباقى إجازات أحداث العام.
وطالب بتفعيل دور الدولة فى دعم التدريب وعودته مرة أخرى من خلال الجهات المسئولة، مثل وزارة قطاع الأعمال ووزارة التجارة والصناعة، بعد غيابه خاصة أن صناعة الغزل والنسيج والكتان تحتاج دقة كبيرة وقد تتلف القماش فى مرحلة الطباعة أو الصباغة حال وجود أى خطأ صغير من العامل ما يعرضها للتلف فتتحول إلى قماش درجة ثانية، مشيرًا إلى ضرورة استخدام الآلات الحديثة أيضًا واستقدامها فى مصر، الأمر الذى يعمل على زيادة كفاءة العمل وزيادة الإنتاج، فالصين على سبيل المثال تحاول منع أخطاء الصناعة من خلال استخدام الحاسب الآلى، واصفًا الوضع الحالى «بركوب الأتوبيس من غير سائق».
الدكتور جمال صيام
التدهور الصناعى والزراعى
ترتبط صناعة الكتان بزراعة القطن فى مصر التى شهدت العديد من التراجع والتحديات خلال الفترة الماضية، وهو ما ظهر خلال الإحصائيات الرسمية التى صدرت حول هذا الصدد فنجد أن آخر إحصائية صادرة للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء تشير إلى ارتفاع معدل.
ويؤكد الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى فى كلية الزراعة جامعة القاهرة، أن الحكومة اتجهت إلى إغلاق وهدم قلعة صناعية كبيرة مثل مصنع الشرقية للكتان أمر طبيعى فى ظل إهمال جسيم ومتعمد طال زراعة القطن فى مصر على مدار الفترة الماضية.
وتابع: «حاليًا لا تتم زراعة مساحات كبيرة من القطن حيث تصل إجمالى مساحة زراعة القطن فى مصر إلى حوالى 300 إلى 350 ألف فدان سنويًا بما يعادل مليونًا ونصف قنطار قطن، وهو ما لا يكفى أن تقوم صناعة لإنتاج الكتان والقطن فى مصر، فالشركات ستخسر بالتأكيد لتوقف نشاطها فى ظل تلك الظروف السلبية».
ولفت صيام إلى أن إنشاء مصنع الشرقية للكتان جاء فى زمن «العصر الذهبي» لإنتاج محصول القطن الذى كانت الدولة تهتم بصناعته، حيث كان القطن المصرى يوجد تكالب عالمى على الحصول عليه فكانت تتم زراعة أكثر من مليون فدان من محصول القطن، الأمر الذى أوصل القطن المصرى إلى السوق العالمية فكان يشكل 10 ملايين قنطار سنويًا بمعدل 30٪ من إجمالى المعروض على المستوى العالمى بما يتميز به من جودة مميزة على مستوى العالم، مؤكدًا أنه خلال الفترة الحالية حدث إهمال فى زراعة القطن وفى إنتاجه لا سيما مع إهمال بحوث زراعة القطن التى كانت تجرى لتطوير الإنتاج والزراعة.
وأشار إلى أن بسبب عدم الاهتمام بتلك البحوث يحدث تضاؤل فى إجمالى ما يخرجه الفدان الواحد من إنتاج، حيث يصل إجمالى الفدان فى مصر 7 قناطير، وهى نسبة ضئيلة جدًا، بينما يصل فى أمريكا على سبيل المثال إلى 14 قنطارًا للفدان الواحد، هذا بجانب المعوقات التى تقف أمام الفلاح والتى تجبره على الاتجاه إلى زراعة بديلة، وهى أن الحكومة لا تحصل على المحصول بسعر مناسب من الفلاحين، ولا يغطى تكاليف الإنتاج وهو ما نراه خلال الوقت الراهن الذى تحصل فيه من الفلاحين على سعر القنطار بمبلغ لا يتجاوز 2700 جنيه، وهو مبلغ ضئيل للغاية مقارنة بتكاليف الإنتاج وبالمجاراة مع ارتفاع الأسعار الحالى فى المحروقات وغيرها، متوقعًا أن تكون الفترة المقبلة ممهدة لزيادة زراعة القطن فى مصر بعد أن حددت الدولة زراعة الأرز ليصل إلى 700 ألف فدان فحسب، وهو ما سيجبر الفلاحين على زيادة زراعة القطن أو الذرة كبديل للأرز توفيرًا للمياه فى ظل أزمات سد النهضة.
الدكتور محمد فتحى سالم
زراعة القطن
يؤكد الدكتور محمد فتحى سالم، مستشار الفاو السابق وأستاذ الوراثة بكلية الزراعة جامعة المنوفية، أن القطن المصرى مر بأربع مشاكل كبيرة ساهمت فى تدميره خلال الفترة الماضية، وتمثلت المشكلة الأولى فى غياب استراتيجية خاصة بالإنتاج والزراعة.
وتابع: «من المعروف أنه يوجد فى مصر 6 أنواع من القطن، أبرزها القطن طويل التيلة المميز، ولكن حدث خلط فى زراعة أصناف القطن بسبب غياب سياسة التنظيم وسياسة الإرشاد لدى الفلاح فأصبحت المحاصيل تخرج فى أوقات مختلفة نظرًا لاختلاف طبيعة وقت إنتاج كل نوع من تلك الأنواع المختلفة».
وأضاف أن المشكلة الثانية تمثلت فى المشكلات التى تصيب المحاصيل فمحصول القطن يوجد العديد من المشاكل التى تواجهه والتى من بينها الأمراض التى تصاب بها بذور القطن وهو الأمر الذى ظهر خلال الفترة الماضية وتسبب فى مشاكل تواجه محصول القطن ما يؤثر على الإنتاج لافتًا إلى احتياج المحاصيل إلى التحصين الوراثى من الأمراض التى تصاب بها علاوة على توفير التقاوى المحسنة النقية، مشددًا على أن القطن من المحاصيل التى تحتاج دعمًا من الدولة من خلال اتجاه الحكومة لتحديد سعر مجزٍ للفلاحين حتى لا يعزفوا عن زراعة القطن ما يؤثر على الصناعة اقتصاديًا وزراعيًا.
وأضاف الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادى، أن مصر تستورد سنويًا ملابس ومصنوعات قطنية بملايين الدولارات فى الوقت الذى توجد فى مصر الكثير من الموارد التى تؤهلها للاتجاه إلى التصنيع وإلى التصدير للخارج، كما كان يحدث من قبل، مضيفًا أن الدول الأخرى المتقدمة صناعيًا استطاعت أن تلعب على وتر ما يميزها لكى تصدره للخارج وتحقق عائدًا مناسبًا، وهو ما يجب الاحتذاء به.
وأشار إلى أن التصنيع يكون من خلال استخدام الموارد المتاحة لخدمة الأهداف الصناعية والتجارية، وهو أمر يحتاج تفعيلًا فى مصر، لافتًا إلى وجود العديد من المنتجات التى يمكن أن تتميز بها مصر عن غيرها من الدول الأخرى، مثل القطن طول التيلة عالى الجودة والذى يجعل لمصر القدرة على التميز عالميًا من خلال أن تصبح أفضل دولة تصنع ملابس داخلية ومنتجات قطنية تصدرها للخارج، كما حدث خلال الماضى حينما كان لمصر دور كبير فى تصدير منتجاتها للخارج قبل أن يتم تدمير جميع ذلك بدليل اللجوء إلى استيراد الملابس من الخارج بملايين الدولارات فى الوقت الذى نحتاج فيه توفير العملة الصعبة.
ملف مفتوح
على الجانب الآخر تعددت التساؤلات مؤخرًا حول المصانع المتعثرة ومدى إمكانية إنقاذها لا سيما مع إعلان طارق عامر، محافظ البنك المركزى، مبادرة لتعويم نحو 5 آلاف مصنع متعثر وإسقاط جزء من المديونيات المستحقة عليهم لهذه البنوك بالتعاون مع عدد من البنوك مع تقديم تسهيلات لها للعمل مرة أخرى.
وتبقى الآمال معقودة على المهندس عمرو نصار، وزير التجارة والصناعة، وهشام توفيق وزير قطاع الأعمال وعلى صندوق تمويل المصانع المتعثرة والمتوقفة تم تأسيسه برأسمال 150 مليون جنيه من صندوق تحيا مصر خلال الفترة المقبلة. فى المقابل يرى صلاح الأنصارى، العمالى وعضو حملة الدفاع عن الحقوق والحريات، إن مشكلة المصانع المغلقة مشكلة مزمنة، حيث هناك الكثير من المصانع التى توقفت خلال الأعوام الماضية، والتى كانت تضم آلاف العمالة داخلها، وللأسف حتى الوقت الحالى وعلى مدار الفترات الماضية ظهرت مشكلات تلك المصانع، ولم يتم حلها وتستمر أوضاعها على ما هى عليه مغلقة لحين إشعار آخر.
ولفت إلى أن ملف المصانع المتوقفة مر عليه العديد من الوزارات والجهات دون حلول فى ظل غياب الإرادة السياسية الخاصة بالتشغيل، وهى الإرادة التى تحكمها الظروف الاقتصادية الحالية، التى تعانى منها البلاد، لافتًا إلى أن الأمر يحتاج دورًا برلمانيًا ووجود إرادة سياسية وبرلمانية لتشغيلها بصورة مطلقة ما سيجعل الحكومة تلتزم بتشغيلها مرة أخرى لكى تُعاد القلاع الصناعية المهمة، التى يمكن إعادة فتحها مرة أخرى والتى تم إغلاقها أو تصفية أعمالها لتعود إلى أوج مجدها مرة أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.