في دراسة نشرها مركز البحرين للدراسات والإعلام أكد فيها أن العالم العربي بحاجة إلى رجل دولة، وأن هذا المصطلح انتشر في الآونة الأخيرة كثيرًا، حتى أن كثيرين رأوا في انفسهم رجال دولة، في حين أن وضوح المصطلح وبساطته تجعل من الصعوبة بمكان على أي شخص واعى أن تختلط لديه الأمور أو ترتبك لديه الحسابات حينما ينظر الى السياسيين الذين يملأون الفضائيات وصفحات الجرائد والمنتديات والمؤتمرات، في حين أن المصطلح يشير ببساطة إلى أن رجل الدولة هو ذلك الزعيم السياسي الذى يحظى بتأييد جماهيري واسع، أو السياسي صاحب التأثير الكبير في رسم سياسة الدولة أو الحكومة في مرحلة من تاريخ الدولة، ليس هذا فحسب ولكن يتمتع بحنكة سياسية ومهارة عالية في إدارة شئون الدولة، ومن ثم فإن كل رجل دولة سياسي، وليس كل سياسي رجل دولة. وتؤكد معظم تعريفات الكلمة قدرته على طرح الحلول وقت الأزمات. وقد تتحكم العوامل المحيطة برجل الدولة وخاصة وضعية المجتمع، والموقع الجغرافي لبلده، والوضعية الدولية القريبة منه، والبعيدة.. ولكنه مع ذلك كله قد يستطيع ان يستفيد من هذه العوامل كلها ليقود مجتمعه الى التقدم محققا طموحات شعبه وتطلعاته في غد أكثر اشراقا. ولذا، فالعبرة هنا في مدى وعي رجل الدولة بالظروف العميقة التي تحيط به، ومدى ادراكه لقدراته الحقيقية، ومدى استطاعته لجذب من حوله للعمل في سبيل الأهداف التي يتصورها لمجتمعه.. فبقدر مدى الوعي بهذه العوامل بقدر ما يكون النجاح أو الفشل في قيادة المجتمع نحو التقدم ونحو تحقيق الاهداف الوطنية السليمة. إن اي انسان لا يستطيع ان يقول ان شخصية معينة تتصف بصفة واحده يمكنها قيادة مجتمع ما، لأن قيادة المجتمع ليست كقيادة جهاز كهربائي حديث، وإنما المجتمع خلية حية تتصارع فيه عوامل اقتصادية، واجتماعية، ودينية، وتتفاعل هذه العوامل في نفس الوقت لتولد طاقات انفعالية قد تكون مدمرة للمجتمع اذا لم يحسن قيادتها.. لهذا فإن قيادة المجتمع تحتاج الى يقظة فكرية، والى قدرة مادية ومعنوية. ومن هنا فإن رجل الدولة الكفؤ هو الشخص الذي يستطيع من خلال ملاحظته لهذه العوامل، ومن خلال معايشته للواقع، ورؤيته للعالم من حوله.. يستطيع من خلال ذلك كله ان ينتهز الفرص، ويصنع الخطط المرنة، وينظر الى الحاضر والمستقبل بنفس الأهمية. والأمثلة التاريخية عديدة على رجال الدولة، منهم تشرشل ومترنيخ وشارل ديجول ومحمد علي وغيرهم. أما في الوقت الراهن، وفى ظل ما يواجه الامة العربية من تحديات ومخاطر وصعوبات يظل البحث عن رجل الدولة امرا ضروريا بل فريضة وقتية تفرضها مقتضيات اللحظة وخطورتها، ولعل من حسن الطالع لدى بعض البلدان العربية أن يوجد بين أفراد شعبها من تتوافر فيه هذه الصفات فينقذ الشعب من السقوط في براثن الفتن والصراعات الداخلية ولعل ما قام به الفريق عبد الفتاح السيسي في مصر في يونيو 2013 يؤكد على دور رجل الدولة الذى يدرك مخاطر اللحظة وكيفية التعامل معها فانقذ مصر من الدخول في أتون حرب أهلية بسبب السياسات الغير رشيدة التي انتهجها الرئيس السابق محمد مرسى وجماعته. واذا ما نظرنا الى منطقة الخليج العربي، فيبرز دور الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء البحريني الذى قاد مملكته في لحظات فارقة في تاريخها واستطاع ان يمخر بسفينة الوطن في بحر لجي ليصل بها الى بر الامان، فانتقل بها من دولة واقعة تحت الاحتلال الإنجليزي الى دولة تضاهى بلدان العالم النامي في التقدم محققا لشعبه طموحه في الوصول الى مصاف الدول المتحضرة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ولعل من يطلع على التجربة البحرينية لا يستطيع ان يخفى انبهاره بما حققته المملكة بفضل حكومتها الرشيدة التي يقودها الامير خليفة بن سلمان في الوصول بها الى مصاف الدول المتقدمة رغم محدودية الموارد وندرتها ورغم التحديات والتهديدات التي تتعرض لها المملكة بسبب موقعها الجغرافي على خط المواجهات في منطقة ملتهبة بطبيعتها. وقد جاء قرار منتدى قيادة الاعمال الأسيوي بدبى بمنح الامير خليفة بن سلمان آل خليفة "جائزة رجل الدولة تقديرا له كأحد أبرز الشخصيات الدولية التي لعبت دورًا كبيرًا في نجاح قارة آسيا في تبوء المكانة الاقتصادية القوية فضلا عن دوره كرجل دولة من الطراز الفريد بما يمتلكه من قدرات ذاتية ومهارات شخصية وحنكة سياسية وسمات قيادية حققت انجازات مبتكرة في البحرين، ليؤكد على أن نموذج رجل الدولة في عالمنا العربي لا تتكرر كثيرا وربما نقتقدها الا من بعض رجالاتها ويظل نموذج الامير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء البحريني يمثل حالة فريدة تجتمع فيها كثير من السمات والخصائص نادرا ما تجتمع في مثله، فهنيئا للشعب البحريني بحكومته الرشيدة وبقيادته الحكيمة التي نجحت في الخروج من عنق الزجاجة التي حاول البعض ان يوقع فيها المملكة على مدار الاعوام الثلاثة الماضية إلا حنكة تلك الحكومة وفطنتها افشلت كل هذه المخططات.