رئيس جامعة كفر الشيخ: نسعى لتوسيع شراكتنا العالمية للارتقاء بمستوى الطلبة    «تعليم الأقصر»: اليوم الثقافي الياباني تجسيد حي للصداقة بين مصر واليابان    «القومي لحقوق الإنسان» ينظم دورتين تدريبيتين للجهاز الإداري في كفر الشيخ    رئيس جامعة المنوفية يعقد اجتماع لجنة البحوث العلمية «أون لاين»    اللجنة الفنية الدائمة ل"التصدي للشائعات" ب "الأعلى للإعلام" تعقد أولى جلساتها    تراجع إيرادات قناة السويس إلى 1.8 مليار دولار بالنصف الأول من 2024-2025    سفيرة الاتحاد الأوروبي ومدير مكتب الأمم المتحدة للسكان يشيدا باستراتيجية مصر لدعم الصحة والسكان    محافظ المنوفية: تعزيز منظومة إنتاجية القطن والارتقاء به    عائلات المحتجزين الإسرائيليين: حكومة نتنياهو ليس لديها خطة واضحة لإعادتهم    جانتس: التأخير في تشكيل لجنة تحقيق رسمية بأحداث 7 أكتوبر يضر بأمن الدولة    فانتازي يلا كورة.. رقم سلبي لصلاح قبل مباراة أرسنال    حارس بايرن حائر بين كأس العالم للأندية وبطولة أوروبا    تقارير: فابريجاس مرشح لتدريب روما    مصر تحصد 62 ميدالية بالبطولة الأفريقية للمصارعة بالمغرب وتتصدر كؤوس المركز الأول    وزير التربية والتعليم ووزيرة التعليم اليابانية يتفقدان مدرسة السويدي الدولية للتكنولوجيا التطبيقية والبرمجيات    الأرصاد: طقس غداً الثلاثاء حار نهاراً معتدل ليلاً على أغلب الأنحاء    جنايات بورسعيد تؤيد سجن متهم ثلاث سنوات لتهديد سيدة بصورها الخاصة وابتزازها ماليًا    وزير الثقافة يكرم النجم مينا مسعود ويعلنه ممثلاً للثقافة والفنون بالخارج    حظك اليوم.. تعرف على توقعات الأبراج اليوم 5 مايو    مهرجان مسرح الجنوب يُكرم الكاتب محمد ناصف    وفاة الفنان نعيم عيسى عن عمر 92 عاما بعد صراع مع المرض    محافظ الدقهلية يتفقد مستشفى المنصورة التخصصي: يثني على أداء المستشفى والاطقم الطبية والتمريض    تقارير تكشف موعد سحب قرعة بطولتي كأس العرب ومونديال الناشئين    الرئاسة الروسية: سننظر إلى أفعال المستشار الألماني الجديد    أسعار الأسماك اليوم الإثنين 5 مايو 2025 .. البلطي ب 100 جنيه    «المركزي» يطرح سندات خزانة ب3 مليارات جنيه    بعد جنازته بمصر.. كارول سماحة تقيم عزاء زوجها في لبنان الخميس    حقيقة تعثر مفاوضات الزمالك مع كريم البركاوي (خاص)    رئيس الاتحاد الدولي للترايثلون: مصر تستحق تنظيم دورة الألعاب الأولمبية    لمدة 20 يوما.. علق كلي لمنزل كوبرى الأباجية إتجاه صلاح سالم بالقاهرة    وزير الاتصالات يغادر إلى طوكيو للمشاركة في فعاليات مؤتمر "سوشي تك"    مستقبل الذكاء الاصطناعي ضمن مناقشات قصور الثقافة بالغربية    شام الذهبي: الغُناء بالنسبة لي طاقة وليس احتراف أو توجه مهني    وزير التعليم العالي يُكرّم سامح حسين: الفن الهادف يصنع جيلًا واعيًا    محافظ الجيزة يوجه بصيانة مصعد فرع التأمين الصحي ب6 أكتوبر    الهند تحبط مخططا إرهابيا بإقليم جامو وكشمير    رئيس الوزراء يتابع خطوات تيسير إجراءات دخول السائحين بالمطارات والمنافذ المختلفة    العملات المشفرة تتراجع.. و"بيتكوين" تحت مستوى 95 ألف دولار    ترامب يرسل منظومتي باتريوت لأوكرانيا.. ونيويورك تايمز: أحدهما من إسرائيل    وزارة الصحة تعلن نجاح جراحة دقيقة لإزالة ورم من فك مريضة بمستشفى زايد التخصصي    قطاع الرعاية الأساسية يتابع جودة الخدمات الصحية بوحدات طب الأسرة فى أسوان    "وُلدتا سويا وماتتا معا".. مصرع طفلتين شقيقتين وقع عليهما جدار في قنا    الدكتور أحمد الرخ: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله    فيديو.. ترامب يكشف عن نيته بناء قاعة رقص عالمية في البيت الأبيض    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    جوري بكر في بلاغها ضد طليقها: "نشب بيننا خلاف على مصروفات ابننا"    هيئة الرعاية الصحية: نهتم بمرضى الأورام ونمنحهم أحدث البروتوكولات العلاجية    وزيرة التضامن تشهد افتتاح فعاليات المؤتمر العام العاشر لمنظمة المرأة العربية    الكرملين: بوتين لا يخطط لزيارة الشرق الأوسط في منتصف مايو    جدول امتحانات الترم الثاني للصف الثاني الثانوى في القليوبية    صدمة لجماهير الأهلي.. صفقة واعدة تبتعد    مقتل شاب على يد آخر في مشاجرة بالتبين    مصرع طالبة صعقًا بالكهرباء أثناء غسل الملابس بمنزلها في بسوهاج    نتنياهو: خطة غزة الجديدة تشمل الانتقال من أسلوب الاقتحامات لاحتلال الأراضى    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 .. تعرف عليه    ارتفعت 3 جنيهات، أسعار الدواجن اليوم الإثنين 5-5-2025 في محافظة الفيوم    تكرار الحج والعمرة أم التصدق على الفقراء والمحتاجين أولى.. دار الإفتاء توضح    محظورات على النساء تجنبها أثناء الحج.. تعرف عليها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اعرف نفسك !!
نشر في شموس يوم 08 - 05 - 2016


أ.د.إلهام سيف الدولة حمدان – مصر
المشاعر والأحاسيس والقيم والآراء والمواقف والسلوكيات والرؤى، كل هذه المصطلحات اللغوية ؛ هي مايسميه الفلاسفة ب " الذات" الإنسانية التي تميز فردا عن آخر، و"الذات" هي "الهُوية الشخصية" التي تقوم بتوجيه الفرد إلى اختيار شكل الحياة التي يتمناها أو يختارها طواعية؛ وتقوم بالتعريف به بين أفراد المجتمع الذي يعيش بين ظهرانيه، لذلك أطلق لفظ "الهُويَّة" على" البطاقة الشخصية "، وقد ينظر البعض للهُوية على إنها الوعي بالذات الاجتماعية والذات الثقافية ؛ التي تشير إلى لغته وعرقه وعقيدته وحضارته وتاريخه ، لتتحول اللفظة إلى تعبير له دلالة أخرى وهي "الهُوية الوطنية" وقواعدها الولاء و الانتماء ؛ بعيدة عن "الهَوَى" ، والبون شاسع بين المعنيين !
ولكن .. وحتى لاندخل فى جدل حول دلالة "الهُوية" و "الهَوَى"، فلنلق نظرة سريعة على تعريفات المعاجم اللغوية للألفاظ التي نتداولها في حياتنا اليومية دونما إدراك حقيقي لدلالاتها :
هَوِيَة : فاعل من هَويَ
هَويّة: ( اسم ) مَنْسُوبٌ إِلَى هُوَ
الهَوِيةُ : البئرُ البعيدةُ القعر
هُوِيةُ الْإِنسَانِ : حَقيقتُهُ الْمُطْلقةُ وصفاتُهُ الْجوهرِيَّةُ
الْهُوِيةُ الْوطَنيةُ : مَعالِمُها وَخصائصُها الْمُميَّزَةُ وَأَصالَتُها؛ وهي مجموع السّمات والخصائص المشتركة الّتي تميّز أمةً أو مجتمع أو وطن معيّن عن غيره، يعتزّ بها وتشكّل جوهر وجوده وشخصيّته المتميزة .
بطَاقةُ الْهُوِيَّة : الْبطاقَةُ الشَّخْصيةُ التي تحْملُ اسْم الشَّخْص وَتَاريخ ميلاده وعمله وجِنْسِيتهُ .
الهُوِيةُ ( في الفلسفة ) : حقيقةُ الشيء أو الشخص التي تميزه عن غيره
الهُوِية : إحساس الفرد بنفسه وفرديّته وحفاظه على تكامله وقيمته وسلوكياته وأفكاره في مختلف المواقف .
الهُوية الثقافية : وهي بيت القصيد في تشكيل الشخصية؛ وهي التي تشكل العمود الفقري للانتماء لجسد الوطن والانخراط في دمه وشرايينه، وصحيح أن لكل مجتمع خصوصياته المميزة له ،وقد يشترك مع مجتمع آخر في بعضها أو يختلف، لكنه في النهاية يبدأ التكوين الطبيعي للهوية الثقافية التي يتسم بها شعب من الشعوب، وترتبط بمجموعة من العلاقات بين الأفراد والجماعات لإحداث التفاعل نحو التطور الإيجابي؛ الذي يكون عاملاً حاسمًا فى تكوين البيئة الاجتماعية المتماسكة، التي بدورها تعلي من قيمة الهُوية الثقافية للشعور بالانتماء ؛ وتهب الاستمرار التاريخي للأمة وزيادة ترابطها وتقوية لُحمتها الوطنية، لتحصل على ميزة التفرد عن غيرها من الأمم.
ولعلنا نستمد العبرة من التاريخ القديم ؛ حين تنبه الحكيم "سقراط" إلى أهمية معرفة الذات وخباياها وأسرارها ؛ ولم يترك للبشرية مذهبًا فلسفيًا محددًا؛ بل ترك حكمة هي أقرب إلى التطبيق العملي في كافة مناحي الحياة ؛ فقال إن فن العيش يرتبط بالمعرفة؛ والمعرفة هي فن العيش والحياة، وتتطلب حالة من اليقظة المستمرة لمكنون النفس البشرية؛ وقال كلمته الشهيرة:
" اعرف نفسك بنفسك" ؛ وهي العبارة التي نُقشت على واجهة "معبد أبوللو"؛ لأنه كان يعد الإنسان بكل مكوناته الجسدية والروحية والعقلية صلب فلسفته؛ ومصدرًا للإلهام لكل ماتركه من تراث للبشرية، بل نزيد على ماقاله هذا الفيلسوف؛ ماذهب إليه"الإمام عَلىْ" بأن من عرف نفسه عرف ربه .
والذي يعنينا في هذا المقام هو العناية بتربية النفس ومعرفتها المعرفة الحقة؛ وتدريبها على اعتناق الهُوية الوطنية الصادقة لصالح توجهات الدولة العليا وأهدافها التي تحترم حرية الإنسان وعقيدته؛ والتي تعني بالانتظام العام في المجتمع وفقًا للمباديء الأخلاقية السامية المتعارف عليها؛ والانضواء تحت ميثاق شرف يتوافق عليه الجميع طواعية، وليس بالضرورة أن يكون هذا الميثاق مكتوبًا فى قوانين ولوائح كبقية المواثيق التجارية والاقتصادية؛ ولكنه الميثاق النابع من الذات السويَّة التي تحترم كينونة الإنسان ورسالته في الحياة .
ولا يمكننا العمل بهذا الميثاق؛ وقطف ثماره الطيبة المرجوة؛ إلا بالتصالح المخلص مع النفس،ومعرفتها معرفة يقينية ثابتة؛ والبعد عن شيطان "الهَوَى" الذي يوسوس في الصدور والأرواح؛ والهَوَى هو ميل النفس إلى ما لايلائمها؛ قال تعالى في كتابه العزيز:"وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّه ….. " ( سورة ص آية 26 ) . فالمخاطر المحدقة بالهُوية المصرية والعربية متربصة للانقضاض تحت شعار خبيث ودخيل على الشعوب؛ وهو ماأطلق عليه لفظة "العولمة" ؛ التي تهدف إلى تذويب الكيانات البشرية لتصبح مجتمعًا عالميُا واحدًا ؛ يقوم على معتقدات وثقافة واحدة ؛ بهدف القضاء على ثقافات الشعوب والمساس بهُويتها، ولعلنا نشاهد ببؤبؤ أعيننا مايحدث الآن على الساحة الدولية من محاولات الإبادة العرقية، لتمزيق أوصال الأوطان ذات الحضارة العريقة، وفي مقدمتها دول العالم الثالث التي تضم الشرق العربي والإسلامي .
فهلا حافظنا على هُويتنا الوطنية والثقافية؛ لأنها بمثابة ذاكرة الوطن، وبغيرهما يصبح الوطن فاقدًا لذاكرته القومية والتاريخية؛ وهذا يستوجب استنفارا وإحياء للموروث الحضاري بكل أبعاده الدينية والفكرية والاجتماعية؛ والتعريف به للأجيال الجديدة، تحقيقًا لاستمرارية الهُوية الوطنية كحائط صد؛ ضد تيار العولمة الجارف ورياحها التي تريد أن تقتلع كل ما من شأنه تآلف ووحدة الشعوب .
ياأيها الإنسان : اعرف نفسك بنفسك .. تعرف ربك وعالمك .
أستاذ العلوم اللغوية أكاديمية الفنون


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.