انطلقت مساء أمس الأحد، الندوة الدولية المشتركة بعنوان "المدن في التراث العربي (عوالم المكان والإنسان) بقصر ثقافة بهاء طاهر والتي تستمر على مدار يومين ضمن فعاليات الأقصر عاصمة الثقافة العربية وتستكمل فعاليات الندوة مساء اليوم الاثنين ببيت الشعر بالأقصر. وخلال الندوة، قال نادر عبد النعيم في كلمة دار الكتب والوثائق، "إن الإسلام مرسخا لمفهوم التمدن والارتباط بالمدينة، بعد أن كانت حياة العربي (قبل الإسلام) رهان بالقبلية والتنقل من بقعة إلى بقعة ذات زرع وماء فشكلت أول مدينة عربية (يثرب) نقطة تحول، إذ أبدلت الانتماء إلى الموطن والأرض والعصبية ولم يكن التراث العربي موثقا فقط لأعمال الحكام وإنما رأينا وصفا لمصانع وحرف وما تقدمه الحضارة لتلك المدن". فيما ألقى الدكتور محمود مهدي، نائب مدير مركز تحقيق التراث كلمة معهد المخطوطات العربي قائلا "كان مدخلنا إلى الندوة هو مدخل التراث لأنه محل اهتمام مع التراث فالتراث هو مستودع الفكر الذي تجلى في المخطوطات، فنسعى لاستدعاء صور الخيمة في تراثنا والهدف ليس الرجوع للماضي وإنما استشراف المستقبل، ونلاحظ التشابه بين كلمة المدينة والمدنية فبحديثنا عن المدينة نتحدث عن المدنية خاصة وإن بناء الحضارات قرين بناء المدن، الحضارة الرومانية وروما الحضارة اليونانية وأثينا ومصر الفرعونية وطيبة، وقصدنا من بناء المدن هو التنوير والعمل فيها وهدم الحضارة يبدأ بحصار المدن، ونحن نملك اليوم رصيدا كبيرا في تراثنا العربي يتحدث عن المدن بشكل مباشر أو غير مباشر، فالمباشر أن من المخطوطات يحمل اسم المدن نفسها، أما غير المباشر فكانت أحاديث المدن جزء من كتب الفتوح والجغرافيا وذكر المسعودي أنه وصل لعمر بن الخطاب وصف للشام والعراق وخراسان وفارس ومصر بناء على طلبه. وقال مهدي في ورقته البحثية، "أن طيبة هي درة الصعيد وصنع المصريون في طيبة حضارة لا تتميز بقدمها ولكن باستمرارها، فمصر الوسطى هي الوريثة الشرعية لمصر القديمة، لذلك لم يستطيع أي غازي أن يفرض شخصيته على مصر بل كان يذوب في بوتقتها، وقد ذكر ابن خلدون شروط بناء المدن أن تكون على نهر أو قريبة من عيون وأن تكون قريبة من مرعى وهواءها متجدد، ومن الشرق يحضن طيبة سلاسل جبلية تحصنها وتحميها". فيما تناولت الجلسة البحثية الثانية محور أسرار المدينة فقدمت الدكتورة سماح عبد المنعم السلاوي (من مصر) ورقة بحثية بعنوان "حياة المدن المملوكية كما رآها الرحالة الأجانب" قدمت فيها صورة عن الحياة اليومية في العصر المملوكي، فقد تعجب الرحالة من حب المصريين للتنزه، حيث يخرج المصريون للتنزه يوميا، وفى بيت المقدس اعتاد الناس التنزه حول المدينة وكان الناس ينصبون الخيام في المتنزهات، وفى دمشق تكونت عدة متنزهات وكان أحدها مقصد الرؤساء والأعيان ومنها ما احتوى على طرق علاج مختلفة منها ما هو نافع ومنها ما هو يخالف العقل والطب والمنطق، أما منازل المدن المصرية والشامية فقد بدت صغيرة من الخارج ولكنها كانت مرتبة ومقدمة إلى غرف تدل على براعة المهندسين في ذلك الوقت. فيما قدم الدكتور أشرف سمير ورقة بحثية بعنوان "رصد لاحتفالين ببغداد من خلال رحلة بنيامين التطيلي المؤرخ اليهودي الأندلسي الذي زار ثلاث قارات في حدود 8 سنوات، وهو من أوثق الرحلات ومرجع يعتد به، ورصد بنيامين احتفالين في عهد الخليفة العباسي المستنجد بالله وهما احتفال المسلمين بعيد الفطر واصفا بدقة كل ما يخص العيد من احتفالات وملابس، والعيد الثاني هو تنصيب رأس الجالوت بواسطة الخليفة العباسي".