يعكس الحادث الأخير الذى استهدف مسجد الروضة بالعريش سيطرة تيار «الحازميون» على عناصر تنظيم داعش الإرهابى، فى سيناء. وهذا التيار يعد الأشد تكفيرًا وخطورة بين التنظيمات التكفيرية، لأنه يكفر قيادات التنظيم التى لا تكفر الكافر. وتمكن هذا التيار شديد الخطورة من الوصول لمراكز شرعية عليا، ما مكنه من إصدار بيانات يشرع فيها «التكفير بالتسلسل»، وفى منتصف عام 2014، بدأ التيار الحازمى يظهر يومًا تلو الآخر، بزيادة وتيرة تكفير الكل من المخالفين. ويرى المراقبون أن التيار الحازمى دخل وتسلل داخل ولاية سيناء، ومعظمهم من المهاجرين غير المصريين، وهناك علامات استفهام كبيرة حول علاقة الحازميين بالكيان الإسرائيلى. أحمد زغلول شلاطة ل«البوابة»، الباحث فى شئون الحركات الاسلامية، قال إن استهداف المساجد ليس أمرا جديدا فى واقع ممارسة الجماعات الجهادية على تنوعها وسبق أن مارسه تنظيم داعش فى العراق وسوريا واليمن، كذلك حركة «بوكو حرام» النيجيرية، وتنظيم القاعدة فى مالى، فى استهداف المتصوفة ومساجدهم ومزاراتهم، ولكن توسع فيها «داعش» بشكل غير مسبوق عن غيره وكان نقطة خلاف مع تنظيم القاعدة الذى حرص على تأكيده لاحقا على حرمة استهداف المساجد. وأوضح «شلاطة» أن تفجير مسجد الروضة تم فى منطقة تشهد تواجدا ضئيلا لولاية سيناء، خصوصا مع مواقف الطريقة الصوفية الجريرية المناهضة لأفكارهم المتطرفة، التى لعبت دورا فى مواجهة أفكار التكفير بين الشباب للحيلولة دون وقوعهم فى دوائر هذه الجماعات، وهو ما بدا من استهداف أحد رموزها ذى المواقف المناهضة لهم، فضلا عن أن عشيرة الجريرات أحد أفرع قبيلة السواركة أكبر القبائل السيناوية التى شهدت علاقة التنظيم بها عدة مواجهات من قبل بسبب تعاونها مع الأمن. ويشير الظهور الأخير لجماعة جند الإسلام الموالية لتنظيم القاعدة إلى وجود صراع داخلى على زعامة المشهد الجهادى المحلى بعد بيانها تبنى عملية أمنية تستهدف «خوارج البغدادى بسيناء». وخلال الفترات الأخيرة وجهت جماعات مسلحة اتهامات مباشرة لتنظيم داعش بالعمل لصالح الاحتلال الإسرائيلى، ومن ضمن الاتهامات الموجهة للتنظيم الداعشى فى شمال سيناء أنه يعمل دائما على عدم السماح لفتح معبر رفح بين مصر وقطاع غزة لتضييق الخناق عليهم. وكشفت مواقع تكفيرية على شبكة الإنترنت مؤخرا عن استمرار الصراعات بين التنظيمات الإرهابية الموجودة فى شمال سيناء، وخاصة بين تنظيمى «جند الإسلام» و«داعش»، إضافة إلى انشقاق الكثير من الإرهابيين عن تنظيم «داعش» بسبب أعماله الوحشية ضد المدنيين فى سيناء، لا سيما محاولاته المستميتة لفرض حصار دائم على قطاع غزة، ما أثار الشكوك فى نفوس بعض المنتسبين إليه بأن تنظيم داعش يعمل لصالح الاحتلال الإسرائيلى. وقالت مدونة موقعة باسم «أبوعبدالله السيناوى» تابع لتنظيم «جند الإسلام»، إن تنظيمه نصب كمينا يستهدف أفرادا وقيادات من مفارز «داعش» الأمنية، نظرًا لأن الأهالى فى سيناء لم تعد تحتمل ما يحدث لها بسبب ممارسات أذناب البغدادى فى سيناء، وممارستهم أبشع الجرائم بحق المدنيين فى هذه المناطق، إضافة إلى محاولاتهم منع دخول الاحتياجات الأساسية لقطاع غزة وتشديد الحصار عليه، وملاحقة التجار وحرق شاحنات الأسمنت وتصفية السائقين، لمنع إدخال أى مواد لقطاع غزة المحاصر، إضافة إلى تصفية وفرض الإقامات الجبرية على بعض المنتسبين ل«داعش» عندما أبدوا تعاطفهم ورفضهم أسلوب تعاملهم مع قطاع غزة، ما أوجد ريبة وقلقا من طبيعة الدور المشبوه وحقيقة وجود تنظيم البغدادى فى سيناء. ونقل صاحب المدونة عن بعض عناصر «داعش» المنشقين أن التنظيم كان حريصًا على استهداف مواقع للجيش المصرى فى أثناء فتح معبر رفح، لجعل الجمهور المصرى يربط بين فتح معبر رفح ومقتل جنودهم، مشيرًا إلى أن هذه الأسباب كانت كفيلة.