عقد سامح شكرى، وزير الخارجية، أمس الجمعة، لقاء ثنائيا مع فيدريكا موجيرينى، نائب رئيس المفوضية الأوروبية والممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبى، على هامش منتدى الحوار المتوسطى فى روما، حيث أطلعها على أزمة سد النهضة، والجمود الذى يحيط بها من جانب إثيوبيا. كما ناقشا آخر التطورات فى قضايا المنطقة، خصوصا فى ليبيا وسوريا وفلسطين، وهى المسائل التى ناقشها أيضا مع نظيره السعودى، عادل الجبير، فى جلسة ثنائية، إلى جانب قضية مكافحة الإرهاب، التى استحوذت على جزء كبير من كلمته باسم مصر فى المنتدى، والتى رد فيها على استفسارات بشأن توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى باستخدام القوة لتطهير سيناء من الإرهاب، مؤكدا أن هذا الحل هو المطلوب أيضا للقضاء على هذه الظاهرة الآخذة فى التمدد بأوروبا، منتقدا الدول التى لا تدعم مصر فى هذا الصدد. وصرح المستشار أحمد أبوزيد، المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، بأن «شكرى» أشار ل«موجيرينى» إلى محورية وأولوية إتمام الدراسات الخاصة بالتأثيرات المُحتملة لسد النهضة، وفقا للإطار الزمنى المحدد، لضمان الاستفادة بتوصيات تلك الدراسات خلال عملية ملء خزان السد، وتحديد أسلوب تشغيله، وهو الأمر الذى يقتضى إدراك الجانب الإثيوبى لأهمية عامل الوقت. وأضاف «أبو زيد» أن المحادثات تطرقت إلى الوضع فى ليبيا، وتبادل الطرفين الرؤى بشأن الجهود التى يمكن للاتحاد الأفريقى والاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة القيام بها لمعالجة هذا الوضع، فيما استعرض «شكرى» جهود مصر لتوحيد الجيش الوطنى الليبى، ودعم جهود المبعوث الأممى، غسان سلامة، فى بناء التوافق الوطنى الليبى. كما تبادل الجانبان تقييم الوضع الأمنى والإنسانى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، والجهود المبذولة من جانب الاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة ومصر والأردن لدعم نشاط «الأونروا». وتطرقت المحادثات أيضا لتقييم مسار العملية السياسية فى سوريا، بما فى ذلك مسار عملية جنيف واجتماعات الآستانة والحوار السورى- السورى المقرر عقده فى سوتشى. وفيما يتعلق بجهود مكافحة الإرهاب، أعادت «موجيرينى» التأكيد على الموقف الأوروبى الداعم لمصر فى الحرب على الإرهاب، مجددة إدانتها وسائر المؤسسات الأوروبية للحادث الإرهابى الغادر الذى وقع بمسجد الروضة فى شمال سيناء الأسبوع الماضى. وفيما أشادت «موجيرينى» بالجهود المصرية فى مواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، أشار «شكرى» إلى اهتمام مصر بتوسيع نطاق التعاون الثلاثى بأفريقيا فى مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، للاستفادة من خبرات مصر والاتحاد الأوروبى بما يخدم مصالح الأطراف كلها. وعقب لقاء «موجيرينى»، التقى «شكرى» نظيره السعودى، عادل الجبير، فى إطار التواصل الدائم بين الجانبين على جميع المستويات، وبحث الوزيران العلاقات الثنائية بين البلدين، مؤكدين أهمية متابعة برامج ومشروعات التعاون المشترك فى كل المجالات. وقال المتحدث باسم الخارجية، إن اللقاء تناول مجمل التطورات فى المنطقة، خاصة الأوضاع فى سوريا ولبنان واليمن وليبيا، فضلا عن أزمة قطر، وكذلك تطورات ملف سد النهضة، وجهود مصر فى تحقيق المصالحة الفلسطينية وتمكين الحكومة الوطنية من القيام بمهامها فى قطاع غزة، إضافة إلى جهود إحياء المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية. من جهته، أعرب «الجبير» عن خالص التعازى لمصر حكومة وشعبا ولأسر الشهداء، فى حادث الهجوم الإرهابى الذى وقع بمسجد الروضة ببئر العبد غرب العريش، كما ثمّن حرص البلدين على التواصل والتنسيق الدائم فى كل المجالات. جلسة حوارية بعنوان «رؤية من مصر» قبل اللقاءين، وفى إطار منتدى روما للحوار المتوسطى، شارك سامح شكرى وزير الخارجية فى جلسة حوارية بعنوان «رؤية من مصر»، تم تخصيصها لعرض وجهة النظر المصرية إزاء القضايا والأوضاع الإقليمية، وأدارها «جيراردو جريكو»، مدير البرامج الإخبارية بقناة Rai الإيطالية، و«نيكولاس بيلهم» المحرر الصحفى بمجلة «الإيكونومست». ونقلا عن المتحدث الرسمى باسم الخارجية، قدم «شكرى» شرحا مستفيضا للموقف المصرى تجاه الأوضاع الإقليمية، وأكد أهمية تعميق التعاون بين شمال وجنوب المتوسط لاستعادة ميزان القوة الاستراتيجى ومعالجة ما ألمّ به خلال السنوات الماضية. وأشار وزير الخارجية إلى أن العمليات العسكرية فى سوريا والعراق ضد تنظيم داعش الإرهابى كانت ناجحة، ولكن حدث تهاون مع المقاتلين الأجانب وسُمح لهم بالفرار، وقد حذرت مصر مرارا من مغبة ذلك لأنه سيؤدى إلى إعادة بروز الخطر الإرهابى فى مناطق أخرى فى ليبيا وسيناء وأفريقيا جنوب الصحراء، ما ينذر بعواقب وخيمة. وردا على سؤال بشأن توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى باستخدام القوة لاستعادة الأمن والاستقرار فى سيناء خلال 3 أشهر، أجاب وزير الخارجية بأن منطقة العمليات المشار إليها تقع فى شمال شرق سيناء، ولا تمثل سوى 5٪ من مساحة شبه جزيرة سيناء، وهى منطقة معزولة نوعا ما. وشدد «شكرى» فى هذا الصدد على أن حادث مسجد الروضة يمثل هجمة بربرية أودت بحياة 311 شخصًا، من بينهم 27 طفلا، وبالتالى ينبغى على العالم بأسره أن يشد من أزر مصر فى مواجهة الإرهاب. وسلط وزير الخارجية الضوء على أن مصر تواجه إرهابا يفجر المساجد، ولا يمكن تحقيق الأمن فى ظل العمليات الإرهابية التى تقع فى أوروبا أيضا، والتى تحتاج إلى تعامل عسكرى حازم. واستطرد الوزير بأن الرؤية المصرية لمحاربة الإرهاب تجمع بين التعامل العسكرى، والقيام بمشروعات تنموية فى شبه جزيرة سيناء، لتحقيق مستوى معيشى جيد للسكان، وتحصينهم ضد الأيديولوجيات المتطرفة، إلى جانب المواجهة الفكرية لهذه الأيديولوجيا التى تستند إليها الجماعات الإرهابية، متسائلا عن أسباب تقاعس بعض الدول عن تقديم العون لمصر فيما تحتاجه لمحاربة الإرهاب، خصوصا ما تحتاجه من معدات وتكنولوجيا متقدمة. وفيما يتعلق بالشأن الليبى، أكد وزير الخارجية أن مصر تتقاسم حدودا ممتدة مع ليبيا، مشيرا إلى جهود مصر المتواصلة للوصول إلى حل سياسى وزرع الثقة بين الجماعات المختلفة فى ليبيا، والتوصل إلى اتفاق عادل يشمل جميع الأطراف هناك، حيث كانت مصر فاعلا رئيسا فى التوصل لاتفاق الصخيرات، كما استضافت الكثير من الاجتماعات لتجسير الهوة بين الفرقاء الليبيين، وتوسيع أفق الحوار بينهم لإعادة بناء الدولة الليبية، وإعادة هيكلة مؤسساتها على نحو أفضل، معتبرا أن الأمور فى ليبيا تتجه نحو منحى إيجابى. كما أشار «شكرى» إلى وجود منظمات تقدم أنواعا مختلفة من الدعم لتهريب البشر والأسلحة فى هذه المنطقة، داعيا إلى العمل معا لقطع الإمدادات عن الجماعات الإجرامية التى تمتهن الاتجار بالبشر. وفيما يتعلق بقضية الهجرة، جدد وزير الخارجية الإشارة إلى أن مصر تستضيف ملايين اللاجئين، خصوصا من سوريا، انطلاقا من مسئولية مصر تجاه دول المنطقة، منوها بأن اللاجئين فى مصر لا يتم حصارهم فى مخيمات أو مراكز إيواء، وإنما يعيشون بحرية وينعمون بالأمن على الأراضى المصرية.