جورج أورويل، واحد من بين أسماء قليلة تستطيع أن تقول: إنهم أسسوا لحالة أدبية جديدة في إنجلترا في القرن العشرين، وإن لم يعد أهمهم، هو أريك بلير، الذي تمر اليوم ذكرى ميلاده حيث يولد 25 يونيو 1903، في ولاية بيهار الهندية، صحفي وروائي بريطاني كتب في النقد الأدبي والشعر والصحافة اشتهر بعدة أعمال منها رواية 1984 ومزرعة الحيوان. بين عامي 1941 و1943 عمل في هيئة الإذاعة البريطانية BBC في عام 1943 عمل كمحرر أدبي في مجلة تريبون، وكتب الكثير من المقالات عن السياسة والأدب والثقافة واللغة. توفي في 29 يناير عام 1980 بسبب مرض السل وهو في السادسة والأربعين من عمره. كاشتهر جورج اورويل بالوضوح والذكاء وخفة الدم والتحذير من غياب العدالة الاجتماعية ومعارضة الحكم الشمولي وإيمانه بالاشتراكية الديمقراطية. أكثر شيء عرف به هو رواية 1984 التي كتبها في عام 1949م، وروايته المجازية مزرعة الحيوان عام 1945م، والإثنين تم بيع نسخهم معا أكثر من أي كتاب آخر لأي من كتاب القرن الواحد والعشرين. كتابه تحية لكتالونيا في عام 1938، كان ضمن رصيد خبراته في الحرب الأهلية الإسبانية، والمشهود به على نطاق واسع على أنه مقاله الضخم في السياسية والأدب واللغة والثقافة. في عام 2008م وضعته صحيفة التايمز في المرتبة الثانية في قائمة "أعظم 50 كاتب بريطاني منذ عام 1945"، استمرت تأثير أعمال أوريل على الثقافة السياسية السائدة ومصطلح أورويلية الذي يصف ممارسات الحكم الاستبدادي والشمولي والتي دخلت في الثقافة الشعبية مثل ألفاظ عديدة أخرى من ابتكاره مثل الأخ الأكبر، التفكير المزدوج، الحرب الباردة وجريمة الفكر وشرطة الفكر. ناقش جورج أورويل في "مزرعة الحيوان" عداءة ورفضه للاستبداد في جميع اشكاله، كما اظهر فيه قلقه الفائق من الحرية الفردية. هذه الحرية التي يمكن لها أن تتحول إلى سلاح ذو حدين في مواجهة حاملها. وقد تجلى شجبه الخاضع لنسق واحد في قصته الوهمية هذه التي دونها عام 1945، وفيها أعطى للحيوانات مكانتهم بين الكائنات، وأمدهم بالقوة والسيطرة على مزرعة كاملة أصبحوا هم المسيطرين عليها بعد طردهم لمالكها الإنسان الذي هو رمز الخيانة والطمع والاستبداد بالنسبة إليهم، فهم الآمرون الناهون في شؤون المزرعة ولكن هل للسيطرة والحقد والطمع أن تسيطر على نفوس الحيوانات في المزرعة وهل هذا الداء هو مرض يصيب الجميع بمجرد إمساكه لكرسي القيادة أم لا؟ في هذه الرواية تنقلب الموازين وترفع رايات استبداد الإنسان لتدخل الكائنات تحت استبداد غير منظم لكائنات لا تفقه ماذا تفعل ولا كيف تعيش. ولقد تأثر أورويل منذ طفولته بكتابات جورج برنارد شو وسومرست موم وصاموئيل بتلر وألدوس هكسلي وقرأ كافة أعمال ه. ج. ويلز وكان كومبتون ماكنزي. وتعد "رواية 1984" إحدى كلاسيكيات الأدب في العالم، فقد قدّمت هذه الرواية صورة المجتمع الشمولي الذي يحكمه الحزب الواحد بطريقة مبدعة، على مستوى الأدب والفكر، ما يحوّل المجتمع الى قطيع يسوقه إلى الأعمال الشاقّة والحياة البائسة، مجموعة من أعضاء الحزب الذين بدورهم يخضعون لرقابة تحصي عليهم أنفاسهم باسم الدفاع عن الوطن وعن الحزب القائد، تحولهم الى أشخاص يخضعون لتربية قائمة على الخوف. تصل الى أن الأهل يخافون من أولادهم الذين تحوّلهم التربية التي يشرف عليها الحزب، إلى جواسيس. وأعضاء الحزب يتصرّفون بكل خضوع بعد أن عرفوا مصير كل متمرّد. لكن في داخل آلة القمع الرهيبة هذه، تستمر التمرّدات. التي تميّز الروح الانسانية التي ترى في الحريّة أسمى قِيَم الانسانة. وترى أن الحب أجمل وأعظم من الكراهية. ويقول جورج أورويل عن الكتابة وأهميتها بالنسبة له " أكثر ما رغبت بفعله طوال العشرة أعوام الماضية هو أن أجعل من الكتابة السياسية فنًا، ونقطة انطلاقي هي دائمًا شعور من الحزبية والحسّ بالظلم. عندما أجلس لكتابة كتاب لا أقول لنفسي سأنتج عملًا فنيًا، إنما أكتبه لأنّ ثمة كذبة أريد فضحها، أو حقيقة أريد إلقاء الضوء عليها، وهمي الوحيد هو أن أحصل على من يستمع. ولكن، ليس بإمكاني القيام بمهمة تأليف كتاب أو حتى مقالة طويلة لمجلة، لو لم تكن أيضًا تجربة جمالية". ويناقش جورج أورويل في رواية "الصعود إلى الهواء" حكاية مواطن يعمل في شركة تأمين يعاني من الشعور بالغربة في مجتمع ما بعد الحرب ويسيطر عليه هاجس حرب قادمة فيجتر ذكرياته قبل الحرب في قريته الوادعة الصغيرة، ويسرد أوريل في القسم الثاني سرد مطول عن ذكريات الرجل الأربعيني عن طفولته وأصدقائه شغبه ومدرسته وأسرته وكل ما دمرته الحرب ليعود له الحنين إلى قريته فيترك زوجته وأطفاله ويعود ليسترجع ما ضاع منه لكنه يكتشف إن ما كان يبحث عنه ما هو إلا سراب، فالزمن لا يتوقف والعمر يمضي.