قام أساتذة فرنسيون بجمع ما يقرب من 27 ألف توقيع في عريضة تطالب بإلغاء قاعدة التذكير والتأنيث في اللغة الفرنسية، باعتبارها تحيزًا ضد المرأة، وتعويضه بمبدأ الحياد في الاسم والصفة وفي أسماء الوظائف، التي ليس لها مؤنث في اللغة الفرنسية. تدعو الحملة، التي يقودها نحو 300 أستاذ، إلى إلغاء التذكير والتأنيث تماما بهدف التخلص من "سيطرة الفكر الذكوري على لغة موليير"، فلا تتبع الصفة الموصوف لا تذكيرًا ولا تأنيثًا، وتدعم هذا التوجه المؤرخة وأستاذة الأدب الفرنسي إليان فيينو، التي أصدرت كتابًا تقول فيه إن غلبة المذكر على المؤنث ليست أصيلة في اللغة الفرنسية، وإنما استحدثت في القرن السابع عشر، حيث إن قواعد اللغة الفرنسية قبل القرن السابع عشر كانت تقضي بأن تتبع الصفة الاسم الذي قبلها سواء كان مؤنثًا أم مذكرًا، والنصوص القديمة في الفرنسية تبين أيضًا وجود أسماء وظائف مؤنثة ألغيت أو أهملت بداية من القرن السابع عشر، لأن الذكور سيطروا على هذه الوظائف وأبعدوا عنها المرأة، مثل "سفيرة"، فأصبح الفرنسيون بمرور الوقت يقولون "السيدة السفير". ويأتي ذلك لأن الصفة في الفرنسية تتبع الموصوف في التأنيث والتذكير، فيكفي أن يكون بين عشرة نساء رجل واحد لتغلب صفة التذكير على المجموعة، مثلما هي الحال في اللغة العربية، ونقول في اللغة الفرنسية حقوق الرجل بمعنى حقوق الإنسان، لأن كلمة رجل تعني أيضا الإنسان، وهناك العديد من أسماء الوظائف التي ليس لها مؤنث في اللغة الفرنسية، وقد أدرجت في السنوات الأخيرة تغييرات في قواعد التأنيث والتذكير مخالفة لدعاة المساواة بين الجنسين، فتم الاتفاق على استخدام صيغ قاضية ووزيرة وأستاذة، التي كانت تستخدم لها صيغ مذكرة في اللغة الفرنسية، فنقول السيدة القاضية، وامرأة وزيرة، أو أستاذة. لكن هذا المنهج يقف أمامه عقبات كأداء لا تتعلق باللغة في الواقع، وإنما باستعمالات الناس لها، فبعض الأسماء في اللغة الفرنسية -مثلما الحال في اللغة العربية- إذا تحولت إلى المؤنث أصبح معناها مسيئًا ففي الفرنسية "متسابق" تُشير للرجل، أما "متسابقة" فيعني المرأة التي تجري وراء الرجال من أجل الجنس؛ كذلك القول إن هناك رجل "سهل" يعني أنه ليس صعب المزاج، بينما في الفرنسية وصف "سهلة" يعني أنها "رخيصة"؛ كما لا يوجد مؤنث لفظي لكلمة "مدرب" يؤدي معنى التدريب الرياضي، لأن مدربة تعني وظيفة أخرى وهي المرأة التي تستعمل في الحانات من أجل جذب الزبائن للشرب. في الوقت نفسه، فإن الأكاديمية الفرنسية، التي تعد المرجع الأعلى للغة الفرنسية في العالم، تعترض على إلغاء التذكير والتأنيث، وتعتبر الحملة "هجومًا على اللغة الفرنسية وهدمًا لقواعدها، يؤدي في النهاية إلى تفكيكها وجعلها صعبة التحصيل وغير مفهومة"؛ وفق ما صدر في بيان عنها حذرت فيه من أن "هذه الكتابة الجديدة تجعل اللغة الفرنسية مهددة بالموت والانحسار لأن هذه التعديلات تزيد من التعقيدات وصعوبة الفهم بالنسبة للأجيال القادمة وللشعوب الناطقة بالفرنسية عبر العالم". ووصل الجدل بشأن اللغة وتغيير قواعدها إلى مؤسسات الدولة الفرنسية، فأصدر رئيس الوزراء، إدوار فيليب، مذكرة تمنع إلغاء التذكير والتأنيث في المراسلات الرسمية، حسب ما جاء في وكالة الأنباء الفرنسية؛ وتقول المذكرة إن "صفة التذكير حيادية يمكن استعمالها لتشمل المرأة".