«الفيلم ده قصة ولّا مناظر؟!».. الجميع فى مصر يتذكر هذا «الإفيه» الذى جاء قبل ربع قرن، على لسان الفنان الراحل علاء ولى الدين، والذى اشتهر ليملأ الألسن والأسماع ويردده الناس حتى يومنا هذا. ففى 30 مايو من عام 1993 كان العرض الأول لفيلم «المنسي»، الذى جاء ضمن أعمال الثلاثى الشهير، الكاتب وحيد حامد، والمخرج شريف عرفة، والفنان عادل إمام، الذى شاركته البطولة الفنانة يُسرا، فى وجود العملاق الراحل كرم مطاوع، والراحل مصطفى متولي، وآخرين صاروا فيما بعد نجوم الشاشة هم علاء ولى الدين، وأحمد آدم، ومحمد هنيدي، الذى قال فيما بعد أن ذلك المشهد البسيط أمام الزعيم كان مفتاح دخوله لعالم السينما. وجاء الفيلم فى المرحلة التى بدا وكأن وحيد حامد يُشرّح المجتمع بدقة جرّاح، عبر أفلامه التى توالت فى مطلع التسعينيات من القرن الماضي؛ فهى المرحلة التى ضمت أفلامًا مثل «الإرهاب والكباب» 1992، و«الإرهابي» 1994، و«طيور الظلام» 1995، ووسطها «المنسي»، ليحكى فيها عن نماذج مُتعددة لم يكن أحد ليلتفت إليها، تلك الملايين المُهمّشة التى تكافح فى المواصلات وتعمل بلا كلل وتتناسى آلامها فى ليل الخميس. من هؤلاء يبرز يوسف المنسي بطل الفيلم، عامل التحويلة الذى نساه المجتمع ونسى هو آلامه عبر الخيال، فكان يُحلّق بعقله يوميًا فى عوالم هو الأبعد عنها، بينما يترك جسده فى كشك التحويلة، المنسى بدوره فلا يتذكره أحد إلا مع حدوث كارثة. نقيض المنسى هو «أسعد ياقوت»، المليونير الذى جسّد شخصيته الراحل كرم مطاوع، والذى لا يتورع عن تقديم أي قرابين فى سبيل المال، لا يتورع الرجل عن تقديم سكرتيرته الحسناء غادة، التى جسّدتها يسرا، كهدية لواحد من الكبار خلال إحدى حفلاته، إلا أن الهدية تهرب من الحفل لتقع بالصدفة فى طريق المنسي، ليلتقى عالمى المليونير والمُهمّش؛ فى الوقت الذى يكتشف فيه المنسى أنه صار حقًا عاجزًا عن الحياة بعد سنوات طويلة من الحلم، عندما رفض تقبيل المرأة التى ورطته فى كل هذا مُكتفيًا بقدرته على فعل هذا فى خياله. كذلك برزت فى الحوار بينه وبين رجل الأعمال - الذى لا يتورع عن القيام بأى شيء فى سبيل مصلحته - توّحش الطبقة الثرية بقدرتها على شراء أى شيء، عندما يقول «عاجبك كده يا مدام تخلى واحد ما يسواش هاموشه يطردنى من صندوق الزبالة اللى قاعد فيه!!». «خلى بالك يا باشا أنت كده بتشتم الحكومة». «طز فيك وفى الحكومة»، كان يقولها بغضب واثق ينبع من أن نصف أعضاء الحكومة التى يحتمى فيها المنسى هم ضيوف حفله، ليتحول العامل الخانع بدوره - بعد أن يتلقى علقة ساخنة - إلى شخصية أخرى طالما حلم بها، فيقتحم الحفل لتخليص المرأة التى خرجت من خياله إلى أرض الواقع، وينتقم لكرامته المسلوبة.