للسرد طريق وللشعر طريق وللمسرح وجهة أخرى تختلف عن السابق؛ هكذا يتم تصنيف الكتّاب المصريين الذين يطاردهم دائما شبح التصنيفات الأدبية بخلاف السائد بين كتاب أوروبا، فمن الصعب أن تجد روائيا هناك ليس له قصيدة شعرية؛ أو شاعر لم يكتب فى حياته مسرحية أو قصة أو مقال أدبي. تستطيع على سبيل المثال وليس الحصر أن تطلق بكل ثقة ودقة لقب شاعر على كل من فريد أبو سعدة وأحمد عبدالمعطى حجازي؛ ولقب قاص على كل من إبراهيم أصلان والمنسى قنديل؛ وكاتب مسرحى على كل من ميخائيل رومان وعلى سالم وأبوالعلا السلاموني؛ لكن لا تستطيع أن تجزم بأن الشاعر والكاتب المسرحى الكبير بهيج إسماعيل أنه شاعر ومسرحى فقط، رغم أنه كان من السهل الإجزام بذلك فى وقت سابق غير الآن، الآن، بعد أن فاجأ «بهيج» الجميع بكتابته لرواية جديدة يراهن عليها بقوة وقع عقدها منذ شهر مع دار العين للنشر والتوزيع، وسط تكتيم إعلامى شديد حتى يتسنى للدار تهيئة البروباجاندا، الخاصة بالإعلان عن ذلك الحدث باعتبار أن بهيج اقتحم عالم الرواية بعد ما يقرب من 40 عاما من المسرح. وفور تسرب شائعات عن الحدث؛ تواصلت «البوابة» مع «إسماعيل» الحاصل على جائزة التفوق فى الآداب؛ للتعرف على السر الذى يقف وراء تحوله المفاجئ؛ فيوضح: «أن الواقع أصبح أكثر دراما من المسرح ؛ بمفارقاته العديدة ومشاهده الدرامية للغاية؛ لكن الرواية أكثر اتساعا لاستقبال المفارقات تلك». ويضيف «بهيج» أن السبب الآخر هو ابتعاد التليفزيون عن المسرح؛ موضحا أنه فى السابق كان يتم تصوير المسرحيات وبثها عبر شاشة التليفزيون فيراها الملايين فى كل أنحاء الوطن العربي، أما الآن فأصبحت هذه المسرحيات لا يراه سوى عشرات المثقفين الذين اعتادوا الذهاب إلى المسارح التى تتمركز فى القاهرة. وبعد محاولات عديدة معه نجحنا فى اقتناص عنوان الرواية الجديدة من بين شفتى بهيج، الذى قال إن آخر عنوان استقر عليه هو «المنفى والملكوت» لكنه رفض الإفصاح عن حبكتها وقصتها مؤكدا أن الحبكات والأحداث ملقاة فى الطريق لكن المهم فى طريقة معالجتها. اتجاه بهيج إسماعيل للرواية بعد هذا العمر من الشعر والمسرح والتى كان منها أعمال اعتبرها النقاد تحفًا مسرحية خالدة، ك«الدخول بالملابس الرسمية» و«البرنسيسة» و«حلم يوسف» وغيرها؛ سيدفع البعض لاتهامه بأنه انحاز للرواية انصياعا للبروباجاندا التى تحيط بهذا النوع من الفن فى الوقت الحالى مرورا بالجوائز العديدة باهظة القيمة المادية وسطوة وسائل الإعلام ومبيعات دور النشر؛ لكنه رد بقسوة حول هذه التهم جميعا مؤكدا أنه لم يخطط إطلاقا لكتابة رواية لاقتناص جائزة عالية القيمة المالية رغم توقعاته بأن روايته من المرجح أن يصيبها الحظ فى الجوائز؛ ولا توجد أسباب أخرى سوى ما ذكره بشأن فوضوية أحداث العالم وتعقيداتها التى لم تجد منفذا إلا فى الرواية.