لا تزال ألمانيا بلا حكومة على الرغم من المحاولات المستمرة التى يبذلها الرئيس الألمانى فرنك شتاينماير لتشكيلها، يأتى ذلك فى الوقت الذى اتفق فيه قادة الاتحاد المسيحى، الذى تتزعمه المستشارة أنجيلا ميركل وقادة الحزب الاشتراكى الديمقراطى، على بدء مفاوضات تشكيل الحكومة فى السابع من يناير 2018، وأعلنوا عزمهم الانتهاء من محادثات جس النبض بشأن تشكيل حكومة جديدة بحلول يوم 12 يناير المقبل، أى بعد 6 أيام فقط من بدء المشاورات. وتحت عنوان «دولة بدون حكومة.. طريق ميركل الصعب إلى الائتلاف»، ذكرت مجلة «دير شبيجل» أنه بعد 3 أشهر من الانتخابات، فإن ألمانيا بعيدة عن الائتلاف الحاكم أكثر من أى وقت مضى، كما أن تأثير ألمانيا فى الاتحاد الأوروبى على وشك الانهيار. فى حين يلعب وزير المالية الألمانى، بيتر ألتمير، دور الدبلوماسى الأوروبى العالمى فى زيارة إلى بروكسل، ولكن بمجرد أن تغلق الأبواب ويبدأ نظراؤه يطرحون عليه السؤال الذى هو فى المقام الأول على أذهانهم.. متى يكون أهم بلد فى أوروبا يشكل حكومة جديدة؟ وهو ما دعاه إلى الإشارة إلى أن الوضع الدستورى فى ألمانيا أمر معقد، خاصة أنه إذا كان الائتلاف المتجدد بين المحافظين المستشارة أنجيلا ميركل والديمقراطيين الاشتراكيين يسار الوسط، وهو المعروف باسم «الائتلاف الكبير»، يتشكل فى الواقع، فإن الحزب الديمقراطى السويدى قال إنه يخطط للتصويت الشعبى على ذلك، وهذا الأمر سيستغرق وقتا. ويرى محللون، أن ألمانيا كانت تعتبر نموذجا للديمقراطية مع نظام برلمانى يعمل بشكل موثوق تماما مثل سياراتها وآلاتها الصناعية، ولكن مع الانتخابات العامة الألمانية التى جرت يوم 24 سبتمبر تلاشى كل شىء بسرعة فى مرآة الرؤية الخلفية، كما أن الأحزاب مثل الحزب الديمقراطى الحر الصديق للأعمال والحزب الاشتراكى الديمقراطى - وكلاهما يتمتع بخبرة واسعة كعضو فى الائتلافات الحاكمة فى ألمانيا - قررا الابتعاد عن الانضمام إلى المحافظين مع ميركل فى تحالف سياسى. كما بدأ التشكك المتزايد بطبيعة الحال مع سوء فهم برلين فى محاولتها لبناء مطار بسيط، واكتسبت الشكوك مصداقية مع سلسلة من الحوادث الأخرى، وآخرها عدم قدرة السكك الحديدية الألمانية على الحصول على خطها الجديد عالى السرعة الجديد بين ميونخ وبرلين، والآن لا يمكن للبلد أن يبدو وكأنه يجمع ائتلافا حاكما. يذكر أن مجلس الوزراء بالوكالة، الذى يتولى مهام منصبه منذ أكتوبر الماضى، يقود الجمهورية مع الكفاءة التى لا يمكن أن يتوقعها المرء، وهناك الكثير من الناس الذين يوافقون على الحكومة التى تركز يوما بعد يوم ومحدود على كمية من المال الذى يمكن أن ينفق، ولكن كلما استمر الفراغ أكثر وضوحا سوف تظهر عيوب، وهناك قرارات مهمة تتأخر، وسقوط ألمانيا فى أوروبا والعالم آخذ فى التآكل، وربما الأهم من ذلك، أن الجمود فى برلين يعزز الانتقادات الشعبوية للنظام البرلمانى، ومزاعمهم بأن النخبة السياسية لا تهتم إلا بأحزابها وليس خير البلاد ككل. وفى سياق آخر، قرر قادة الاتحاد المسيحى، الذى تقوده المستشارة ميركل وقادة الحزب الديمقراطى الاشتراكى الذى يقوده شولتس، بدء محادثات تشكيل الحكومة فى نهاية الأسبوع الأول من الشهر المقبل والانتهاء منها بعد ستة أيام فقط، واتفق قادة الاتحاد المسيحى، الذى تتزعمه المستشارة أنجيلا ميركل وقادة الحزب الاشتراكى الديمقراطى، على بدء مفاوضات تشكيل الحكومة فى السابع من يناير 2018، وأعلنوا عزمهم الانتهاء من محادثات جس النبض بشأن تشكيل حكومة جديدة بحلول يوم 12 يناير المقبل، أى بعد ستة أيام فقط من بدء المشاورات. وشارك فى المشاورات كل من المستشارة الألمانية التى ترأس الحزب المسيحى الديمقراطى، ورئيس الحزب الاشتراكى الديمقراطى مارتن شولتس، ورئيس الحزب المسيحى الاجتماعى بولاية بافاريا الألمانية هورست زيهوفر، الذى يشكل الاتحاد المسيحى مع حزبها، وكذلك رؤساء الكتل البرلمانية لكلا الجانبين. من جانبه، اعتبر ماتياس كامبر، الخبير فى الشئون الدولية، أن هذه الشروط تضع «ميركل» فى موقف محرج، وتزيد من الضغوط التى تتعرض لها، وحتى الآن لا يوجد أى مخرج لها فى ظل فشل محاولات إنعاش التحالف فى الفترة الماضية، وهو الأمر الذى يستغله شولتس بشكل كبير لصالحه، ويزيد من شعبيته أمام ناخبيه. ونوه إلى أن ميركل تريد أن تحافظ على صورتها التى ارتسمت فى عقول الألمان والأوروبيين، ورغم فشلها فى تحقيق انتصار كبير فى الانتخابات البرلمانية، فإنها راهنت على تاريخها السياسى فى الوصول إلى تحالف تشكل به الحكومة، ولكن يبدو أن صعود اليمين المتطرف مع تنامى طموحات شولتس، شكلا عقبة كبيرة أمامها فى تحقيق أحلامها، وربما شرط الستة أيام يعد حلقة جديدة أو مناورة من جانب شولتس لإضعاف ميركل من جانب، والوصول إلى انتخابات مبكرة من جانب آخر.