القانون واضح بشأن منتحلي الصفات ويعاقب المخطئ على قدر الجريمة البابا تواضروس كلف المستشار القانونى للكنيسة بإعداد مشروع القانون «طالبت أكثر مرة من الدولة يسجيل الزى الكنسي، ولكن للأسف رفضت، وأنا ما زلت أطالب بتسجيل الزى الكهنوتى».. هكذا تحدث البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، فى حديث سابق ل «البوابة» وعدة مواقع، تسعى الكنيسة جاهدة لإدراج الزى الخاص بها واعتباره رسميًا لا يجوز ارتداؤه لغير السالكين درب الكهنوت. رغم المحاولات المتكررة للبطريرك الراحل شنودة الثالث فى تحقيق الهدف ذاته وحالت الظروف دون ذلك، يستكمل بابا الكنيسة الحالى مساعيه لوجود قانون يحظر استخدام ملابس الكهنوت لغير أهلها. جاء ذلك تحسبًا للعديد من الأمور، ولعل أبرزها استخدام واستغلال المشلوحين والمستبعدين من أروقة الكنيسة للملابس سواء فى جمع تبرعات من الأقباط أو لتحقيق أغراض خاصة قد تخالف كل الأعراف الدينية، لا سيما أن الرداء الكنسى غير معتمد ومجرّم استخدامه، مما يتيح المجال أمام الإرهابيين استخدام طريقة «الجزار» فى أحد المشاهد الشهيرة بفيلم «مافيا» حال ارتدائه زى كاهن لعبور بوابات التأمين وارتكاب عمل إرهابى واستهداف البابا- الراحل - يوحنا بولس الثاني. لم تفقد «الكنيسة القبطية» الأمل فى تقنين الزى الرسمى لقياداتها، رغم مطالبتها منذ عهد الرئيس السابق محمد حسنى مبارك، وحتى عهد الإخوان قدمت الكنيسة طلبًا للتقنين إلى حكومة هشام قنديل دون جدوي. مع تزايد أشكال النصب والاحتيال باسم الدين من مرتدى زي «رهبان وقسوس»، خرج من يجمع تبرعات على اعتبارها لترميم كنائس أو إصلاح أخري، أو لدعم أديرة تحتاج مساعدة أو تعضيد لأسر شهداء أقباط فى أحداث إرهابية وغيرها، مع تفاقم الأمر خرجت الكنيسة مرارًا ببيانات تحذر فيها من هؤلاء سواء مشلوحين يستغلون الزى أو أفراد دفعهم شيطانهم إلى حيلة الاسترزاق بالملابس المخصصة للكهنوت. لم يتوقف الأمر عند حد بينما تجاوز حدود العالم الافتراضى، واستغل البعض أسماء وصورا لقسوس عبر مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» لمحاولات استقطاب أو تغرير؛ مما دفع الراهب القمص يحنس السريانى لإصدار تحذيرات عبر حسابه الخاص من هذه الفخاخ، وقال: «متابعة لمسلسل النصب الإلكترونى والنصب وخطف البنات، حذرنا مرارا وتكرارا ليس كل ما ينشر على الفيس يصدق، ولا يجب نهائيا الشات والحكاوى والنصائح وطلب البركة والإرشاد على الفيس، إنها خصوصيات مكانها الكنيسة وليس الهباب بوك، استفيقوا وبلاش سذاجة». وعقب خطوات جادة من الدولة والقيادة السياسية بتحقيق طموحات المصريين ومعاملة الجميع سواء دفع الكنيسة لإعادة الكره مجددًا، وكلف البابا تواضروس الثاني، المستشار القانونى للكنيسة منصف سليمان، لإعداد مشروع قانون للزى الكنسى بدءا من رداء البطريرك وصولا إلى أصغر شماس بالكنيسة. وقالت مصادر كنسية ل«البوابة»، إن مشروع القانون الخاص بالزى الكنسى انتهى بالفعل المستشار منصف سليمان من إعداده وتسليمه للمقر الباباوي، ولا يزال حبيس الأدراج منتظرًا المناخ المتاح لطرحه مجددا. وقالت المصادر، إن الكنيسة القبطية تهدف إقرار واعتماد ملابسها والزى الخاص بالكهنة، كونها لتلافى المشكلات التى تظهر بين الحين والآخر من استغلال البعض للملابس فى أمور لا تمت بصلة للكنيسة. وأضافت المصادر، أن تجاهل القانون على مدى سنوات عجاف وعهود سابقة تتطلع الكنيسة إلى إقراره فى أقرب وقت، خاصة خلال الظروف الراهنة للبلاد مما يسهم فى ضبط الإيقاع الأمني، مشيرة إلى أهمية إقراره حفاظا على الأمن الداخلى وعدم تلك ثغرات أمام التيارات الإرهابية لعدم تقنينه واستغلاله فى أعمال يندى لها الجبين. المؤيدون: حماية للأمن القومى.. والمعارضون: قانون انتحال الصفة يكفى «متّى»: نتبنى تشريعًا يحظر ارتداء ملابس الكهنوت.. و«زاخر»: يسد الطريق على الإرهابيين والنصابين اختلفت الآراء حول إصدار تشريع لتجريم ارتداء الزى الكنسى لغير المنتمين للكهنة، على غرار الزى العسكري، ما بين مؤيد ومعارض، فالفريق المؤيد للقانون يرى أنه ضرورة ملحة لحماية الأمن العام، خاصة من الإرهابيين، إرهابيين أو مثيرى مشكلات أو نصب واحتيال، فيما يرى الفريق الآخر أنه ليست هناك حاجة لمثل هذا القانون باعتبار أن القانون يجرم انتحال الشخصية. مشروع قانون فى البداية، قالت النائبة إيفلين متى، عضو مجلس النواب، إن مشروع قانون تجريم ارتداء الزى الكنسى لغير المنتمين للسلك الدينى لم يصل مجلس النواب حتى الآن. وأضافت ل«البوابة»، أنه يجب تجريم استخدامه لغير المختصين نظرًا لاستغلال البعض للأمر وجمع تبرعات أو ربط بين شاب وفتاة، وإتمام زيجة غير مطابقة لقوانين الكنيسة ويجب أن يجرم على غرار الزى العسكري، وشددت عضو مجلس النواب على تبنى فكرة وجود قانون يحظر استخدام أو استغلال الملابس الكهنوتية لغير المحسوبين على السلك الدينى المسيحي. حماية الوطن أكد كمال زاخر، المفكر القبطي، منسق التيار العلماني، أنه ليست هناك نصوص بالكتاب المقدس تتحدث عن صورة للزى الكهنوتي، ولكنه منتج للضرورة، وحينما تحولت الكنيسة لمؤسسة ووظائف كهنوتية للخدمة استدعى الأمر تمييزهم عن عامة الشعب، والزى مأخوذ عن العهد القديمة والبيئة المحيطة. وأضاف الزى الكنسى كان متشابهًا بصورة كبيرة حتى مطلع القرن العشرين مع زى الفلاح المصرى والصور القديمة تشير لذلك، ولحين استقرار الأمر على صورة الزى الحالية، ومع تعقد المعيشة واستغلال الزى الكنسى من غير الكهنة، ظهرت مطالب بتقنينه حتى لا يستخدمه غير رجال الدين، وبات ضرورة لضبط العلاقات داخل المجتمع. وأضاف المفكر القبطي، أن تقنين الزى ضرورة ملحة حتى لا يدع مجالا لاستغلاله من قبل إرهابيين أو مثيرى مشكلات أو نصب واحتيال، فإنه أمر يصب فى الأمن القومي، ويغلق المجال أمام من يدعى اتباعه للكهنة والقيام بأعمال إرهابية، مشددا بأن الأمر ليس خاصا بحماية الكنيسة بينما حماية الوطن كاملًا. لا حاجة للتقنين يرى الأنبا أنطونيوس عزيز، أحد مطارنة الكنيسة الكاثوليكية، عدم الاحتياج لوجود قانون خاص لتقنين الزى الكهنوتي، فى ضوء وجود قانون يحظر انتحال الصفة ويعاقب المخطئين وفق قدر الجريمة. وقال الأنبا انطونيوس، إن موضوع الزى الكنسى يحتاج دراسة عميقة للتقاليد الموروثة، والقوانين الكنسية ولا يترك للآراء الشخصية، منوهًا بأن القانون واضح بشأن منتحلي الصفات ويعاقب المخطئ قدر الجريمة. متابعًا: «إنه لايحق لأحد ارتداء كاكولة وعمامة لغير الشيوخ الأزهريين، وأيضا الرداء الأسود معروف بأنه ملابس الكهنوت ولا يجوز ارتداؤها لغير أصحابها كالملابس العسكرية». قانون ل«مفيد شهاب» قال المستشار رمسيس النجار، محامى الكنيسة إبان عهد البابا شنودة الثالث، إنه سبق وأعد مشروع قانون لتسجيل الزى الكهنوتى بتكليف من البابا الراحل شنودة الثالث، فى أعقاب واقعة الراهب المشلوح، برسوم المحرقي، والذى اقترف إثما بعينه ونسب للكنيسة وهى منه براء. وأضاف، أن مشروع القانون كان يتضمن مواصفات الملابس الخاصة بكل الرتب الكهنوتية من البطريرك وحتى الشمامسة، وقدم آنذاك لوزير المجالس النيابية والشئون القانونية، مفيد شهاب، وفق تنسيق مع البابا شنودة الثالث. وتابع: «إنه رفع دعاوى قضائية بغرض تسجيل الزى الكهنوتي، وجاء رد القضاء بأن الملابس حرية شخصية كفلها الدستور، وليس هناك زى مسجل رسميا بالدولة سوى الشرطى والخاص بالقوات المسلحة، أما الأزياء الدينية فهى ذات طابع دينى ولا يمنع شخص من ارتدائها». وأكد أن انتحال الصفحة جريمة من خلال ادعاء الشخص صفة ليس من أهلها، ولو ارتدى إنسان زيا دينيا ولم يفصح عن نفسه كرجل دين فهو غير مسئول نظرًا لعدم تسجيل الزى الكهنوتى. وتابع: «إن الأمر يتيح للجميع ارتداء الملابس الكهنوتية أو غيرها دون مسألة، طالما لم يعلن عن نفسه حاملا للصفة الدينية، بينما روب المحاماة ووشاح القضاة مسجلان فى القوانين الخاصة بهما ولا يجوز استخدامهما إلا فى أروقة القضاء، منوها بأنه سعى كثيرا لتحقيق إقرار وتسجيل للزى الكنسى دون جدوى». الدكتور إكرام لمعي «الطربوش والقفطان» ل«الروم» و«العمامة والجلابية» ل«الأرثوذكس» قال القس الدكتور إكرام لمعي، رئيس مجلس الإعلام والنشر بالكنيسة الإنجيلية: «ليس هناك زى كهنوتى مسيحي، بينما هناك يهودي، والزى الذى يرتدونه الكهنة الأرثوذكس جاء بسبب الاضطهاد فى عصر الحاكم بأمر الله الذى فرض رداء أسود وصلبانًا حديدية بسلسلة كبيرة، ومن هنا عُرف الأقباط بما يسمى «العضمة الزرقاء» نظرًا لآثار السلسلة برقاب رجال الدين المسيحي». وأضاف ل«البوابة»، أن كهنة الكنيسة كانوا يرتدون الأبيض فقط خلال الصلوات داخل الهيكل، وهو المتبع حتى الآن، حتى أمر الحاكم برداء الكهنة ملابس سوداء، مشيرًا إلى أن رعاة الكنائس التقليدية استمروا فى لبس الرداء الأسود، واستبدلوا الصلبان الحديدية بأخرى خشبية أو بلاستيكية، مؤكدا وجود ضرورة لتقنين الزى الكهنوتى على غرار الملابس العسكرية، ما لا يدع مجالًا لاستغلاله، ويحاسب من يرتديه دون أحقية. وتابع: «على النواب الأقباط دور اتخاذ المبادرة باقتراح قانون لتقنين الزى الكنسى، حرصا على صورة الكنيسة». وقال الأنبا نقولا أنطونيو، مطران الروم الأرثوذكس بطنطا، المتحدث الرسمى لبطريركية الروم، إنه منذ دخول الدولة العثمانية وجدت طوائف كثيرة، ورأت بأن التفريق بينهما يكون بالرداء، وفرضت اللون الأسود على عموم الكهنة، وترجمت الكنيسة اللون الأسود بمنظور دينى بأنه يعنى موت عن العالم وخطاياه. وأضاف مطران الروم ل«البوابة»: «إن الدولة العثمانية جعلت لكل طائفة رداء مختلفًا، فغطاء لكاهن الروم الأرثوذكس يشبه «الطربوش» والرداء يشبه القفطان، وللأقباط الأرثوذكس يشبه «العمامة» والرداء يشبه الجلابية»، مؤكدًا أنه لا يوجد نصوص بالكتاب المقدس تفرض زيًا معينًا للكهنة، ولذا كانوا يرتدون أى ملابس قبل قرار الدولة العثمانية. وأشار إلى ضرورة تقنين الزى الكنسى، ولا يجوز استخدامه لغير أهله، مع مراعاة احتفاظ كل طائفة بالزى الكنسى الخاص بها ويميزها عن غيرها من الكنائس. وتابع: «قبولنا بفكرة تقنين وتجريم استخدام الزى الدينى لغير المعنيين يأتى لاستغلال بعض الكهنة المطرودين أو مشلوحين للزى كمصدر للاسترزاق منه وأكل العيش».