تطرح دار «بتانة» فى معرض الكتاب المقبل الديوان الجديد للشاعر سمير درويش، بعنوان «ثائرٌ مثلُ غاندي.. زاهد كجيفارا»، ويهديه «إلى الوجوه المتعددة التى تمر دون أن تترك أثرًا، أو كلمة يمكن أن يتذكرها أحدٌ لاحقًا»، وهو يعنى أن الشاعر المشغول فى تجربته الشعرية كلها بالكتابة عن الهامشى واليومى والذى قد لا يلفت نظر أحدٍ، يضيف فى ديوانه الجديد تجربة شعرية عن امرأة عادية، ليست مميزة بحال. الديوان يقع فى حوالى مائة صفحة، ويضم تسعًا وعشرين قصيدة متفاوتة الطول، لكنها عبارة عن مشاهد شعرية يرصد الشاعر خلالها –بحياد تام- تجليات هذه المرأة، وعلاقته بها، كأنه يراقبها من وراء النافذة، أو يشاهدها فى التليفزيون، بالرغم من أنه متورط معها فى علاقة تبدو متشعبة، وهذا يشكل تحدِّيًا لكتابة شعر مفارق. كما يرصد سمير درويش – الذى لا يزال مشتبكًا مع الأنثى فى تجربته الشعرية- سلوك الناس الذين يتلصصون على غيرهم من خلال «العيون السحرية»، ويراقبون حياة الآخرين بدأب دون أن يشعروا بالذنب، أو أنهم يرتكبون إثمًا، ومن خلال ذلك ينصت إلى الأصوات المكتومة، إلى جانب أصوات الشوارع والفوضى التى تذخر بها: السيارات والناس والبائعين الجائلين.. إلخ. اللغة التى يستخدمها درويش فى ديوانه الجديد بسيطة، قريبة من لغة الحياة اليومية، وهو يعتمد على المجاز الذى يصنعه المشهد الشعرى مع كل ما هو خارجه من أصوات وألوان ومرئيات وخبرات. «ثائرٌ مثلُ غاندي.. زاهد كجيفارا» هو الديوان السادس عشر لسمير درويش، أولها «قطوفها وسيوفى» الذى صدر عام 1991 عن هيئة قصور الثقافة، وآخرها «مرايا نيويورك» الذى صدر عن هيئة الكتاب بداية هذا العام، كما أصدر روايتين، وكتابًا سياسيًّا ينتقد الدولة الدينية من خلال تجربة حكم الإخوان المسلمين فى مصر. عن هذا الديوان وعن تجربته الشعرية التى تمتد لحوالى ثلاثين عامًا يقول الشاعر سمير درويش: أحاول باستمرار أن أكتب ذاتى بكل تقلباتها وهزائمها وانكساراتها وأفراحها وأحزانها، حتى لو كانت الذات غير سوية أحيانًا، ولها قناعاتها وأفعالها التى قد لا تعجب الآخرين، وأعتقد أن هذا يضيف بُعدًا جديدًا إلى تجربة الشعر العربي، وينقلها من كونها ظاهرة صوتية إنشائية، تعتمد على إنتاج صورة شعرية حتى لو كانت غير صادقة، إلى النفاذ لعمق الإنسان العربي، وتصوير مشاعره الحقيقية، وهو ما يستلزم أن يكون صوته خافتًا، ويهتم ب«الحالة الشعرية» فى مجملها أكثر من اهتمامه بالصورة. كما أن القصيدة العربية الجديدة – التى أحاول أن أكون أحد شعرائها- لا تلزم نفسها بجماليات الشعر القديم، العمودى أو التفعيلي، ولا بموسيقاه، وإنما يحاول خلق عالم شعرى جديد، بسيط وعميق فى الوقت ذاته، وصادق فى كل الأحيان، يعكس اللحظة التى كتب فيها ويعبر عنها.