"دينية النواب" تناقش تنظيم إصدار الفتوى الشرعية    ارتفاع أسعار الفاكهة وانخفاض الخضراوات بأسواق الإسكندرية    إعلام حوثي: 16 جريحا نتيجة الغارات الأمريكية على شمال شرق صنعاء    قوات الاحتلال تحتجز طواقم الهلال الأحمر والأهالي في مخيم نور شمس بطولكرم    صاروخ الحوثيين على مطار بن غوريون.. إنذار إستراتيجي وتراشق بالاتهامات بين إسرائيل وإيران    قرعة نارية للبطولة الدبلوماسية في نادي الجزيرة    رئيس بايرن التنفيذي: كين يمكنه الفوز بالألقاب    ضبط نصف طن لحوم ومشتقاتها غير صالحة للاستهلاك في أسيوط    فيديو.. الأرصاد: ارتفاعات تدريجية في درجات الحرارة اعتبارا من الغد    محافظ أسيوط يعلن انطلاق مسابقة "الأب القدوة"    جامعة بنها تحصد المراكز الأولى فى مهرجان إبداع    وزارة الصحة في غزة تحذر من تدهور الوضع الصحي والإنساني في القطاع وتطالب بتدخل دولي عاجل    التحالف الوطني يشارك في معرض أبو ظبي الدولي ويبرز دور المرأة في مواجهة التحديات التنموية    ارتفاع حجم السيولة المحلية بالقطاع المصرفي ل 12.566 تريليون جنيه بنهاية مارس    انتظام الدراسة بعدداً من مدارس إدارة ايتاى البارود بالبحيرة    متحدث «الوزراء»: تنسيق كامل بين الجهات المختلفة لزيادة عدد الحضانات    جدول امتحانات الصف الأول الثانوي العام الترم الثانى في القليوبية 2025    زعيم المعارضة في رومانيا يفوز في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية    الهباش: عباس يجتمع مع بوتين لبحث الوضع في غزة والعلاقات الثنائية في هذا الموعد    طلاب "طب بشري بني سويف الأهلية" يحصدون المركز الأول في دوري العباقرة    في موسمه ال13.. جامعة بنها تحصد عددا من المراكز الأولى بمهرجان إبداع    ياسر ريان: عماد النحاس نجح في لم الشمل وكسب ثقة الكبار في الأهلي    صدمة لجماهير الأهلي.. صفقة واعدة تبتعد    محمود ناجي حكما لمواجهة الزمالك والبنك الأهلي في الدوري    تراجع سعر اليورو اليوم الإثنين 5 مايو 2025 بالبنوك المصرية    وزير الإسكان: تخصيص 650 قطعة أرض للمواطنين الذين تم توفيق أوضاعهم بمنطقة الرابية    مروراً بالمحافظات.. جدول مواعيد قطارات الإسكندرية - القاهرة اليوم الاثنين 5 مايو 2025    مصرع طالبة صعقًا بالكهرباء أثناء غسل الملابس بمنزلها في بسوهاج    مشاجرة بين الفنانة جوري بكر وطليقها داخل كمباوند شهير بأكتوبر    مصرع طفلتين «توأم» في انهيار جدار منزل بقنا    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الاثنين    «ابدأ مشروعك» في ندوة بجامعة دمياط لدعم مستقبل رواد الأعمال    رئيس تجارية القليوبية: تطبيق دعم المستثمرين نقلة رقمية تعزز ثقة رجال الصناعة    توقعات الأبراج اليوم.. 3 أبراج تواجه أيامًا صعبة وضغوطًا ومفاجآت خلال الفترة المقبلة    بدرية طلبة تتصدر الترند بعد إطلالاتها في مسرحية «ألف تيتة وتيتة»|صور    في ذكرى ميلاد «ملك الأكشن».. محطات في حياة حسام الدين مصطفى    ريهام عبد الحكيم تتألق في مهرجان الموسيقى العربية    مركز طبي كفر شكر بالقليوبية يحصل على اعتماد هيئة الرقابة    الرعاية الصحية تنظم فعالية حول الوقاية من الجلطات الوريدية في مرضى الأورام    شيخ الأزهر يستقبل الطالب محمد حسن ويوجه بدعمه تعليميًا وعلاج شقيقته    منافس الأهلي.. فيتور روكي يقود بالميراس لفوز شاق أمام فاسكو دا جاما بالدوري البرازيلي    النحاس يبدأ دراسة نقاط القوة والضعف في المصري قبل مواجهة الخميس    نتنياهو: خطة غزة الجديدة تشمل الانتقال من أسلوب الاقتحامات لاحتلال الأراضى    وزير الخارجية الإيراني يصل باكستان للتوسط لوقف التصعيد مع الهند بسبب هجوم كشمير الدموي    ترامب يدرس تعيين ستيفن ميلر مستشارا للأمن القومي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 5-5-2025 في محافظة قنا    بدء نقل جميع مقار إدارات ولجان الفتوى بمجلس الدولة للمقر الجديد    النشرة المرورية.. كثافات مرتفعة للسيارات بشوارع وميادين القاهرة والجيزة    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 .. تعرف عليه    وفاة طالبة جامعة الزقازيق بعد سقوطها من الطابق الرابع| بيان هام من الجامعة    تعرف على ضوابط عمالة الأطفال وفقا للقانون بعد واقعة طفلة القاهرة    لأول مرة.. نيكول سابا تكشف سر على الهواء: «شئ صعب»    تكرار الحج والعمرة أم التصدق على الفقراء والمحتاجين أولى.. دار الإفتاء توضح    وكيل صحة شمال سيناء يستقبل وفد الهيئة العامة للاعتماد تمهيدًا للتأمين الصحي الشامل    محظورات على النساء تجنبها أثناء الحج.. تعرف عليها    «مكافحة نواقل الأمراض»: عضة الفأر زي الكلب تحتاج إلى مصل السعار (فيديو)    قصر العيني: تنفيذ 52 ألف عملية جراحية ضمن مبادرة القضاء على قوائم الانتظار    على ماهر يعيد محمد بسام لحراسة سيراميكا أمام بتروجت فى الدورى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإرهاب وتلوث الهوية المصرية "1"
نشر في البوابة يوم 30 - 11 - 2017

يؤكد الأنثروبولوجيون والاجتماعيون وعلماء الأجناس وفلاسفة الحضارة أن البيئة والثقافة السائدة فى مجتمع ما من أهم المؤثرات التى تشكل بنية هوية الأفراد والعقل الجمعى والروح الكلية عبر العصور. أما ثوابت تلك الهوية ومتغيراتها فالمسئول عنها هم قادة الفكر وزعماء الإصلاح ورواد التنوير، فهم دون غيرهم المعنيون بتحديد مشخصات تلك الهوية تبعًا لتصوراتهم وأفكارهم ومعتقداتهم. وإذا ما فسدت هذه العصبة التى نطلق عليها جماعة النخبة أو الطبقة الوسطى.
وعليه فمن الخطأ الاعتقاد بأن هوية الأفراد أو (الذات، الأنا) (Identity) تنفصل عن البنية الثقافية التى نبتت فيها واصطبغت بصبغتها وأضحت موروثًا أصيلًا يميزها عن غيرها، فحديث قدماء الفلاسفة حتى القرن السابع عشر عن استقلال النفس من حيث الطباع والعقل والقيم الأخلاقية عن الثقافة السائدة فى مجتمع ما، أضحى من النظريات المشكوك فى صحتها؛ فقد جاء الفيلسوف الاسكتلندى «هيوم» (1711-1776) م ليؤكد أن هوية الأفراد والجماعات ليست فطرية بل هى مكتسبة من الثقافة السائدة فى مجتمع وعصر ما ثم تتوارثها الأجيال بالممارسة والمعايشة أى أن الهوية تتكون من حصاد الخبرات المتراكمة (نظرية الحزمة).
وإلى مثل ذلك ذهب الفيلسوف الفرنسى «إيميل دوركايم» (1858-1917)م مبينًا أن هوية الأفراد ما هى إلا وليدة المجتمع وليس العكس، وقد نقض بذلك تصور الليبراليين الذين نزعوا إلى أن ثقافة المجتمع لا تخرج عن كونها عقدًا اجتماعيًا أبرمه الأفراد فيما بينهم على تحديد ثوابت ومتغيرات الروح الجمعية أو الرأى العام.
وبين هذا الرأى وذاك يقدم الفيلسوف الأمريكى «جورج هربرت ميد» (1863-1931) م تصورًا وسطًا، إذ يفرق بين الأنا أو الذات الفاعلة والشخص باعتباره فردًا منفعلًا للثقافة والمجتمع الذى يعيش فيه، وعليه تصبح الهوية مجموع انتماءات الأنا النفسية والشعورية وقناعاتها من جهة، ومدى إيمانها وولائها وانضوائها تحت عباءة العقل الجمعى بما فيه من قيم وعقائد ومعارف من جهة أخرى.
وتمضى الدراسات المعاصرة فى هذا السبيل، فها هو عالم الاجتماع الكندى ارفنج جوفمان (1922-1982) م يوضح أن وعى الأنا بمشخصاتها هو الضامن لبقاء الهوية دون تغير (إيجابًا أو سلبًا)، فإذا ما جمد الوعى أضحت الثقافة السائدة رجعية ومتخلفة، أما فى حالة تجديده بفعل العقول المبدعة والمنفتحة على الأغيار لاكتساب النافع والصالح لثوابت المشخصات فإن مثل ذلك الفعل يحمى الهوية من خطر التلوث والجموح والجنوح والفساد.
ويرى عالم النفس الألمانى «اريك اريكسون» (1902-1994) م أن أزمة الهوية تولد من ذلك الصراع النفسى بين الإلزام والالتزام أو الانتماء والانضواء أو قناعات الأنا وقيود المجتمع وضوابطه، ومن ثم فإن إحساس الفرد بالاغتراب وسط أهله وعشيرته وجيرانه ومواطنيه وبنى جلدته يدفعه إلى التمرد على هويته ومشخصاتها واعتناق هوية أخرى وثقافة مغايرة.
ويضيف الفيلسوف الجزائري-الفرنسى «ألتوسير» (1918-1990)م أن الأيديولوجيات هى التى تدفع الهوية للانتماء أو الاغتراب، وذلك تبعًا للقدر الذى يشعر فى ظلها الفرد بوجوده من عدمه، وذلك لأن الجوامع والكنائس والمؤسسات الثقافية والإعلامية هى التى تفرض تلك الأيديولوجيات لتسبغ بها هوية الأفراد فى جُل المجتمعات.
بينما يعول الفيلسوف الفرنسى ميشيل فوكو (1926-1984) م على أن علة ظهور الخطابات الجانحة أو المتطرفة لا ترد إلى الإحساس بالاغتراب تجاه الثقافة السائدة فحسب، بل ترد للميول الذاتية والخصال الشخصية أيضًا، ومن ثم يحاول الجانحون الرافضون للعقل الجمعى الثورة على ما فيه من قيم، اعتقادًا منهم بأنهم أصحاب ثورات للتصحيح والتغيير منطلقة من وعيهم بحقائق قد غابت عن ذلك العقل الجمعى أو الثقافة السائدة. ومن ثم تصبح خطابات الشواذ جنسيًا والمجترئين عقديًا والجانحين أخلاقيًا والإرهابيين سلوكيًا والمتعصبين فكريًا من أشكال تلوث الهوية وذلك بغض النظر عن مصدر ذلك التلوث داخليًا كان أو خارجيًا.
وإذا ما انتقلنا من ذلك التنظير الفلسفى إلى مناقشة واقعنا المعيش، سوف نجد الهوية المصرية قد تميزت عن غيرها بطبائع نفسية وخصال أخلاقية ومنازع سلوكية وأحاسيس ذوقية ومشاعر وجدانية وقناعات عقدية وعوائد اجتماعية لم تتعرض للعطب أو الفساد إلا بفعل مؤثرات خارجية (الغزو، القهر، الاضمحلال الثقافى، فساد المؤسسات الحاكمة، غيبة البطل أو الطبقة الوسطى المسئولة عن تربية الرأى العام)، أى أن الشخصية المصرية لم تتمرد من الداخل على طبيعتها أو ثوابتها التليدة (الخيرية، الانتماء إلى الأرض والولاء للجماعة، المسالمة، الشجاعة، الألفة، الاستقرار، البناء، المرونة، التفاؤل والأمل فى غدٍ أفضل، الضحك والسخرية من الواقع، الحياء، الجرأة، العفة، الإخلاص، القدرة على تحويل الإلزام إلى التزام وتحويل الأزمات إلى عزائم تبدل المحن والعثرات إلى انتصارات، تقديم الصبر على الثورة والتمرد، تقديس الحاكم واحترام القادة باعتبارهم عين الحقيقة وصوت القدر، الإيمان بفلسفة الممكن والتحايل على المستحيل).
وللحديث بقية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.