يبدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاثنين المقبل زيارة دولة للولايات المتحدة تستغرق 3 أيام، هي الأولى له منذ توليه الحكم، بهدف بحث قضايا الشرق الأوسط والعلاقات التجارية والتأكيد على علاقة الصداقة التي تربط البلدين. وكشفت مصادر بالرئاسة الفرنسية أن مباحثات ماكرون بالولاياتالمتحدة ستركز على عدد من القضايا المهمة يأتي على رأسها مكافحة الإرهاب في منطقتي الشرق الأوسط والساحل الأفريقي لا سيما في ظل المؤتمر الدولي لمكافحة تمويل الإرهاب الذي ستستضيفه باريس يومي 25 و26 أبريل بمشاركة وفد أمريكي كبير. وستشمل المحادثات قضايا النزاع الإسرائيلي الفلسطيني ومكافحة انتشار الأسلحة النووية والملفات الخاصة بإيران وكوريا الشمالية وسوريا وخاصة بعد الضربة العسكرية التي شنها الائتلاف الأمريكي الفرنسي البريطاني على خلفية الهجوم الكيميائي بدوما في 7 أبريل. كما سيبحث ماكرون الملفات الخاصة بالأمن الأوروبي والسيبراني وتطورات قضية "سكريبال" والوضع في أوكرانيا، فضلا عن التحضير لقمة (الناتو) في يوليو المقبل. وسيتناول كذلك - بحسب المصادر - القوانين الأمريكية العابرة للحدود، بالإضافة إلى قضايا المناخ والبيئة وتشجيع الولاياتالمتحدة على تحمل نصيبها من المسئولية في مكافحة الاختلال المناخي مع انعقاد قمة مجموعة السبع القادمة في مطلع يونيو بكندا. ولفتت المصادر إلى أن زيارة ماكرون غدا الخميس إلى ألمانيا هدفها تنسيق المواقف بشأن مختلف القضايا مع السلطات الألمانية قبل زيارته إلى الولاياتالمتحدة والتي من المقرر أن يتبعها زيارة أيضًا للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لواشنطن. وتأتي زيارة ماكرون لواشنطن في ظل الخلاف بين أوروبا والولاياتالمتحدة بشأن الاتفاق النووي الإيراني الذي هدد ترامب بالانسحاب منه والإجراءات الحمائية التجارية الأمريكية الأخيرة، لا سيما رفع الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألومنيوم والتي من المنتظر أن تكون محل نقاش خلال لقاء ماكرون بترامب. ومن المقرر أن يتوجه الرئيس ماكرون عقب وصوله إلى واشنطن إلى مقر الضيافة الرئاسية "بلير هاوس" الكائن أمام البيت الأبيض قبل أن يشارك في مأدبة عشاء خاصة يقيمها على شرفه الرئيس دونالد ترامب في منطقة "ماونت فيرنون" وهي مسقط رأس جورج واشنطن، أول رئيس للولايات المتحدةالأمريكية. وستقام مراسم استقبال رسمية للرئيس ماكرون بالبيت الأبيض يعقبها جلسة مباحثات ثنائية بالمكتب البيضاوي مع الرئيس ترامب، يليها لقاء موسع يضم وفدي البلدين ثم مؤتمر صحفي للرئيسين. وسيشارك الرئيس ماكرون في مأدبة غذاء بمقر وزارة الخارجية الأمريكية يقيمها على شرفه نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس، وسيحضر بعدها مراسم عسكرية بمقبرة "أرلينجتون" الوطنية حيث سيضع أكليلا من الزهور على قبر الجندي المجهول. وسيقوم الرئيس ماكرون بتكريم عدد من الجنود الأمريكيين القدامى الذين حاربوا من أجل تحرير فرنسا إبان الحرب العالمية الثانية وذلك بمقر السفارة الفرنسية بواشنطن ويلتقي بعدها بالجالية الفرنسية. كما سيلقي ماكرون خطابا أمام الكونجرس الأمريكي يتمحور حول القيم والديمقراطية التي تدافع عنها فرنسا والتأكيد على العلاقات التاريخية بين البلدين ويلتقي بعدها بطلبة جامعة "جورج واشنطن". وسيضم الوفد المرافق للرئيس ماكرون وزراء الخارجية جون ايف لودريان، والجيوش فلورنس بارلي، والاقتصاد والمالية برونو لومير، بالإضافة إلى عدد من رؤساء الشركات والمؤسسات المعنية بالسياسة والاقتصاد والعلوم والثقافة والإعلام السمعي والبصري. من ناحية أخرى، وفيما يتعلق بموقف باريس إزاء عدد من القضايا قبل زيارة ماكرون لأمريكا، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، أكدت مصادر بالرئاسة الفرنسية موقف باريس الرافض لقرار واشنطن في 6 ديسمبر الماضي بنقل سفارتها إلى القدس إلا أنها ملتزمة بعدم تقديم أي مبادرة انتظارا للخطة التي تعد لها الإدارة الأمريكية منذ عدة أشهر. وعن التقارب بين أمريكا وكوريا الشمالية، أشارت المصادر إلى أن موقف فرنسا ثابت في هذا الشأن وهو الدعوة إلى نزع الأسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية واستئناف الحوار، مشيرة إلى أن رسالة ماكرون في هذا الشأن ستسير نحو التشجيع والحذر في الوقت ذاته والعمل على أن يتم الحوار في إطار جماعي ومتعدد الأطراف. وحول فرص إحراز تقدم مع واشنطن في ملفات إيران والمناخ والتجارة، لفتت المصادر إلى أن هناك حوارا أوروبيا أمريكيا جاريا لبحث الخيارات ووضع توصيات بشأن الاتفاق النووي الإيراني قبل المهلة التي حددتها الإدارة الأمريكية حتى 12 مايو للإعلان عن قرارها بالبقاء أو الانسحاب من الاتفاق النووي الذي تتمسك به باريس، كما أن واشنطن ستعلن - مطلع مايو - عما إذا كانت ستطبق على الاتحاد الأوروبي الرسوم الجمركية الجديدة على الصلب والألومنيوم. وأشارت إلى تطابق وجهات النظر بين البلدين حول تداعيات أنشطة إيران العسكرية على الأمن في الشرق الأوسط ونفوذ إيران في بعض الدول مثل العراق وسوريا ولبنان، لافتة إلى أن المسألة حاليا تكمن في كيفية تقديم ضمانات قوية للرئيس ترامب حتى لا ينسحب من الاتفاق النووي الذي لا يوجد بديل عنه ويعد نتاج 10 سنوات من المفاوضات والتزامات متعددة الأطراف على أعلى مستوى. وأضافت المصادر أن باريس لا تتوقع التوصل إلى اتفاقات نهائية خلال الزيارة بشأن القضايا الأخرى المشار إليها، وأن ذلك ليس الهدف الأساسي من الزيارة التي تحمل طابعا سياسيا في إطار العلاقة القوية بين البلدين. يذكر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد زار باريس في يوليو الماضي، حيث حل ضيف شرف على احتفالات فرنسا بالعيد الوطني وحضر العرض العسكري السنوي بجادة (الشانزليزيه).