احتفى مؤتمر أدباء إقليم القناة وسيناء الثقافى الأخير فى دورته 21، بالأديب والشاعر السيناوى درويش الفار، وهو عالم جيولوجى مصري، له باع طويل فى اكتشاف خيرات الأرض، وهو كاتب التصق بالأرض فأنطقها وأخرج من باطنها همسات تحولت مع كلماته إلى صرخات وطنية فى الدفاع عن مصر وسيناء والقدس والعروبة، وشاعر أدرك قيمة الكلمة فاستنطق الشجر والخيمة والشاة. وأجمع على حب «الفار» عشيرته من البدو والحضر، وكل من التقاه من الجنسيات كافة، فترك تراثا علميا وأدبيا ثريا لينتفع به أحفاده من أبناء العالم المتحضر. وبدأ «الفار» تعليمه فى منطقة الحسنة بوسط سيناء، وحصل على جائزة الملك فؤاد الأول للامتياز نظرًا لترتيبه الأول لدفعة العريش لسنة 1938، وكان مقدار الجائزة «جنيه مصرى كامل». وكرمه الزعيم جمال عبدالناصر بجائزة الدولة التشجيعية فى العلوم عام 1964، بعد اكتشافه لأكبر منجم فحم فى الشرق الأوسط بوسط سيناء بمخزون يقدر بخمسة ملايين طن فحم عالى النقاء، وحصل على الدكتوراه الفخرية فى مجال الجيولوجيا من جامعة قناة السويس فى 1989، وحصل على وسام الجمهورية العربية المتحدة فى 18 ديسمبر 1965. ولدرويش الفار عشرات القصائد التى كتبها، إلا أن أغلب قصائده ضاعت بين الصحراء والمدينة، وبين سيناء والقاهرة، لذلك لم يطبع له إلا ديوان شعر واحد وهو «ديوان الصحراء»، الذى يعتبر مرجعا لكثير من شعراء سيناء فى نظم الشعر باللهجة البدوية. وظلت باقى القصائد أوراقا متناثرة فى أماكن شتى، وحازت قصائده فى «مدح الرسول» على الجزء الأكبر من الديوان. وصدر للكاتب والشاعر الفار كتاب «قطرات مداد»، وهو عبارة عن مقالات اجتماعية وأدبية وفلسفية نشرت فى العديد من صحف الوطن العربي، وضم بين دفتيه أيضا الكثير من قصائده. وصدرت له بعض الكتيبات منها: «نظرات فى تعمير سيناء» و«مع العلم والعلماء»، أما آخر كتيب أكمل مادته ولم يسعفه الوقت لطباعته فكان بعنوان «العلماء العرب»، وله العديد من المقالات العلمية فى أكبر الصحف العربية، مثل صحيفة «الأهرام». وحتى الآن لم يستجب المسئولون لمطالبات العديد من المثقفين، بإطلاق اسمه واسم السيناوى الراحل حلمى البلك، رئيس الإذاعة الأسبق، على أحد شوارع العريش أو ميادينها، تقديرا لهما ووفاء لتاريخهما الثري. ويعد درويش الفار، السيناوي، من الشعراء الذين عشقوا سيناء وعاشوا فى صحرائها وعلى رمالها وبين جبالها وشواطئها، فسُحر بها، وتقلب مزاجه المتأمل والمكتشف بين الجيولوجيا والشعر، فكان يكتشف كثيرا من مفردات الطبيعة، ويقدم أبحاثه وتقاريره ثم ينبرى يتغزل بمفردات البيئة شعرا وما يحيط بها من كنوز الطبيعة. وكتب درويش بالنبطى والعامية السيناوية والمصرية والفصحى، وتناول موضوعات شتى منها الوطنى والاجتماعى والسياسى والنضالى والديني.