قال الباحث "ديفيد شينكر" بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى، إنه في العام 2006 اقترحت دراسة تقدم بها "مجموعة دراسة العراق"، والحاصلة على تفويض من الكونجرس الأمريكي، أن "جميع القضايا الرئيسية في المنطقة مترابطة بشكل معقد، وفي سبيل وقف التدهور في العراق، وتحقيق الأهداف الأمريكية في الشرق الأوسط، سيتعين على الولاياتالمتحدة العمل على حل الصراع العربي الإسرائيلي". وقال شينكر إن الاقتراح العراقي لم يحز على اهتمام الادارة الامريكية آنذاك، إلا أن مفهوم الترابط برز إلى السطح، لكنه عاد في سياق النووي الإيراني والحرب السورية، وأوضح أنه في لبنان تتزايد المخاوف من أن يؤدي توقيع إيران على اتفاق نووي إلى اعتراف الإدارة الأمريكية بالمصالح الإيرانية في سوريا، ما سيثبت من حكم نظام "بشار الأسد" في سوريا . وأوضح شينكر أن إيرانوسوريا مرتبطتان بقوة منذ ما يزيد على ثلاثة عقود، حيث تحالف النظام العلوي في دمشق والثيوقراطية الشيعية في طهران بشكل استراتيجي، وتمثل إيران اليوم الداعم الرئيسي لنظام الأسد، حيث توفر الأسلحة والمساعدة التقنية والقوات التي مكنت الأسد من قتال الثوار. وترى طهران أن بقاء نظام حليف لها في دمشق هو أولوية وحاجة مهمة بالنسبة لها، فسوريا تعد بوابة النفوذ الإيراني لدول المشرق العربي، فإذا ما تمت الإطاحة بالأسد، سيكون من المرجح أن يحل محله نظام سني معادٍ لإيران، يعمل على قطع خط الإمدادات الرئيسي بين طهران وحزب الله الشيعية التابعة لها في لبنان. وعلى الرغم من انه لا توجد أي مؤشرات رسمية، حتى اليوم، على أن البيت الأبيض غيّر موقفه من سوريا، واعلان وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" الشهر الماضي، بأن الولاياتالمتحدة "ترى أن الأسد فقد أي شرعية لحكم سوريا ويجب عليه الرحيل"، إلا أن التصريحات القوية للإدارة الأمريكية بشأن سوريا لم تعد تمنح الثقة في المنطقة، بسبب التراجع الأمريكي عن الرد العسكري على هجوم نظام الأسد بالأسلحة الكيميائية في 21 أغسطس الماضي، والتنديد الأمريكي بتزويد المعارضة السورية بالأسلحة، هذا بالاضافة الى تقارير عديدة تشير الى إمداد الإدارة الأمريكية لحزب الله بمعلومات استخباراتية لحماية المنظمة من الهجمات، ومشهد المصالحة المزعومة بين الولاياتالمتحدةوطهران، كل هذا أثر سلبا على مصداقية الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط. ويتعزز اليوم إيمان الطائفة السنية في لبنان وفي أماكن إقليمية أخرى ممن يدعمون الثورة في سوريا، بأن إدارة أوباما لم تعد ملتزمة بإسقاط نظام الأسد، خاصة وأنهم يعلمون أنه بسبب المعارضة الإسلامية المسلحة في سوريا، فإن أمريكا "تفضل الشيطان الذي تعرفه في دمشق، على البديل غير المعروف، والذي من المحتمل أن يكون منتسباً ل تنظيم القاعدة" . من جهة أخرى، تبرز مؤشرات أولية لقبول الغرب لدور دبلوماسي إيراني في الأزمة السورية، بعد ما كان معارضا بشدة لمثل هذا التدخل، كما أفادت العديد من التقارير بأن الإدارة الأمريكية كانت تبحث منذ فترة في كيفية إقامة شراكة مع إيران لإنهاء الحرب في سوريا. لا يزال السنة في الشرق الأوسط قلقون من أنه إذا ما تم ربط القضية النووية الإيرانية بالأزمة السورية فإن ذلك سيمثل عودة إلى عام 1991، عندما تم التنازل ضمنيا عن لبنان لصالح سوريا، في مقابل مشاركة الرئيس السوري في ذلك الحين حافظ الأسد في حرب الخليج الأولى، وفي هذه الحالة، سيتم تسليم سوريالإيران، ففي ضوء سياسة الإدارة الأمريكية الغامضة بشأن سوريا، هناك احتمال أنه لو وجدت إيران نفسها على المائدة في جنيف، فإنه قد يتم تقديم سورياولبنان كوجبة رئيسية.