سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
طقس الموظف.. «نشفان ريق» صيفًا.. «ضارب بوز» من المرتبات شتاءً.. 6 ملايين عامل وموظف فى الدولة نصفهم دخلوا شريحة الفقراء.. موظف: 1200 جنيه حدًا أدنى لا تكفى فواتير نور وميه وإيجارات قديمة
حال الموظف فى مصر «مش هقلكوا» حاله يُغنى عن سؤاله، طقسه على طول الخط غيوم وأمطار ورعشة فى الركب من المرتب الهزيل فى ظل حجم متطلبات يومية وأسعار خيالية، وفى الصيف نفس الطقس «الكئيب» مع نفْس مكسورة، لعجزه عن الوفاء ببند الترفيه والتصييف، نتيجة استمرار الأوضاع دون تحسن أو تحريك لل«قرشينات» فى زمن حد أدنى لا يكفى وأجور لا تُطبق إلا فى كوكب الأحلام. تقريبا نصف الموظفين فى مصر البالغ عددهم 6 ملايين، ساءت أحوالهم المعيشية بشكل كبير، السبب الظروف الاقتصادية الصعبة الحالية، الأغرب أن أكثر من نصفهم انتقل إلى شريحة الفقراء، ويشكو ضعف المرتبات التى لا تتناسب مع زيادة الأسعار بسبب التفاوت الكبير فى الأجور داخل كل هيئة، وسوء بيئة العمل، حيث يعملون فى مكاتب أشبه بالقبور المغلقة، ترهقهم برودة الشتاء، وتجهضهم حرارة الصيف، التى تفقدهم الكثير من التركيز لإكمال العمل، العديد من الموظفين العاملين بالحكومة يطالبون بنظرة عطف من المسئولين بزيادة الأجور، وتحسين الخدمات المقدمة وخاصة التأمين الصحي، وأكد بعضهم أن هناك موظفين مثلهم يحظون برواتب أعلى ومجزية، نتيجة بعض الاستثناءات التى يحصلون عليها من المسئولين، وأكد الخبراء أن الزيادة فى أعداد الموظفين، خاصة بعد ثورة 25 يناير ارتفعت الموازنة العامة للدولة بسبب كثرة الأجور فى حين أن الدولة ليست فى حاجة إلى تلك الزيادة، خاصة بعد أن ساءت سمعة الموظف المصرى، أو كما يقال «مش بتاع شغل» . الموظف الحكومى بطبيعة الحال لا يسلم من اتهامات كثيرة، أولها أنه غير منتج وأنه يحصل على راتب لا يستحقه، شعاره : «عين على الحوافز والبدلات وعين على المصايف والإجازات، لكن رغم كل هذه الاتهامات وغيره، إلا أنه معزور، مرتب جنابه ضايع نصه إيجار سكن ونص فواتير والأكل وحاجات كتير للعيال وأم العيال، لكن كيف يواجه أزماته اليومية والشهرية؟ محمد حسين وجدى «57 عاماً» موظف بالتأمينات، درجة تانية، يقول: «ربنا ما بينشساش حد، جمعية من هنا على سلفية من هناك، على قرشين من أهل الخير وبتمشى». كلام عم محمد هو كلام مئات مثله فى الوظائف الميرى، بنفس الوجع وبنفس القناعة والروح على مواصلة الحياة تحت شعار «الجودة فى الموجودة». تقارير اقتصادية توقعت تحسن الأوضاع فى 2018، وأكدت أن رواتب الموظفين فى مصر قد ترتفع بنسبة 15٪ نتيجة تحسن الأوضاع الاقتصادية بالبلاد، لكن عادت التقارير تقول : «إلا أن هذه الزيادة سيلتهمها التضخم الذى سيصل إلى 18.8٪ خلال العام الجارى». وأشارت التقارير إلى أن ذلك يعنى أن رواتب الموظفين سوف تشهد تراجعا فى قيمتها الحقيقية بنسبة 3.8٪، مقارنة بمعدلات التضخم، فيما شهدت مصر موجة من الغلاء خلال العام الأخير بعد تحرير سعر الصرف فى نوفمبر 2016، حيث قفز معدل التضخم السنوى لأعلى مستوياته فى نحو 3 عقود، وهو ما أدى لتراجع القوة الشرائية للمواطنين مع عدم زيادة الدخول بنفس نسبة التضخم. ويستهدف البنك المركزى أن يصل معدل التضخم السنوى خلال الربع الأخير من 2018 إلى بين 10 و16٪. ويتوقع أن تشهد رواتب الموظفين فى العديد من شركات القطاع الخاص زيادتها السنوية بدءا من الشهر المقبل، بينما ينتظر موظفو الحكومة زيادة جديدة مع يوليو 2018، ووافق البرلمان فى يونيو الماضى على منح موظفى الحكومة علاوة غلاء استثنائية، بدءا من راتب يوليو الماضى ضمن حزمة إجراءات اجتماعية لمواجهة آثار إجراءات الإصلاح الاقتصادي. هنا يوضح الدكتور عبدالخالق فاروق، الخبير الاقتصادى، أن تحديد الحد الأدنى للأجور فى القطاعين الحكومى والعام والأعمال بمبلغ 1200 جنيه شهريا لم يعد كافيا فى ظل تحريك الأسعار بهذا الجنون. ولفت عبد الخالق إلى أن القوانين الخاصة بالأجور تفتقر لعدة عناصر، العنصر الأول عدم وجود جدول أجور متدرج ماليا لجميع الوظائف، والثانى التكاليف المالية لم توضح وتحدد، حتى لا يتم ترك الأمور لتلاعبات البيروقراطية المالية فى وزارة المالية. وأضاف، للأسف الكثيرون لا يعلمون بأهمية هذا التدرج المالى، وبالتالى سيتعثر التمويل، بل ويستحيل فى ظل الظروف الراهنة والأوضاع الحالية، فيما أصبح الوضع الحقيقى المزايدات السياسية، فالدرجة السادسة فى القطاع الحكومى تشمل نحو 600 ألف موظف، والخامسة تقل لتصل إلي250 ألف موظف فقط، وترتفع الدرجة الرابعة بشكل مضاعف لتصل لنحو مليونى موظف، حيث تشمل جميع الذين تمت ترقيتهم من الدرجات الدنيا وتعيينات الدبلومات والشهادات المتوسطة، و أكد الدكتور محمود عارف الخبير الاقتصادي، أنه لا توجد مشكلة فى الحد الأدنى، سواء كان هذا الحد1200 جنيه أو ضعفه، لكن القضية الأساسية التى يجب أن نهتم بها هى ضرورة أن يصاحب زيادة هذا الحد الأدنى زيادة فى الإنتاجية، وتابع إن تدنى الإنتاجية فى ظل زيادة الحد الأدنى للأجور من شأنه أن يؤدى إلى ارتفاع مستوى التضخم، فضلا عن ارتفاع معدلات البطالة فى قطاع المشروعات الصغيرة، كما أنه إذا لم يصاحب هذه الزيادة فى الأجر زيادة فى الإنتاجية فسوف يزيد العجز فى الموازنة العامة للدولة.