أفردت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية ، تقريرا لها يناقش الحرب في سوريا ومخاطرها على حلفاء دمشق ودول المجاورة لها وتأثيرها على المنطقة . وقد أوردت الصحيفة على موقعها الإلكتروني اليوم /الخميس/ أنه مع بذل إيران - الحليف الإقليمي المقرب من سوريا - كل ما بوسعها لمنع سقوط الرئيس السوري بشار الأسد ، حذر الزعيم الإيراني علي خامنئي من أن نيران الحرب سوف تعم الشرق الأوسط بالكامل إذا ما قامت أمريكا بضرب سوريا . ولفتت الصحيفة إلى أن إيران تنظر إلى الحرب في سوريا على أنها ضرورية جدا لمصالحها الخاصة ، وترى في الصراع على أنه حرب بالوكالة لمنع انتشار نفوذ الولاياتالمتحدة "المتعجرف" في المنطقة . وأضافت الصحيفة أن مسئولين إيرانيين رفيعي المستوى يعتبرون أن سوريا المركز الذى لا غنى عنه في "محور المقاومة" الذي تقوده إيران في مواجهة النفوذ الأمريكي والإسرائيلي في الشرق الأوسط ، والجسر الاستراتيجي الرئيسي الذي خدم لمدة ثلاثة عقود كحلقة وصل مع خط المواجهة مع إسرائيل ، وكقناة لتسليح ودعم حزب الله والجماعات الفلسطينية المسلحة. وأشارت الصحيفة إلى أن المخاطر لإيران لا يمكن أن تكون أكبر في سوريا ، حيث أن إيران تشعر أنها تشارك في معركة بالوكالة ضد ما تسميه " الاستكبار العالمي " ، وذلك عن طريق نشر مستشارين عسكريين والسماح لحزب الله بالحرب نيابة عن الأسد ضد المتمردين المدعومين من الولاياتالمتحدة . وذكرت الصحيفة أن أفضل نتيجة لطهران هي انتصار الأسد ، المر الذي يضمن لإيران أن تحتفظ بمعبر لها إلى العالم العربي وحلفائها في القتال وأسوأ نتيجة بالنسبة لإيران هو أن تخسر الرهان على الأسد ، وذلك سواء إن كان بإسقاط النظام من قبل المتمردين المدعومة من الولاياتالمتحدة أو من قبل المقاتلين الإسلاميين الجهاديين في جانب المتمردين، الذين يحتقرون إيرانوالولاياتالمتحدة على حد سواء. وتابعت الصحيفة أن التشبث بسوريا قد خلق معضلات سياسة لإيران ، حيث أنها استبعدت هذه الانتفاضة الشعبية بوصفها ليست جزءا من "الربيع العربي" الذي أسقطت الطغاة في تونس ومصر وليبيا ، ولكن بدلا من ذلك بوصفها معركة ضد الإرهاب. وتناولت الصحيفة أيضا مشكلة مزاعم استخدام الأسد للأسلحة الكيميائية مرارا وتكرارا ضد شعبه. وتعارض إيران بشدة إلى استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل أي طرف، وهي سياسة نابعة من الوقوع ضحية للضربات الكيماوية العراقية في ثمانينيات القرن الماضي . كما تناولت الصحيفة المخاطر التي تمثلها الحرب لحليف آخر لدمشق وهو الدب الروسي ، حيث ذكرت أن الأمر بالنسبة لروسيا ، هو أن سوريا بشار الأسد هي آخر حليف متبقي لها في العالم العربي ، وتخشى أنه في حال سقوط الأسد أن تنتشر الفوضى في المنطقة بأسرها. لقد كانت سوريا أحد عملاء موسكو على مدى 40 عاما، وأنها الشريك الأكثر شراكه مع روسيا في العالم العربي ، وعلى هذه الأسس وحدها ، كان لابد لموسكو أن تنظر لبشار الأسد على أنه الزعيم الشرعي لسوريا ، وأن المتمردين الذين ظهروا ضده قبل أكثر من عامين لا يتمتعون بالشرعية ، ومع ذلك ، موسكو لديها مجموعة واسعة من الأسباب لدعم الرئيس الأسد وأن تعارض بشدة أي تدخل خارجي لعزله ، أبعد من مجرد حماية حليف مؤسس أو مشتري للأسلحة.. كما أن روسيا كدولة لديها تجربة مريرة مع الثورات، آمال متقطعة وعقود من المعاناة ، روسيا اليوم هو مجتمع شديد المحافظة ولديه وجهة نظر قاتمة من الحماسة الثورية أينما تندلع . ولفتت الصحيفة إلى أن روسيا كقوة عظمى سابقة ، تدرك تماما كيف تضاءلت قوتها الخاصة،كما أن روسيا تشتبه وتتخوف كلما تجلب الولاياتالمتحدة تفوقها العسكري في اللعبة . كما أضافت الصحيفة أن الكرملين قد حذر من "عواقب كارثية " بالنسبة لسوريا والشرق الأوسط إذا تدخلت الولاياتالمتحدة من جانب واحد .. وقالت روسيا مرارا أنها ليست متشبثة بالأسد، ولكن تريد أن ترى أن عملية السلام بين النظام والمتمردين أن تتم بالشكل التفاوضي على "مرحلة انتقالية" بينهما ، وبالتالي فإنها تفضل نسخة من النظام الحالي من أجل البقاء، روسيا الصديقة والعلمانية، إن لم يكن بالضرورة الديمقراطية. وأشارت الصحيفة إلى أن أحد الجوانب الهامة للسياسة الروسية، التي تتلقى اهتماما قليلا جدا، هو أن الكنيسة الأرثوذكسية الروسية القوية تعتبر نفسها حامية المسيحيين في سوريا ، الكرملين يستمع إلى الكنيسة ، وعلى الأقل بعض من دعمها للأسد ويعتمد على الحفاظ على الحكومة لحماية الأقليات. وتابعت الصحيفة سرد المخاطر التي تمثلها الحرب في سوريا على دول الجوار مشيرة إلى أن إسرائيل تنظر بقلق عميق إلى الحرب في سوريا. ولكن لديها بعض من الخيارات السياسة الجيدة ، وأن الدولة اليهودية تخشى من أن هزيمة الأسد ومن انتصاره على حد سواء. وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من أن سوريا كانت من الناحية الفنية في حالة حرب مع إسرائيل منذ عقود ، وضغطت طويلا لاستعادة مرتفعات الجولان التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967، إلا أن حكومة الرئيس بشار الأسد كانت لفترة طويلة أكثر الجبهات هدوءا وأقلها عداء تجاه إسرائيل. وعلى الصعيد ذاته ذكرت الصحيفة أن مخاطر الحرب في سوريا قد تمتد ايضا إلى لبنان التي تعتبر واحدة من دول الجوار المباشر الخمس لسوريا ، والتي من المحتمل أن تكون أكثر تأثرا بتداعيات عامين من الثورة والتي تحولت إلى حرب أهلية طائفية مريرة. ولفتت الصحيفة أن الحكومة اللبناني الحالية - التي تعمل كحكومة تسيير أعمال منذ استقالتها لحين تشكيل حكومة جديدة - قد تبنت موقفا حياديا تجاه الحرب في سوريا ، ولكن اللبنانيين انفسهم انقسموا بعمق بين مؤيد ومعارض لنظام الرئيس السوري بشار الأسد . وأضافت أن هذا الانقسام سقط في منحدر حاد- كمرآة للصراع في سوريا- بين الشيعة بقيادة حزب الله المدعوم من إيران والذين يؤيدون الأسد وبين الغالبية السنية الذين يوالون أقرانهم في سوريا الذين يمثلون المعارضة. وتعتبر لبنان هي التابع الأضعف لجارتها الأقوى سوريا وأن لبنان لا تمارس أي تأثير مباشر فيما يتعلق بالتطورات خارج أراضيها . ومع ذلك ، فإن اللاعبين فيما يشبه الدولة داخل لبنان يلعبون أدوارا في سوريا ، وتحديدا حزب الله، والذي أرسل عدة آلاف من المقاتلين لمساعدة نظام الأسد في هزيمة الثوار، كما أن اللبنانيين السنة لديهم متطوعين يقاتلون إلى جانب الثوار أو يدعمونهم عبر قواعد لوجيستية من داخل لبنان. وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أنه من الصعب تصور النتيجة المثالية بالنسبة للبنان إذا ما انتصر أحد طرفي الصراع في سوريا ، حيث أنه إذا ما انتصر الأسد فإنه سيتشبث بالسلطة ويقلص التهديد المتمثل في المعارضة ، وسيبقى حزب الله قويا في لبنان وسيستمر التحالف العابر للأقاليم بين الجماعة الشيعية وداعميها في دمشق وطهران. وتابعت أن مثل هذا السيناريو سيعمق من الظلم الواقع على السنة في لبنان وسيخلف جدالا محلي مستمر بدون حل حول وضع حزب الله في لبنان. وتناولت الصحيفة الجارة الأخرى المتضررة من الحرب في سوريا وهي المملكة الأردنية الهاشمية والتي تعرضت لطوفان من اللاجئين السوريين بعد اندلاع الحرب الأهلية هناك .. حيث وصل إليها حوالي نصف مليون لاجئ كما لحقتها أضرار اقتصادية ، وقد حذرت المملكة انه لم يكن هناك اهتمام بالأمر فإن الوضع سيكون أسوأ. ونقلت الصحيفة عن ديفيد شينكر المتابع بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى والمستشار السابق للبنتاجون للشرق الأوسط " انه ليس هناك نتيجة جيدة في سوريا بالنسبة للأردن ". ولفتت الصحيفة على أن الدولتين عاشتا في صراع سياسي لعقود بشأن السيطرة الإقليمية ، وبشكل شخصي بين زعيمي الدولتين ، وحربا باردة بينهما. وأضافت إلى انه بجانب مشكلة اللاجئين فإن هناك مشكلة الجهاديين التي باتت تؤرق الأردن ، حيث ينتقل عبر حدودها مئات من الجهاديين.. الأمر الذي لا يسمح للملك عبد الله الثاني عاهل الأردن بضمان الأمن عبر الحدود ... كما أفقده العامل الأكبر في حكمه.